قدّم “المجلس الإسلامي السوري“، وهو أحد مؤسسات المعارضة السورية، رؤية للتوافق الوطني في سوريا.
وتضمنت ورقة للمجلس، نشرها السبت 26 من تشرين الأول، المبادئ الأساسية التي تجسد رؤيته للتوافق على سوريا المستقبل ضمن مجموعة ملامح ومحددات معينة، أولها الانتقال إلى نظام رشيد قائم على العدالة والحرية والكرامة والمساواة أمام القانون، في الحقوق والواجبات، بعيدًا عن الاستبداد والخضوع لإرادة الأجنبي، وكان هذا هدف الثورة الأسمى.
كما أن طي صفحة الماضي المملوء بالمآسي والجراح وفتح صفحة جديدة على المستويين السياسي والاجتماعي يظل مشروطًا بتحقيق العدالة، إذ يجب تشكيل لجان قضائية خاصة ومستقلة لمحاكمة المجرمين ومعاقبتهم والكشف عن مصير المفقودين، وتعويض أسر الضحايا والمتضررين معنويًا وماديًا.
واعتبرت الورقة أن الحوار الشامل بين الأطراف السياسية والاجتماعية الوطنية هو الطريق المثمر والموثوق لتوليد الثقة بين مكونات المجتمع السوري، وبناء أرضية مشتركة للتعايش في وطن واحد، على أن يكون هذا النهج المستمر في التعامل مع المشكلات في سوريا المستقبل.
وأشار المجلس إلى أن الشفافية والوضوح وصدق النوايا أسس يجب اعتمادها في كل المقاربات السياسية، مع الإشارة إلى التنوع الديني والثقافي والإثني الواضح في سوريا، وهو ما يفرز خصوصيات لكل مكونات المجتمع، تنعكس على الصعيدين القضائي والاجتماعي.
كما أن وحدة التراب والشعب واستقلالية القرار الوطني، من الركائز الأساسية لقيام نظام حكم وطني يلبي طموحات الشعب، ويمكن اختيار سلوب إداري مناسب عبر استفتاء داخلي حر بعيد عن الضغوطات والتدخلات الخارجية.
دستور جديد
بيّن “المجلس الإسلامي السوري” أن دستورًا جديدًا يعكس قيم العدل والشورى والحرية والكرامة ومفردات الهوية السورية، تحتاجه سوريا بعد خلاصها من “نظام الاستبداد”.
وفي 30 من كانون الثاني 2018، أقر مؤتمر “الحوار الوطني” في سوتشي الروسية، تشكيل “اللجنة الدستورية”، التي عقدت أولى جولاتها في 30 من تشرين الأول 2019، وصولًا إلى الجولة الثامنة في حزيران 2022، قبل تعطيل روسيا والنظام السوري المتواصل لعملها منذ ذلك الوقت.
والغرض من هذه اللجنة إصلاح الدستور وفقًا لقرار مجلس الأمن “2254” (صدر في 2015) القاضي بتشكيل هيئة حكم انتقالي شامل غير طائفي، ووضع دستور للبلاد، وتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية بموجب الدستور الجديد، خلال 18 شهرًا.
انتخابات ومشاركة وحوار
الانتخابات الحرة النزيهة والتداول السلمي للسلطة واستفلال القضاء والمساواة أمام القانون في الحقوق والواجبات، مبادئ تشكل جوهر النظام السياسي المنشود، وهذا النظام يضمن توزيع عادل للثروات وتكافؤ الفرص في الوظائف العامة المدنية والعسكرية، وشمول التنمية المستدامة لكل المناطق السورية بتوازن، وفق ورقة المجلس.
وتشجع الورقة أشكال المشاركة الاجتماعية البناءة وروح المسؤولية الوطنية، وقيم التطوع والإحسان، ومساندة المظلوم والضعيف والفئات المهمشة في المجتمع.
ووصولًا إلى ذلك، فهناك حاجة إلى حوار عميق وصبور على طريق توحيد الصفوف وإبراز قيادة قادرة على المضي في طريق تأسيس سوريا جديدة.
وتأتي ورقة “المجلس الإسلامي” في ظل ظروف معقدة تشهدها المنطقة عمومًا وسوريا على وجه الخصوص، في ظل تعثر مبادرات ومسارات الحل السياسي، مع استمرار احتجاجات السويداء المطالبة بالتغيير السياسي، واحتجاجات إدلب، المطالبة بإسقاط الأسد وقائد هيئة “تحرير الشام”، “أبو محمد الجولاني”.
كما يتزامن مع محاولات النظام السوري استغلال الظروف الإقليمية لإبراز نفسه كشريك في الحل، إلى جانب التهديدات الإسرائيلية التي وصلت إلى مناطق جنوب سوريا من بوابة القنيطرة.