إدلب – أنس الخولي
يعاني السكان في إدلب من ارتفاع أجور الدلالة العقارية التي يتقاضاها أصحاب المكاتب عن كل عقد يبرمونه، سواء كان عقد بيع أو إيجار أو شراء عقار.
في المقابل، يشتكي أصحاب المكاتب العقارية من عمل أشخاص في المهنة دون امتلاك الخبرة أو التراخيص اللازمة، ما يؤثر بشكل سلبي على المهنة، ويطالبون بتنظيم القطاع لتفادي وقوع المواطنين في فخ الاحتيال.
لا ضوابط
لا توجد في إدلب ضوابط لتحديد بدلات إيجار المنازل، وأجور المكاتب العقارية، إذ يتم تحديد بدلات الإيجار بناء على إرادة صاحب المنزل، واستشارة المكتب العقاري، الذي يرغب برفع الأجور لتحصيل أجر أعلى.
وتصل إيجارات المنازل في الأحياء القديمة بإدلب إلى 50 دولارًا أمريكيًا (1700 ليرة تركية) تقريبًا، أما في الأحياء ذات الأبنية الحديثة فتصل إيجارات المنازل إلى 100 دولار أمريكي، وهي أرقام تقريبية تزداد تبعًا للمساحة والمنطقة.
وتبلغ أجرة الدلالة 50% من بدل الإيجار لمدة شهر، ويدفعها المستأجر بداية عقد الإيجار، الذي تبلغ مدته ستة أشهر.
صاحب مكتب “سرمين” العقاري، فادي قدحنون، قال لعنب بلدي، إن بعض أصحاب المكاتب العقارية يستغلون حاجة المواطنين، ويرفعون بدلات إيجار المنازل، خاصة في ظل أزمة النزوح الحالية على خلفية التصعيد العسكري في المنطقة.
وأوضح فادي أن أصحاب المكاتب طالبوا وزارة الإدارة المحلية والجهات المسؤولة بالتعاون على تشكيل كيان يجمع أصحاب المكاتب العقارية، وينظم المهنة، ويحدد حقوق وواجبات أصحاب المكاتب، وأجور المكاتب بما يتوافق مع حالة المواطنين الاقتصادية.
استغلال للمهنة.. الاحتيال وارد
يمارس مهنة الدلالة في إدلب عدة أشخاص لا يملكون خبرة أو رخصة للعمل بـ”السمسرة” العقارية، وينشطون عبر قنوات التواصل الاجتماعي لنشر المعلومات عن العقارات، وبالتالي تأمين زبائن، الأمر الذي يزعج أصحاب المكاتب العقارية، ويثير المشكلات العديدة بين أصحاب العقارات والزبائن.
عبد الواحد الويس من شركة “الضاحية العقارية” في منطقة كفر تخاريم شمالي إدلب، قال لعنب بلدي، إن عدة أشخاص لا يملكون الخبرة يستغلون حاجة العائلات التي تبحث عن عقار للإيجار أو الشراء، ما يؤدي إلى وقوع المواطنين في فخ الاحتيال.
ويرى عبد الواحد أنه لا بد من وجود جهة تحدد ضوابط المهنة وتنظّمها، وتتعاون مع الجهات المسؤولة لفرض عقوبات على العاملين دون الرخص اللازمة.
من جانبه، قال محمد ديب عوض، وهو صاحب مكتب “المختار” العقاري في أريحا، إن العاملين بهذه المهنة دون تراخيص كثيرون، وبعضهم لديهم أختام مزوّرة، ويعملون بشكل علني دون أي محاسبة أو رقابة، مشيرًا إلى أنه قدّم عدة شكاوى وحضر اجتماعات مع الوزارة دون أي نتائج ملموسة.
وتفترض مهنة الوساطة العقارية من العامل في هذا المجال، أن يتثبت من ملكية صاحب العقار قبل عرضه للبيع أو الإيجار، والتأكد من أن السعر المطلوب يتوافق مع سعر المثل في المنطقة، ما يحمي الزبائن من الغبن والاحتيال.
ويقصد المواطنون المكاتب العقارية عادة ليس فقط من أجل إيجاد العقار المناسب لهم، إنما للاستفادة من خبرة أصحاب المكاتب، وأخذ نصائحهم وتجنب الوقوع بالاحتيال.
وعود بتأسيس جمعية للوساطة
مؤخرًا، عقدت وزارة الإدارة المحلية والخدمات التابعة لحكومة “الإنقاذ” في إدلب اجتماعات مع العديد من أصحاب المكاتب والشركات العقارية ورؤساء البلديات، بهدف تشكيل جميعة حرفية للوساطة العقارية.
مدير مكتب وزير الإدارة المحلية، أحمد سندة، قال لعنب بلدي، إن الاجتماعات التي عقدتها الوزارة تهدف لمناقشة متطلبات وتحديات مهنة الوساطة العقارية، والاستماع إلى مشكلات أصحاب المكاتب، والتعاون لتنظيم المهنة بشكل يضمن حقوق جميع الأطراف.
وأوضح سندة أن المكاتب العقارية تتقاضى أجورًا غير ثابتة تختلف من مكتب لآخر، ما يؤدي إلى رفع بدلات إيجار المنازل، وتوليد إشكاليات عن بعض العقود التي تبرمها المكاتب العقارية، ما يتطلب وجود جهة تدافع عن حقوق أصحاب المكاتب العقارية.
وذكر سندة أن الوزارة بالتعاون مع أصحاب المكاتب العقارية تسعى لتشكيل جميعة حرفية تنظم هذه المهنة، وتحدد أجور أصحاب المكاتب العقارية وضوابط العمل، وتساعد في حل الإشكالات المتكررة.
وتحتاج العقود التي يتم تنظيمها من قبل أصحاب المكاتب في الوقت الحالي إلى التصديق عليها من قبل الكاتب العدل حتى تكتسب القوة التنفيذية، وفق سندة، مشيرًا إلى أن الجمعية الحرفية ستلعب دورًا بارزًا في امتلاك المكاتب العقارية الأدوات اللازمة، لتكون العقود الصادرة تنفيذية دون الحاجة للتصديق من الكاتب العدل في المستقبل.
وأضاف أحمد سندة أن التعاون بين الوزارة والجمعية سيحد من معاناة المواطنين، من خلال تخفيف بعض الإجراءات اللازمة لإتمام العقود، والموازنة بين مراعاة احتياجات المواطنين ومصالح المكاتب العقارية.
ولفت إلى أن الوزارة تعمل على توسعة المخططات التنظيمية للمدن والبلدات، وتخفيف إجراءات التراخيص للإسهام في تخفيض أسعار المنازل وبدلات الإيجار في المنطقة.
عرض وطلب
ترتبط أسعار المنازل وبدلات الإيجار في المنطقة بشكل أساسي بقانون العرض والطلب، دون النظر إلى الحالة الاقتصادية للمواطنين، ودون وجود أي ضوابط لحمايتهم في الوقت الحالي، ما يسهم في استغلال أصحاب المنازل لحاجة المواطنين ورفع الإيجارات.
ويعد البحث عن مكان للسكن أزمة متجددة في مدينة إدلب، بعد أن صارت حاضنة لنازحين ومهجرين من معظم المدن والبلدات السورية، كما زادت إيجارات العقارات 70% خلال العام الحالي مقارنة بعام 2023.
وفي شباط 2022 أصدرت “الإنقاذ” قرارًا لضبط إجراءات التعاقد وعقود إيجار العقارات في مناطق سيطرتها، تضمّن توثيق عقود الإيجار في دائرة الكاتب العدل في “الإنقاذ”، واعتبار هذه الوثيقة سندًا تنفيذيًا في جميع المحاكم.
كما تضمّن تحديد مدة عقد إيجار العقار بسنة واحدة، مع قابلية التجديد بالتراضي، وتحديد بدل الإيجار بالدولار الأمريكي أو الليرة التركية فقط، وإجراءات أخرى تتعلق بعمولة أصحاب المكاتب، وعدم استخدام نماذج أخرى لإبرام العقود.
يسكن شمال غربي سوريا 5.1 مليون شخص، منهم 4.2 مليون بحاجة إلى مساعدة، و3.4 مليون منهم يعانون انعدام الأمن الغذائي، 3.4 مليون منهم نازحون داخليًا، ومليونان يعيشون في المخيمات، وفق الأمم المتحدة، في حين تتحدث إحصائيات محلية عن 5.5 إلى 6 ملايين شخص.