سلّم تسلم

  • 2016/04/03
  • 1:00 م

أحمد الشامي

بمساعدة الميليشيات الشيعية والقوات الخاصة الروسية ووحدات النخبة من حزب “نصر الله” تمكنت قوات اﻷسد من الوصول إلى “تدمر” و”استعادتها” من “داعش”.

ليس مفهومًا من اﻷساس لماذا توجه “الدواعش” إلى تدمر، فالمدينة لها أهمية ثقافية وتاريخية لكن لا قيمة استراتيجية أو عسكرية للؤلؤة البادية.

قبل أن يتخلى زبانية اﻷسد عن المدينة قاموا بإخلاء متحفها من كل ما له قيمة ونقلوه إلى دمشق، ثم تركوا في المدينة  بعض عاثري الحظ من المجندين “السنة” الذين سارعت داعش لقطف رؤوسهم باعتبارهم “مرتدين”.

حين أخلت عصابة اﻷسد تدمر لم يكن النظام منهارًا ولا كان عاجزًا عن الدفاع عن المدينة، لكن نصائح المعلم “بوتين” كانت تقضي بتسليم المدينة لداعش والعويل في المنتديات الدولية بحجة أن داعش تقوم بتدمير آثار ومعالم حضارية هي ملك للبشرية جمعاء.

مع تسليم تدمر لزبانية “البغدادي” تم التخلي أيضًا عن مستودعات عسكرية ضخمة تحتوي أسلحة كانت داعش بحاجة لها، دون أن تغير هذه اﻷسلحة من توازن القوى بين الدواعش وعصابة اﻷسد.

في النهاية كانت صفقة تسليم تدمر لداعش رابحة للطرفين. نظام العصابة قام بتسويق نفسه على أنه حامي التراث الحضاري وعنوان الحرب على اﻹرهاب، وأن سقوط اﻷسد سيعني تدمير ما بقي من آثار وأوابد سورية. داعش من جهتها قامت بسرقة ما بقي من آثار تدمر وقطعت بعض الرؤوس وأذاقت أهالي تدمر الويلات، إضافة إلى كمية لا يستهان بها من اﻷسلحة.

حين احتاج بوتين واﻷسد لنصر إعلامي ودعائي سريع وسهل، فر الدواعش عمليًا من المدينة دون قتال. تكفي المقارنة بين المعارك الدموية في “كوباني” والنصر السهل الذي تحقق في تدمر لمعرفة أن الحرب بين داعش ونظام اﻷسد مثلها مثل حروب نظام البعث اﻷسدي مع “إسرائيل”، تمثيليات وصفقات للضحك على ذقون المغفلين واللعب على عواطفهم.

صفقة تسليم تدمر للدواعش تم تأكيدها عبر صحيفة “لوموند” العريقة، التي وثقت عشرات البرقيات التي تم توجيهها للقيادة اﻷمريكية للتحالف المضاد لداعش، حيث تمت متابعة القافلة الداعشية التي اتجهت لتدمر ساعة بساعة، وتم إعطاء كل التفاصيل المتعلقة بهذه القافلة التي غزت تدمر جهارًا نهارًا للقيادة اﻷمريكية من أجل قصف القافلة التي عبرت البادية السورية في أرض خلاء ومكشوفة.

الصحيفة الفرنسية أكدت أن المعلومات التي تلقاها اﻷمريكيون، ووصلت لطيران الأسد، تضمنت عدد السيارات (مئة) وأرقامها وحتى أعداد المقاتلين. مع ذلك لم تقم القوات المتحالفة ضد داعش ولا بطلعة واحدة! هي التي كانت تجوب السماء السورية، باحثة “بسراج وفتيلة” عن هدف “داعشي” لقصفه.

ومازال هناك من يعتقد أن داعش هي طليعة اﻹسلام السني والمنافحة عن السنة في كل مكان، وأنها معادية للأمريكي والروسي واﻹيراني واﻷسدي، علمًا أن الدواعش قد تخصصوا في قتل السنة واﻷبرياء حصرًا، في كل مكان  باستثناء أمريكا، وروسيا، وإيران، وإسرائيل، وكانتون اﻷسد.

كنا نتمنى لو أن حربًا حقيقية وقعت بين داعش واﻷسد، كنا حينها سنتمنى الهزيمة للطرفين، لكن اﻷمر هو على اﻷغلب مجرد مسرحية من تلك التي اعتادت أنظمة “الزعبرة” على تقديمها.

لكن، لماذا يحتاج اﻷسد وداعش لهكذا تخريجات مسرحية؟

في مسرحية اﻷسد وإسرائيل ربح الاثنان على حساب السوريين السنة، اﻷسد سلّم الجولان واستلم الحكم في دمشق، إسرائيل تمتعت بالهدوء وازدهر اقتصادها، في حين تمكنت عصابة اﻷسد من ترسيخ نفوذها وقوتها بما يسمح لها اليوم بإبادة السنة.

شيء من هذا القبيل يحصل بين عصابتي داعش واﻷسد، والهدف هو صرف أنظار السنة عن أعدائهم الحقيقيين واستمرار المجزرة بحقهم.

مقالات متعلقة

رأي

المزيد من رأي