عنب بلدي – وكالات
أثارت تسريبات نشرتها صحيفة الحياة اللندنية، حول مصير رئيس النظام السوري، بشار الأسد، والاتفاق بين روسيا والولايات المتحدة على رحيله إلى دولة ثالثة، ردود فعل موسكو، الحليف الأبرز للنظام السوري، والتي سارعت لنفي هذا الاتفاق، ونقلت وكالة “تاس” الروسية عن الناطق الرسمي باسم الرئيس الروسي، ديمتري بيسكوف، قوله إن ما نقلته الصحيفة حول اتفاقية رحيل الأسد إلى دولة ثالثة غير صحيح.
وأضاف بيسكوف أن “موسكو لا تبحث مسائل تقرير مصير دول ثالثة، بما فيها سوريا، لا دبلوماسيًا ولا عبر أي قنوات أخرى”.
وكان دبلوماسي في مجلس الأمن نقل عن وزير أمريكي، قوله إن تفاهم بلاده مع الروس واضح في هذا الشأن (مصير الأسد)، وإن الأسد في النهاية سيرحل إلى دولة ثالثة، لكنه لم يحدد فترة زمنية محددة لرحيله.
وطفا على السطح خلال اليومين الماضيين الحديث عن مسودة دستور جديد قدمه الروس للجانب الأمريكي، وذلك في مسعى لدفع الجهود الرامية لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية.
ويبدو أن موسكو لا ترغب في الحديث عن مصير الأسد خلال هذه الفترة، ونحن على أعتاب مرحلة ثانية من المباحثات، في 10 نيسان المقبل، لأن النظام السوري يعتبر هذا الطرح خطًا أحمر، ومن الممكن أن يفجر المفاوضات في حال تم التركيز عليه نظرًا لحساسيته، فبرز الحديث بشكل واضح عن دستور جديد، وذلك بالتوازي مع تصريحات للأسد حول إمكانية تعديل الدستور وتشكيل حكومية وحدة وطنية بمشاركة المعارضين والمستقلين، دون الحديث عن الهيئة الانتقالية، وهو ما رفضته الهيئة العليا للمفاضات.
روسيا تتسلم زمام المبادرة
ويرى مراقبون أن موسكو، وبتسلمها زمام المبادرة لحل الأزمة السورية من واشنطن، إنما تحاول النظر إلى الأزمة السورية من زاويتها وتتعامل مع المعطيات بمقاربة الكرملين القريبة من رؤية النظام بعدما أخذت الضوء الأخضر من الولايات المتحدة وخاصة في الخطوات التي ستتخذها من أجل الضغط على أطراف الصراع، ما يدلل على خروج الأزمة من أيدي السوريين ومنح الروس أولًا ومن خلفهم الأمريكيون مفاتيح أساسية للحل.
فقد قدمت روسيا مسودة دستور جديد لمستقبل النظام السياسي وضوابط المرحلة الانتقالية في سوريا إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
وذكرت صحيفة الحياة اللندنية، السبت 2 نيسان، أن وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، وأثناء زيارته إلى موسكو في 24 آذار الماضي، تسلم من نظيره الروسي، سيرغي لافروف، مسودة دستور مبنية على وثيقة أعدها خبراء قانونيون مقربون من النظام السوري، الأمر الذي حمل كيري للتأكيد، من العاصمة الروسية، على ضرورة صوغ دستور سوري جديد قبل آب المقبل.
المسودة المقدمة من روسيا تختلف عن التعديلات التي صاغها النظام في وقت سابق، والتي يريد بشار الجعفري، رئيس وفد النظام للمفاوضات في جنيف، تقديمها إلى المبعوث الأممي في “الوقت المناسب”، بحسب الرواية الرسمية.
وتنص التعديلات على ثلاثة شروط هي: إزالة شرط أن يكون الإسلام دين رئيس الجمهورية وفق المادة الثامنة من الدستور الحالي، إضافة إلى الحفاظ على سبع سنوات مدة كل ولاية للرئيس الذي تحق له ولايتان بدءًا من الانتخابات المقبلة، وانتخاب الرئيس من البرلمان وليس بشكل مباشر كما جرى في العام 2014.
وبحسب الصحيفة فإن تأكيد الأسد لوكالات أنباء روسية، على استعداده إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، إضافة إلى ضرورة انتخاب رئيس بشكل مباشر بمشاركة اللاجئين خارج الدولة، شرط أن تكون صناديق الاقتراع تحت سلطة الدولة، جاء نتيجة الضغط من موسكو، خاصة بعد إعلانها الانسحاب من سوريا في 14 من الشهر الماضي.
نسف المفاوضات
تماهي المواقف الروسية مع ما يريده النظام من جنيف 3 في الجولة المقبلة يهدد بتوقف العملية السياسية، ويساهم غياب الضغط الروسي عن حكومة دمشق، بارتكاب قوات الأسد والميليشيات المساندة لها مزيدًا من خروقات الهدنة المبرمة برعاية أمريكا وروسيا، وما المجزرة التي ارتكبتها قوات النظام في دير العصافير، في الأول من نيسان، إلا دليل على نهج النظام المستمر في “القمع”، وإيمانه بنجاح الحل العسكري، وهو ما ينسف أسس المفاوضات ومرجعياتها الأممية، ويجعل الضغط الروسي على النظام واجبًا أكثر من أي وقت مضى.