تعا تفرج
دلالات قتل يحيى السنوار
خطيب بدلة
في 16 من تشرين الأول الحالي، قتلت إسرائيل يحيى السنوار، الذي عُيّن رئيسًا للمكتب السياسي لحركة “حماس”، بعد مقتل سابقه إسماعيل هنية. هذا الخبر لا يقل، من حيث الأهمية، عن خبر مقتل حسن نصر الله في 27 من أيلول الماضي.
تأتي أهمية قتل السنوار من عدة جهات، أولاها أن إسرائيل وضعت قادة “حماس”، كلهم، ضمن بنك أهدافها، تلاحقهم حتى ولو اختبؤوا في طهران، والثانية أن السنوار كان مهندس عملية “7 أكتوبر 2023″، التي أشعلت المنطقة بحرب طاحنة، مفتوحة، وصلت إلى حد تبادل الغارات بين إسرائيل وإيران، وهذا قد يجعل أمريكا تنتقل، بعد الانتخابات، من موقع الداعم لإسرائيل، إلى موقع الطرف (الخصم)، ولا يستبعد أن تدعو لتشكيل تحالف دولي لمحاربة إيران، على غرار ما فعلته يوم إسقاط نظام صدام حسين (2003)، أو محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” (2015-2018).
ثمة من يقول إن مقتل يحيى السنوار لن يؤثر على وجود “حماس”، ومقدرتها القتالية، فإسرائيل قتلت، في وقت سابق، مؤسس الحركة أحمد ياسين، وعبد العزيز الرنتيسي (2004)، لكن هذا الكلام ليس دقيقًا، فالظروف تغيرت منذ ذلك التاريخ إلى اليوم، على نحو مبهر، والعمليات التي كانت “حماس” تنفذها، سابقًا، للإضرار بإسرائيل، لا تكاد ترى بالعين المجردة إذا ما قيست بعملية “7 أكتوبر 2023″، تزامنَ هذا مع تفوق إسرائيلي هائل، في مجال التسليح، والتكنولوجيا، والمعلومات الاستخباراتية، إضافة إلى أنها استفادت من الفيديوهات التي نشرتها “حماس” نفسها للعملية، في إقناع الراي العام العالمي بأنها تتعرض للإرهاب، فلم ترد على العملية بعملية عسكرية محدودة، بل انطلقت إلى حرب شاملة، ينطبق عليها الاسم الذي اختارته “حماس” (طوفان)، فبعد تمهيد بالطيران والمدفعية والصواريخ، اجتاحت قطاع غزة اجتياحًا يفتقر إلى كل أنواع الرحمة، وفي هذه الحرب، تخلت إسرائيل عن أسلوبها السابق في الحروب الخاطفة، فلربما كانت حرب سنة 2006، التي استغرقت 34 يومًا، هي الأطول، وأما هذه الحرب فمستمرة منذ أكثر من سنة، ولا يلوح في الأفق أي تصور لانتهائها، لا سيما وقد انجلت الأمور بما يؤكد أن أمريكا وإسرائيل وحلفاءهما قد اتخذوا قرارًا بقصقصة أذرع إيران في منطقة الشرق الأوسط، تمهيدًا لضربها في عقر دارها، بعدما تأكد لهم أن إيران لم تصبح خطرًا على حليفتهم إسرائيل وحسب، بل وتهدد السلم العالمي، فجماعة “الحوثي” راحت تعرقل التجارة العالمية من خلال ضربها الملاحة البحرية، وتهدد أمن المملكة العربية السعودية، حليفة أمريكا الثانية، وتضر بالاقتصاد المصري، من خلال قناة السويس، ناهيك بسيطرة إيران على لبنان بواسطة “حزب الله”.
إيران، إذن، تقف، من خلال “حزب الله”، و”حماس”، و”الحوثيين”، والميليشيات العراقية، في وجه مشروع “الشرق الأوسط الجديد”، الذي لا يمكن أن يتشكل، ويتقدم، ويزدهر، دون إجراء مصالحة تاريخية، بين إسرائيل من جهة، والدول العربية ذات الأهمية الاقتصادية والجغرافية، وفي مقدمتها السعودية، وما يهدد هذا المشروع، بلا شك، جماعات الإسلام السياسي السنية، التي قضي عليها في “العراق والشام”، وغزة، والشيعية، متمثلة بإيران وأذرعها التي يجري تقطيعها الآن.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :