تضطر دعاء (26 عامًا) للعمل في ورشة بالقطاع الزراعي بسبب ضيق الأحوال المعيشية، فليس هناك من يساعدها من الناحية الاقتصادية بعد وفاة والديها، وتتقاسم مع أختها التي تعمل في محل تجاري هذه الأعباء.
دعاء (تقيم في ريف حمص) قالت لعنب بلدي إنها تعمل في مختلف فصول السنة، رغم الظروف القاسية في بعض فترات الصيف والشتاء، فما تجنيه بالكاد يكفيها سداد حاجتها من طعام ولباس.
تنضم دعاء إلى مجموعة من العاملات في ورش زراعية، لجني المحاصيل أو العمل على الاعتناء بالخضروات، خلال الموسم.
“أم ماهر” (68 عامًا)، تنظم أعمال ورشة زراعية بريف حمص، وقالت إن العاملات لديها غالبًا يعملن إلى حدود عشر ساعات يوميًا، والأجور متدنية لا تتجاوز سبعة آلاف ليرة سورية (نصف دولار أمريكي تقريبًا) في أعمال إزالة الأعشاب الضارة، وتصل إلى عشرة آلاف ليرة عند الحصاد، و15 ليرة في قطاف الزيتون.
وبذلك تتراوح أجرة العاملة يوميًا في أحسن الأحوال بين 5 إلى 10 دولارات، في حال عملت لمدة عشر ساعات.
ولكن العمل مرتبط بموعد زراعة المحاصيل وقطافها، أي أنه يمكن أن يكون متقطعًا ولا يمكن الاعتماد عليه فقط.
وذكرت “أم ماهر” لعنب بلدي أن لديها 20 عاملة في ورشتها، يزداد عددهن وينقص حسب ظروفهن، فالعديد منهن تركن العمل بعد الزواج.
عمل دون حماية قانونية
تحاول حنان (29 عامًا)، وهي أم لثلاثة أطفال، أن تساعد زوجها في تأمين مصاريف المنزل ومستلزمات المعيشة من خلال عملها في الأراضي الزراعية.
قالت حنان، لعنب بلدي، إنها تضطر لترك أطفالها عند جدتهم أو جارتها، وأحيانًا تتركهم وحدهم في المنزل، وفي حال مرض أحدهم تتوقف عن العمل حتى يشفى.
أكدت العاملات في القطاع الزراعي بريف حمص اللاتي تواصلت معهن عنب بلدي أنهن لا يتلقين مساعدات أو يحصلن على رعاية أو تأمين صحي، كما أنهن يتعرضن للاستغلال والتحرش من بعض أصحاب المزارع.
ولحل هذه المشكلة تخبر العاملات صاحبة الورشة، التي بدورها تتوقف أحيانًا عن العمل في حال لم يتوقف صاحب المزرعة عن الانتهاكات بحق الفتيات.
أغلب القوى العاملة في القطاع الزراعي غير مسجلة في اتحادات العمال، وليس لديهم أي شكل من أشكال التأمين والتكافل، وتشكل النساء والأطفال نسبة كبيرة من العمالة الزراعية خصوصًا في قطاف الزيتون والأشجار المثمرة وعمليات إزالة الأعشاب الضارة والحصاد.
ولا تملك العاملات في القطاع الزراعي أي شكل من أشكال الحماية القانونية في حال تعرضهن لإصابة، أو عدم دفع أجورهن أو خصم أجزاء منها، فهن يعملن دون عقود ويجهلن حقوقهن القانونية.
ماذا يقول القانون؟
المرسوم “رقم 134” لعام 1958، نظم العلاقة بين أصحاب الأرض والمزارعين وعمال الزراعة، وعرف العامل الزراعي بأنّه كل رجل أو امرأة أو مراهق يعمل في عمل زراعي لقاء أجر لدى صاحب عمل زراعي أو مزارع تحت سلطته المباشرة، أو بعيدًا عن نظارته بموجب عقد خاص أو مشترك أو عام شفهيًا كان أم كتابيًا.
وحدد المرسوم أجرة العامل الزراعي بحيث لا تقل عن حد أدنى يؤمن له النفقات الأساسية للعيش ويساعده على مجابهة متطلبات الحياة.
وبحسب المرسوم، يغرم أصحاب العمل ووكلاؤهم الذين يثبت أنهم أعطوا أجورًا تقل عن الحد الأدنى المقرر بغرامة تتراوح بين 50 و200 ليرة سورية عن كل مخالفة وفي حال التكرار تضاعف العقوبة.
هذه العقوبة حاليًا متدنية جدًا، فالدولار الأمريكي يعادل 14750 ليرة سورية، وفق موقع “الليرة اليوم” المتخصص بأسعار العملات.
ويخضع أيضًا العمال الزراعيون لقانون تنظيم العلاقات الزراعية “رقم 12” لعام 2011، الذي يمنع تشغيل الأحداث في الأعمال الزراعية (من لم يتجاوز 15 سنة من العمر) قبل موافقة ذويهم الخطية.
كما بين القانون أنّ للعامل المتعاقد لمدة غير محددة، أو الذي عمل لدى صاحب العمل لمدة ستة أشهر أو أكثر، عندما يثبت مرضًا رسميًا من طبيب معتمد، الحق في أجر يعادل 70% من أجره عن الـ90 يومًا التالية، تزداد بعدها إلى 80% وذلك خلال السنة الواحدة.
ولا يجوز لصاحب العمل أن يسرح عماله أو ينذرهم بالتسريح خلال مدة الإجازات المرضية.