الباب – وليد الإدلبي
تواجه الثروة الحيوانية في مدينة الباب بريف حلب الشرقي خطر الإصابة بـ”الحمى القلاعية”، وهو مرض فيروسي شديد العدوى يصيب بشكل رئيس الحيوانات مثل الأغنام والأبقار والماعز.
ويعد المرض دوريًا، لكنه يؤرق مربي المواشي ويثير مخاوفهم، وسط محاولات لإيجاد حلول منهم ومن قبل الجهات المحلية في مدينة الباب وريفها.
وتزيد أعداد رؤوس الأغنام والماعز في الباب وريفها على 150 ألف رأس، بينما يوجد 3000 من الأبقار، بحسب أرقام حصلت عليها عنب بلدي من دائرة الثروة الحيوانية التابعة لمديرية الزراعة بالمنطقة.
ما الحمى القلاعية؟
الطبيب البيطري في مدينة الباب مجد إسماعيل، قال لعنب بلدي، إن الحمى القلاعية مرض فيروسي حاد وشديد العدوى، وهو من الأمراض القديمة المنتشرة في سوريا، ويصيب بشكل رئيس الحيوانات مثل الأغنام والأبقار والماعز، وفي بعض الأحيان قد يعدي الإنسان بطرق معيّنة، لكن لم تُسجل أو يُسمع عن إصابة واحدة بين البشر في المنطقة، وفق الطبيب.
وأوضح أن هذا المرض له العديد من الأعراض، منها انخفاض في إنتاجية الحليب، وارتفاع في درجة الحرارة، وضعف في الشهية، والتهاب في الأظلاف (الحوافر)، وأورام في الفم، لافتًا إلى وجود علامات مميزة لهذا المرض منها ظهور القلاع في الفم واللثة وتمتد إلى الكرش، وفي بعض الأحيان يسبب إجهاضًا للحوامل، أما بالنسبة للعدوى فهي تنتقل عن طريق الحليب.
وذكر الطبيب أنه لا يمكن علاج “الحمى القلاعية” بشكل نهائي، لكن اللقاح يمنع الإصابة بنسبة 90%، وقد يكون علاجه هو التخفيف من هذه الأعراض.
وأضاف الطبيب أن هذا المرض يأتي في أشهر معيّنة (نيسان وأيلول وتشرين الأول وكانون الأول)، لافتًا إلى أن هذا المرض منتشر في عدد من بلدان العالم، وله عدة أشكال منها حاد وتحت الحاد، وفوق الحاد، الذي يعتبر من أقوى الإصابات والذي قد يتسبب بنفوق 70 إلى 80% من المواشي.
تؤرق المربين
مربي الأغنام في مدينة الباب سامي النعساني، قال لعنب بلدي، إنه تعرض لخسارة كبيرة بأغنامه، في نيسان عام 2023، حين نفق لديه في منطقة قديران قرب مدينة الباب 200 رأس من الأغنام صغيرة العمر و50 رأسًا من الماعز، وأحد الأسباب هو مرض “الحمى القلاعية”.
وقال المربي إن النفوق كان بسبب عدوى شديدة بدأت بمرض “الحمى القلاعية” ثم تطورت إلى التهاب الظلف، وهذا المرض معدٍ جدًا، لافتًا إلى أنه لم يستفد من تدخل الأطباء أو الأدوية حينها.
مندوب قطاع الثروة الحيوانية في سهل قديران “أبو محمد”، قال لعنب بلدي، إن نفوق رؤوس الأغنام لدى المربي سامي النعساني هو مرض جرثومي خطير، كان سببه مرض الحمى القلاعية والتهاب الظلف.
مصطفى الغزالي مربي أغنام آخر في مدينة الباب، قال لعنب بلدي، إنه يخشى في بداية فصل الشتاء وفي فصل الربيع من انتشار مرض الحمى القلاعية، لذلك يبكر في إعطاء اللقاح، لافتًا إلى أن أغنامه لم تصب بهذا المرض منذ سنتين إلى ثلاث سنوات إلا بحالات محدودة وخفيفة لم تتطور.
وأضاف مصطفى أنه يتبع حلولًا مؤقتة للتخفيف من الإصابة بالمرض، فهو يستخدم بخاخات وخافض حرارة وحقن زيت، ومضادات للالتهابات، أما للحالات المصابة التي قد تؤرقه فيستخدم طرقًا علاجية قديمة، وهي عبارة عن خلطة لضماد الجرح لمدة يومين أو ثلاثة، ما يخفف الالتهابات.
حملات تلقيح متكررة
تنشط في مدينة الباب مديرية الزراعة والثروة الحيوانية، التي تعلن بشكل دوري عن حملات لقاح سواء للكلاب ضد مرض الكلب (السعار)، أو للماشية ضد مرض الحمى القلاعية، وأحدث هذه الحملات كانت مطلع تشرين الأول الحالي.
رئيس دائرة الثروة الحيوانية لمدينة الباب، مغير الرشيد، قال لعنب بلدي، إن المديرية أجرت مؤخرًا حملة تلقيح شاملة ضد مرض الحمى القلاعية في مدينة الباب وريفها للحفاظ على صحة المواشي، وتعزيز الإنتاج، مرجعًا السبب إلى بدء انتشار المرض.
وأضاف أنه لوحظ تلاشي المرض في السنة الماضية، باستثناء بعض الحالات الفردية التي تدخل عن طريق التهريب من مناطق غير مستهدفة بالتلقيح.
وذكر أن المديرية تبلغ المندوب عن قطاع الثروة الحيوانية في كل بلدة أو قرية قبل يوم من الحملة، وبدوره المندوب يبلغ المربين لتجهيز القطعان للتلقيح.
وعند دخول الفريق البيطري إلى القرية، يتم تلقيح الأغنام حسب ترتيب المندوب من حيث الكمية والمكان، ولا يخرج الفريق من القرية إلا بعد تلقيح آخر رأس من القطعان، وفق الرشيد.
وبحسب تصريح الرشيد لعنب بلدي، لا توجد إحصاءات لنفوق المواشي على مدار العامين الماضيين، لعدم تزويد الدائرة بأي حالة مصابة من قبل المربين، لافتًا إلى أن الإصابات بدأت تنخفض بشكل واضح بسبب حملات اللقاح المتكررة.
وتعتمد شريحة واسعة من السكان في مدينة الباب وريف حلب بشكل عام على تربية الماشية، سواء لتأمين مؤونة ومستلزمات المنزل من الحليب ومشتقاته، أو بغرض التجارة والبيع.
وتعتبر الأغنام من أهم الثروات الحيوانية في سوريا، وشهدت تربيتها انتكاسات خلال أعوام الثورة الماضية، بسبب التهجير الذي طال المالكين وانعدام مصادر التغذية والأدوية اللازمة للمواشي، إضافة إلى عمليات التهريب الجائر لها.