قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش“، إن اللاجئين السوريين العائدين من لبنان يواجهون مخاطر القمع والاعتقال على يد قوات النظام السوري عند عودتهم.
وذكرت المنظمة الحقوقية في تقرير اليوم، الأربعاء 30 من تشرين الأول، أن السوريين الفارين من لبنان، وخصوصًا الرجال، يواجهون خطر الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب والوفاة خلال الاحتجاز في سجون النظام، مشيرة إلى أنها وثقت اعتقال أربعة أشخاص عائدين من لبنان عقب بدء التصعيد الإسرائيلي نهاية أيلول الماضي.
من الاعتقالات الأربعة الأخيرة التي وثقتها “هيومن رايتس ووتش”، في تشرين الأول الحالي، وقعت حالتا اعتقال عند معبر “الدبوسية” الحدودي بين شمال لبنان وحمص، بينما اعتُقل شخصان عند حاجز للنظام بين حلب وإدلب.
قال أقارب المعتقلين، إن جهاز “المخابرات العسكرية” هو من نفذ جميع الاعتقالات، دون تقديم أي معلومات إلى العائلات حول أسباب الاعتقالات أو مكان احتجاز المعتقلين.
في إحدى الحالات، قالت امرأة سورية إنها فرّت من لبنان مع أطفالها وزوجها الذي أنهى مسبقًا الخدمة العسكرية الإلزامية، ودخلت العائلة إلى سوريا عبر معبر “الدبوسية” الحدودي في حمص، حيث اعتقلت المخابرات العسكرية زوجها فورًا.
وقالت زوجة المعتقل لـ”هيومن رايتس ووتش”، “قالوا لي: امضي في طريقك سيبقى هو معنا”، انتظرت الزوجة خمس ساعات، متوسلة للحصول على معلومات من دون جدوى، وتعيش حاليًا في مكان مكتظ مع عائلتها في سوريا، دون أي فكرة عن مكان زوجها بينما تعاني لإعالة أطفالها.
وأضافت الزوجة، “أتمنى لو بقينا تحت الصواريخ في لبنان بدل تعرضنا لهذا”، مشيرة إلى أن أملها الوحيد هو إطلاق سراح زوجها.
في السياق ذاته، قال آدم كوغل، نائب مديرة الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش”، إن الوفيات المريبة للعائدين في أثناء احتجازهم تسلّط الضوء على الخطر المتمثل في الاحتجاز التعسفي والانتهاكات والاضطهاد بحق الفارين من لبنان، والحاجة الملحة إلى مراقبة فعالة للانتهاكات الحقوقية التي يرتكبها النظام السوري.
وذكرت المنظمة أن مراكز الإيواء في لبنان تمنح الأولوية للنازحين اللبنانيين والفلسطينيين مع منع دخول السوريين إليها، وأن بعض أصحاب المساكن طردوا مستأجريهم السوريين لإفساح المجال للنازحين اللبنانيين، وبالتالي عاش السوريون في لبنان في بيئة قسرية، مصممة لإجبارهم على التفكير في العودة إلى سوريا.
وتعليقًا على ذلك قال كوغل، إن سوريا ليست آمنة للعودة، لكن المخاطر المتصاعدة في لبنان تجعل العديد من السوريين بلا مكان آخر يذهبون إليه، ما يعني أن “عودتهم ليست علامة على تحسن الظروف في سوريا، بل هي حقيقة مفادها أنهم محرومون من البدائل الأكثر أمنًا ويجبرون على العودة إلى بلد لا يزالون يواجهون فيه مخاطر الاعتقال والانتهاكات والموت”.
اقرأ المزيد: النظام اعتقل 26 سوريًا عادوا من لبنان
كانت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” أصدرت تقريرًا، الثلاثاء 29 من تشرين الأول، وثقت فيه اعتقال ما لا يقل عن 26 سوريًا عائدًا من لبنان، بينهم امرأة على يد قوات النظام السوري عبر المنافذ الحدودية البرية.
وقالت “الشبكة” في تقريرها، إن أحد المعتقلين توفي تحت التعذيب في أحد مراكز الاحتجاز التي يديرها النظام السوري خلال الفترة الممتدة بين 23 من أيلول الماضي و25 من تشرين الأول الحالي.
يقف اللاجئون أمام معضلة بين انعدام الأمان والموارد في لبنان، وغياب الضمانات الأمنية لدى عودتهم إلى سوريا، ما يدفعهم إلى اتخاذ قرارات صعبة تزيد من معاناتهم وتفاقم المأساة الإنسانية، وفق “الشبكة السورية”.
تشهد الحدود اللبنانية- السورية حركة عبور من السوريين واللبنانيين تجاه الأراضي السورية بعد التصعيد العسكري الإسرائيلي في لبنان.
وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، إن عدد النازحين من لبنان إلى سوريا وصل إلى حوالي 440 ألف شخص حتى 27 من تشرين الأول الحالي.
من جهتها، قالت وكالة “نوفوستي” الروسية، في 21 من تشرين الأول الحالي، نقلًا عن مصدر في إدارة الهجرة والجوازات السورية، إن عدد النازحين من لبنان إلى سوريا بلغ 395.485 شخصًا، بينهم 124.450 نازحًا لبنانيًا، و271.035 سوريًا، بين 22 من أيلول و18 من تشرين الأول الحالي.
ترتبط لبنان مع سوريا بستة منافذ برية، وتعتبر الدولة الوحيدة التي لها حدود برية مع لبنان، عدا الحدود مع فلسطين المحتلة، المشتعلة بسبب التصعيد الإسرائيلي، ولا توجد فيها معابر لدخول وخروج المواطنين.
موجات النزوح إلى سوريا تتزامن مع استمرار إسرائيل بقصف المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان.