ماجستير المنظمات غير الحكومية.. للاستحواذ على الدعم في سوريا

أسماء الأسد تلتقي بممثلي الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني في سوريا- 3 آذار 2024 (سانا)

camera iconأسماء الأسد تلتقي بممثلي الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني في سوريا- 3 آذار 2024 (سانا)

tag icon ع ع ع

أعلن المعهد العالي للدراسات والبحوث السكانية، عن إطلاق ماجستير جديد في “استراتيجيات ونظم إدارة المنظمات غير الحكومية”.

وقال عميد المعهد، الدكتور جمعة حجازي، لوكالة الأنباء السورية (سانا)، إن هذا الماجستير هو الأول من نوعه على مستوى النظام التعليمي وسوق العمل في سوريا.

ويفتتح المعهد قريبًا أيضًا ماجستير حول “آليات وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع”.

ما الهدف من الماجستير؟

حول الهدف من افتتاح ماجستير “إدارة المنظمات غير الحكومية”، قال حجازي، إنه يهدف لتوفير خريجين يمتلكون المعارف النظرية والخبرات والمهارات التطبيقية في إدارة المنظمات غير الحكومية، مع التركيز على تطوير مهارات التخطيط الاستراتيجي واتخاذ القرارات في سياق السياسات العامة والعمل الإنساني.

كما يهدف هذا الماجستير، وفق حجازي، إلى رفد سوق العمل بخريجين قادرين على تلبية مهارات وأدوات العمل في المنظمات غير الحكومية، وتعزيز الأداء الإداري والتنظيمي فيها وتعزيز مهارات الخريجين في التواصل الفعال في مختلف الثقافات والبيئات، مع التركيز على بناء الشراكات الفعالة مع المنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية.

ولفت حجازي إلى أن هذا الماجستير يسعى أيضًا لإعداد خريجين قادرين على تنفيذ مختلف عمليات وأنشطة تقييم الاحتياجات الإنسانية والتنموية، وإدارة العمل التطوعي في المنظمات غير الحكومية، وتدريب الطلاب على أساليب إجراء البحوث العلمية في مجال العلوم السكانية والتنمية .

تعليقًا على افتتاح ماجستير “إدارة المنظمات غير الحكومية”، قال المدير التنفيذي لمنظمة “بيتنا سوريا”، أسعد العشي، إن النظام السوري يريد أن يستفيد بأي طريقة من كل الموارد المرصودة لسوريا، لذلك يسعى لتطويع قطاع المنظمات غير الحكومية لمصلحته، من خلال فرض مناهج معينة للعمل غير الحكومي، أساسها تقديم الخدمات فقط، بدلًا من منهاج قائم على الحقوق وتنفيذ برامج من منظور الضحايا.

وأضاف العشي، لعنب بلدي، أن أغلب المشاريع تُنفذ عن طريق المنظمات غير الحكومية، إذ صارت هذه المنظمات قطاعًا اقتصاديًا كاملًا يسعى النظام للاستفادة منه.

آلية التسجيل

عميد المعهد العالي للدراسات والبحوث السكانية، جمعة حجازي، قال لموقع “أثر برس” المحلي، إن المجال مفتوح أمام جميع الاختصاصات الجامعية للتسجيل في هذا الماجستير، سواء كليات طبية أو هندسية أو نظرية، بعد استيفاء الشروط بأن يكون الطالب حاصلًا على إجازة بمرتبة جيد وأكثر، وتجاوز امتحان القيد باللغة الإنجليزية أو الفرنسية وبعض الوثائق المتعلقة بالتسجيل.

وأشار حجازي إلى أن مدة الدراسة بهذا الماجستير سنتين، والتسجيل عليه سيبدأ خلال الشهر المقبل مع انتهاء الامتحان الثاني لقيد اللغة الأجنبية.

واعتبر حجازي إطلاق هذا الماجستير “خطوة مهمة في ظل ما أفرزته الحرب على سوريا من احتياجات في هذا المجال”، وما أظهرته الحاجة لدى المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الأهلية من حاجة إلى خبرات أكاديمية في رعاية الأسر وتمكين الشباب وتقديم الدعم النفسي والمجتمعي ضمن ما يسمى تطوير القطاع الثالث (القطاع الأهلي) في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

المعهد العالي للدراسات والبحوث السكانية تأسس عام 2003، وهو مؤسسة أكاديمية مستقلة تابعة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي في سوريا، ومتخصصة فقط بالدراسات السكانية (ماجستير ودكتوراه).

اقرأ المزيد: النزوح من لبنان.. فرصة الأسد في سوريا

فشل إداري

افتتاح ماجستير “إدارة المنظمات غير الحكومية”، يأتي في وقت يسعى فيه النظام السوري لاستغلال انفتاح الأمم المتحدة على مشاريع التعافي المبكر بمناطق سيطرته من جهة، واغتنام موجات النزوح من لبنان من جهة أخرى.

قبل نحو عامين، بدأت الأمم المتحدة وجهات دولية التعامل مع النظام السوري مجددًا فيما يتعلق بإيصال المساعدات إلى السوريين، عقب اتهامات تكررت للنظام، باستغلال المساعدات، وعدم إيصالها لمستحقيها.

يتطلع رئيس النظام السوري إلى مكاسب اقتصادية وسياسية باستقباله الهاربين السوريين واللبنانيين من القصف الإسرائيلي (عنب بلدي)

تنامي الاتهامات لم يثنِ هذه الأطراف عن آليات إيصال المساعدات خلال العامين الماضيين، أبرزها تلك التي وصلت إلى سوريا عقب زلزال شباط 2023، ثم تلك التي بدأ الحديث عنها منذ أيلول الماضي، والمتعلقة بالنازحين من سوريين ولبنانيين، عبروا الحدود من لبنان نحو سوريا.

وفي 8 من تشرين الأول الحالي، دعا المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، إلى إطلاق نداء لتأمين 324 مليون دولار لمساعدة جميع الفارين من لبنان إلى سوريا.

ويرى الخبير المتخصص بشؤون إدارة منظمات المجتمع المدني، الدكتور باسم حتاحت، أن الهدف الاستراتيجي للنظام من افتتاح هذا الماجستير، هو محاولة الانخراط في المجتمع الدولي، إذ يعتبر المجتمع المدني من أهم أدوات هذا الانخراط، لذلك نلاحظ ممثل النظام في الأمم المتحدة يستخدم دائمًا مصطلح المجتمع المدني خلال حديثه، ليُظهر أمام الرأي العام بأن النظام يسعى لتعزيز دور منظمات المجتمع المدني.

وأضاف حتاحت، لعنب بلدي، أن النظام يسعى لإعادة إيجاد منظومة جديدة تعمل بمنطق أو بأدوات المجتمع المدني تحت إشراف الأمن، مشيرًا إلى أن الفكر الأمني الاستخباراتي دفع لوضع أشخاص ينتمون إلى المنظومة الأمنية لإدارة المنظمات غير الحكومية، واستخدمها لأغراضه الأمنية، وبالتالي الفشل في إدارة تلك المنظمات.

بدوره قال أسعد العشي إن النظام السوري فشل في إدارة المنظمات غير الحكومية، بسبب عقليته الاستفرادية التي تهدف للسيطرة على كل شيء بأي ثمن، وتسخير كل الموارد لمصلحته الضيقة فقط، وعدم الإيمان بالتشاركية نهائيًا.

ما دور أسماء الأسد؟

منذ بداية الحرب في سوريا، حاولت زوجة رئيس النظام السوري، أسماء الأسد، تفعيل دور منظمات المجتمع المدني، لكنها اصطدمت بكثير من العقبات الأمنية السائدة في المنظومة الأمنية الاستخباراتية.

ويرى باسم حتاحت أن طبيعة التفكير الغربي الذي تحمله أسماء الأسد بحكم نشأتها في بريطانيا، دفعها للتركيز على منظمات المجتمع المدني لتحقيق عدة مكاسب، أبرزها الاستفادة من منظمات المجتمع المدني لإظهار النظام السوري بطابع مدني لا عسكري أمني، والاستفادة من الدعم الدولي والهيئات المانحة.

وأضاف حتاحت أن الأسد سعت أيضًا لاختراق المجتمع الدولي عبر المنظمات المدنية، بغية استلام خيوط دعم التعافي المبكر والاستيلاء على مقدرات الدعم، واعتماد دمشق كمكتب أساسي للاشراف على التعافي المبكر، وجمع المعلومات وبناء قاعدة بيانات  لجميع العاملين في قطاعات منظمات المجتمع المدني.

أسست أسماء الأسد عددًا كبيرًا من المنظمات غير الحكومية، المسجلة حكوميًا، بعد زواجها من بشار الأسد عام 2000، كما شجعت على تأسيس منظمات أخرى.

ثم دمجت معظم هذه المنظمات في “الأمانة السورية للتنمية” عام 2007، فأصبحت “الأمانة” أحد أكثر مشاريع العلاقات العامة “قيمة” لدى النظام تجاه الغرب والمجتمع الدولي، بحسب ما جاء في دراسة بعنوان “دور العمل الخيري في الحرب السورية: المنظمات غير الحكومية برعاية النظام والجمعيات الخيرية التابعة للجماعات المسلحة”، للباحثين أيمن الدسوقي وسنان حتاحت.

وتُعرّف “الأمانة” عن نفسها، بأنها منظمة غير ربحية وغير حكومية، تعمل من أجل تمكين المجتمعات والأفراد، إضافة إلى إشراكهم في الأعمال التنموية ليتمكنوا من أداء دورهم في بناء المجتمع.

ولكنها ترتبط بشكل مباشر بأسماء الأسد، ويتناقل سوريون اسم المنظمة باسم “منظمة السيدة الأولى”، لشغلها منصب رئيسة مجلس الإدارة فيها.

سجل سابق

في تشرين الأول 2022، أصدر “مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية السوري” و”البرنامج السوري للتطوير القانوني”، تحقيقًا تضمن وثائق كشفت أن الأمم المتحدة قدّمت نحو 137 مليون دولار أمريكي من إنفاقها على المشتريات لشركات سورية، أصحابها من منتهكي حقوق الإنسان ومنتفعي الحرب، ومن الأشخاص المقربين من النظام المدرجين على لوائح العقوبات الغربية، وغيرهم من المرتبطين بالنظام السوري، بين عامي 2019 و2020.

وبحسب التحقيق، ذهب ما يقارب من ربع أموال الأمم المتحدة التي تم تحليلها إلى الشركات المملوكة لأشخاص فرضت عليهم الولايات المتحدة الأمريكية أو بريطانيا عقوبات بسبب صلاتهم بالنظام السوري، أو تورطهم في الصراع.

ومن هؤلاء الأشخاص: هاشم العقاد، سمير حسن، فادي صقر، سامر فوز، أحمد صابر حمشو، علي حمشو، عمرو حمشو، رانيا الدباس.

وأضاف التحقيق أن ما يقارب 47% من إنفاق الأمم المتحدة على المشتريات في عامي 2019 و2020، ذهب إلى شركات ذات مخاطر “عالية” أو “عالية جدًا”، بما في ذلك المنتفعون من الحرب والأشخاص الخاضعون للعقوبات، وحلفاء النظام البارزون، بعد استبعاد الموردين الذين لم يتم الكشف عن هوياتهم لأسباب “أمنية” أو لأسباب “تتعلق بالخصوصية”.

بعد أشهر مرت على التحقيق الذي حلل انتفاع النظام من المساعدات في سوريا، وقع زلزال مدمر جنوبي تركيا، وشمال غربي سوريا، أسفر عن آلاف القتلى والمصابين، إلى جانب دمار كبير في البنى التحتية، ما جعل المساعدات تتدفق إلى سوريا من كل حدب وصوب على مدار أشهر لاحقة.

اقرأ المزيد: “بروكسل 7”.. لا مخرجات أبعد من التعهدات

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة