محمد قطيفان – درعا
مازال النشاط الإعلامي الذي واكب أحداث الثورة السورية منذ بدايتها، يعتبر العلامة الفارقة في التغطية الإعلامية ضمن بلدان الربيع العربي، فقد شكلت عدسة “الموبايل” بداية العمل لمعظم إعلاميي الثورة، ولعل بعضهم بات اليوم مراسلًا لأشهر وكالات ومحطات الأخبار العالمية، التي يحتاج العمل فيها سنوات طويلة من العمل والجهد والخبرة.
إعلام درعا كان جزءًا أساسيًا من الثورة، وشهد بدوره تغييرات متطورة لمواكبة مراحلها المختلفة، فانتقل من الهواية إلى التنسيقيات والهيئات المحلية، التي تجمع إعلاميي الأحياء والبلدات في إطار عمل واحد، ليصل في مرحلته الحالية إلى إعلام المؤسسات المركزية التي شهدت اندماجًا مؤسساتيًا.
ويسعى إعلاميو المحافظة من خلال التنسيق بين المكاتب الإعلامية، إلى تحقيق تغطية احترافية، فتصدّر إعلام درعا المشهد بثلاث مؤسسات رئيسية، بدأتها مؤسسة “نبأ”، التي استطاعت توحيد إعلاميي مدينة درعا ضمن فريق عمل واحد.
وتلتها مؤسسة “يقين”، التي شهدت توحيد عمل إعلاميي ريف درعا الشرقي، بينما كانت مؤسسة “شاهد”، بوتقة جمعت إعلاميي ريف درعا الغربي، ورغم التنسيق الكبير بين الإعلاميين فيها، إلا أنها مازالت تسعى إلى دمج قدراتها معًا.
عامان ونصف على بداية “نبأ“
ولتقييم تجربة مؤسسة “نبأ”، بعد مرور قرابة عامين ونصف على انطلاقتها، تحدثت عنب بلدي إلى مديرها، رأفت أبازيد، وقال “مع طول عمر الثورة كان لزامًا علينا كإعلاميين تطوير عملنا، وتغيير طريقة نقل الأحداث من البدائية إلى المهنية والعمل المؤسساتي فكانت تلك الجهود التي تمخض عنها انطلاق المؤسسة في تموز 2014”.
واعتمدت المؤسسة في عملها على معايير الصحافة العالمية، وفق أبازيد، بينما تركز العمل الداخلي على البنية التنظيمية للمؤسسة، من خلال توزيع الأدوار بين كافة الأعضاء.
فرضت استقلالية العمل الإعلامي داخل “نبأ” تحديات مالية، وصعوبات في مواجهة ظاهرة تحزب بعض الإعلاميين نحو الفصائل التي عملوا لصالحها، وأوضح “جميعنا يعلم أنه قلّما يوجد دعم غير مشروط، وكان الأساس الذي اتبعته نبأ في بداياتها الامتناع عن استقبال الدعم المشروط حتى لا يتعارض مع السياسة التي انتهجتها، وهذا ما جعلها في ضائقة مادية باستمرار”.
المبادرة الأولى من نوعها في درعا
واعتبرت “نبأ” صاحبة المبادرة الأولى من نوعها في محافظة درعا، عندما عقدت ندوة ثقافية في تشرين الأول من عام 2015، وحملت عنوان “الهجرة.. أسبابها وانعكاساتها”.
ضمت الندوة عددًا من النخب الإعلامية والعسكرية في المحافظة، وأوضح أبازيد أن هذه الخطوة، التي أتاحت للمؤسسات الإعلامية الفرصة لتسلم زمام المبادرات الثقافية في الثورة، “كانت ضمن خطة نبأ منذ انطلاقتها الأولى، إذ حملت في جعبتها الكثير من المشاريع على مستوى الإعلام الثوري”.
ولم يتسن للمؤسسة تطبيق الكثير من مشاريعها، وفق أبازيد، وعزا السبب “لضعف الدعم وندرته في كثير من الأحيان، إضافة إلى الحاجة الماسة للكُلف التشغيلية التي تساعد في إنجاز الخطط المتفق عليها”.
المؤسسة تطور مهارات إعلامييها
أبازيد أشار إلى أن المؤسسة طورت مهارات إعلامييها لرفع أدائهم، لافتًا “جميعنا في نبأ إعلاميون هواة لم ندرس الإعلام في الجامعات، إلا أننا تعبنا على أنفسنا من خلال اتباعنا دورات تدريبية، فهمنا خلالها العمل الصحفي”.
وعن توجهات المؤسسة لمواكبة تطورات الأحداث، رسم أبازيد خطة مستقبلية لها، مؤكدًا “منذ البدء وإلى الآن وحتى مستقبلًا نسعى إلى أن تبقى المصداقية والحيادية شعارنا في العمل، ولكن يبقى حسنا الثوري، ومن خلال المهنية يمكننا تحقيق أهدافنا في الوصول إلى أكبر جمهور، لنكون أنموذجًا يحتذى به لباقي المؤسسات والفرق الإعلامية الثورية”.
قدّم إعلام درعا عشرات الضحايا أثناء تغطيتهم الأحداث الميدانية، وسط استهداف النظام الأطقم الصحفية والإعلامية بشكل متعمد، إذ أحصى مكتب “توثيق الشهداء” في درعا، مقتل أكثر من مئة إعلامي في المحافظة منذ بداية الثورة.
وتبقى أسماء محمد المسالمة ومحمد الأصفر، مراسلا ومصورا قناة الجزيرة، ورامي العاسمي ويوسف الدوس وسالم الخليل، مراسلو ومصورو قناة أورينت، من الأسماء البارزة في إعلام المحافظة، وجميعهم مروا من إعلام الهواة إلى الاحتراف، ولقوا حتفهم أثناء تغطيتهم الإعلامية لأحداث ثورة سوريا، محاولين إيصال حقيقة ما يجري إلى العالم أجمع.