“رحلة يوسف”.. الأيديولوجيا تغلب الفن

يوسف (أيمن زيدان) في طابور لتلقي مساعدات الأمم المتحدة بلبنان (أحد مشاهد الفيلم)يوسف (أيمن زيدان) في طابور لتلقي مساعدات الأمم المتحدة بلبنان (أحد مشاهد الفيلم)

camera iconيوسف (أيمن زيدان) في طابور لتلقي مساعدات الأمم المتحدة بلبنان (أحد مشاهد الفيلم)

tag icon ع ع ع

يحمل الفيلم السوري “رسالة يوسف” مجموعة من الرسائل السياسية البادية بوضوح بعد المشاهد الافتتاحية التي رسمت بيئة عمل فني جميلة نسبيًا، أضعفها ونسفها ما جاء بعدها.

في الفيلم الذي يروي رحلة يخوضها يوسف (أيمن زيدان)، هذا الرجل الكهل الذي يعيش ليربي حفيده دون أثر لبقية أفراد العائلة، انعكاس كبير لأيديولوجيا ورواية سياسية للحدث من منظور قريب لرؤية النظام السوري، فيوسف الذي لا يتحدث بالسياسة، يعيش تحت حكم جماعة مسلحة تتدخل في “الشاردة والواردة”، وصولًا إلى دعوة الناس للصلاة، ويوسف أصلًا لا يكاد يتوقف عن شرب الخمر.

الحالة الاجتماعية هذه نجحت في إقناع الرجل بالرحيل، بعد نية متزعم مجموعة عسكرية الزواج من هاجر، حبيبة حفيده، ونسف علاقة عاطفية متعجلة أصلًا، حتى لو لم يكن هناك منافس وراغب بالظفر بالفتاة، فالحفيد بلغ عامه الـ18 للتو، والفتاة في الـ16 من عمرها.

بعد الهروب إلى لبنان، والإقامة في مخيم لا يعكس الصورة الحقيقية لشتات السوريين، لأنه ربما بني لـ”أغراض فنية”، يتجه يوسف لتزويج حفيده من الفتاة التي يحبها، والكل فجأة متواطئ لتحقيق هذا الفتح العاطفي، فالشيخ على استعداد لتزوير مواليد الفتاة، وتزويج قاصر، وزياد، الطفل الموهوب والمولع بكرة القدم، ماضٍ في الزواج بالوقت الذي تتفتح به أمامه آمال السفر إلى بلد أوروبي يحتضن موهبته.

النقطة التي أفلح العمل في تصويرها هي أن الفقراء يدفعون الثمن دائمًا، وأن الجهل بضاعة رائجة حيث يحل الفقر، وتضعف المرجعية العلمية أو الثقافية، فيوسف، الوصي على حفيده، قرر السماح بسفره لأن حلاقًا في المخيم أخبره أن الأبناء كـ”الزغاليل”.

“رحلة يوسف” الذي تناول الأوضاع في القرية الأم، قبل الرحلة، لم يتطرق نهائيًا لأسباب هذه الأوضاع، ولمسببات حمل السلاح وخروج البلدة عن سيطرة النظام الحاكم، مكتفيًا بالإشارة إلى أن يوسف تحوّل إلى شرب الخمر بالسر، وكأن امتياز النظام الحاكم الوحيد هو السماح بشرب الخمر، بمعزل عن الفقر الفاضح الذي كان يلوّن عالم الرجل، ويتركه بلا مهنة، ويجود عليه ببغل وعربة يجرها ويرتحل بها إلى لبنان.

ويمكن القول إن الرسائل التي حملها النص بما فيها من توجيه سياسي كانت شديدة المباشرة، لتغلب الأيديولوجيا الفن، ويبرر ذلك أن العمل أصلًا من إنتاج “الأمانة السورية للتنمية” التي كانت تقودها أسماء الأسد، زوجة رئيس النظام، قبل أن تتوارى عن الأنظار بحجة إصابتها بالسرطان.

كما أن كيل الشتائم لا يصنع عملًا فنيًا، والجرأة المنشودة لا تتلخص بشتيمة هنا وإيحاء جنسي هناك، ما لم يعتبر صناع العمل أن حديث الحلاق بجملتين عن سجن طويل في زنزانة “مترين بمتر” تمرد على الظلم والاضطهاد والاستبداد.

“رحلة يوسف” صدر عام 2022، ومتاح للمشاهدة عبر “شاهد”، وهو من تأليف وسام كنعان بالشراكة مع مخرج العمل جود سعيد، وبطولة أيمن زيدان وسامر عمران ووائل زيدان ووائل أبو شعر وربى الحلبي.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة