عقد على التأسيس.. تحديات تواجه متطوعي “الدفاع المدني”

  • 2024/10/25
  • 5:15 م
متطوعو الدفاع المدني السوري خلال احتفالهم بمرور عشر سنوات على عملهم- 25 تشرين الأول 2024 (الدفاع المدني السوري)

متطوعو الدفاع المدني السوري خلال احتفالهم بمرور عشر سنوات على عملهم- 25 تشرين الأول 2024 (الدفاع المدني السوري)

مضت عشر سنوات على تأسيس “الدفاع المدني السوري”، قام خلالها بمهام الحماية المدنية وإنقاذ الأرواح وتقديم المساعدة للسكان في سوريا، حيث تحدى متطوعوه مخاطر القصف والكوارث والغازات السامة لإنقاذ المدنيين.

“الدفاع المدني السوري”، منظمة إنسانية بدأت عملها في أواخر عام 2012 كفرق من المتطوعين على مستوى القاعدة الشعبية في جميع أنحاء سوريا، بغية الاستجابة للعمليات العسكرية التي قام بها النظام السوري ضد المدن والقرى السورية المأهولة بالسكان.

في 25 من تشرين الأول عام 2014، اجتمع 72 شخصًا من قادة الفرق التطوعية في مدينة أضنة التركية، حيث أعلنوا رسميًا تأسيس “الدفاع المدني السوري”، واعتمدوا الآية القرآنية “ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا” شعارًا للفريق.

إنقاذ 128 ألف شخص

في ذكرى تأسيسه، أصدر “الدفاع المدني” الذي يُعرف بـ”الخوذ البيضاء” بيانًا أكد فيه أنه على مدار عشر سنوات، تمكنت فرقه من إنقاذ أكثر من 128 ألف شخص.

استجابت “الخوذ البيضاء” لعشرات الآلاف من الهجمات الجوية والبرية والكيماوية، إلى جانب الاستجابة للكوارث الطبيعية وعلى رأسها زلزال شباط 2023، والحرائق، وحوادث السير، وتقديم الرعاية الصحية والإسعافات الأولية لمئات الآلاف من المدنيين.

ووفق البيان، قام “الدفاع المدني” بإزالة أكثر من 25 ألف ذخيرة غير منفجرة من مخلّفات الحرب، وساعد في إعادة تأهيل البنى التحتية من خلال مشاريع “نوعية”، مع التركيز على المنشآت التعليمية والطبية وشبكات الطرقات ومشاريع المياه.

اقرأ المزيد: “الدفاع المدني”: فرص النجاة صارت نادرة والأمم المتحدة مسؤولة

تحديات

عناصر “الدفاع المدني” واجهوا تحديات ولحظات قاسية خلال عملهم على إنقاذ المدنيين، من تحت القصف، أو وسط الحرائق والكوارث.

حميد قطيني أحد متطوعي “الدفاع المدني” في سرمدا بريف إدلب، عاش مواقف كثيرة خلال عمله مع “الخوذ البيضاء”، أصعبها عندما استهدفت طائرات النظام مسقط رأسه خان شيخون بالأسلحة الكيماوية في نيسان 2017.

قال قطيني لعنب بلدي، “كنت أشاهد المدنيين والأطفال وهم يلفظون أنفاسهم الأخيرة أمامي، كانت لحظات قاسية جدًا، فما أصعب أن تجد أطفالًا يموتون أمامك وأنت عاجز عن فعل شيء لإنقاذهم”، مشيرًا إلى أن من المواقف الصعبة التي واجهها أيضًا مقتل زملاء له في “الخوذ البيضاء” أمامه خلال استجابتهم لعمليات القصف.

وذكر “الدفاع المدني” أن الأعمال التي قام بها في مساعدة السوريين وتوثيق الجرائم والانتهاكات، جعلت متطوعيه هدفًا لهجمات ممنهجة من قبل قوات النظام السوري وروسيا وحلفائهما، حيث قُتل 312 متطوعًا ومئات المصابين خلال عشر سنوات، أغلبهم كانوا ضحايا خلال الاستجابة لعمليات القصف.

وأضاف قطيني أن مشاهدته للأشلاء والدماء خلال عمليات الاستجابة للقصف والكوارث، سبّبت له تأثيرات نفسية وصحية، ومع تكرار تلك المشاهد زادت حالته النفسية سوءًا، وتعاظمت لديه حالات التوتر والقلق والكآبة.

أحمد بقاعي أحد متطوعي “الخوذ البيضاء”، عمل على الاستجابة في منطقة مخيمات أطمة شمال إدلب، واجه كذلك مواقف صعبة، أقساها كانت لحظة مقتل زميله في “الدفاع المدني” عندما كانا في الغوطة الشرقية، حيث أصيب حينها بقصف للنظام، ولفظ أنفاسه الأخيرة بين يديه.

قال بقاعي، لعنب بلدي، “حين توفي صديقي أمامي، شعرت حينها بالفقد والعجز بنفس الوقت، رفيق دربي ومنقذ ومسعف للمدنيين، احتاج هو إلى من ينقذه خلال العمل، بأي لحظة ممكن أن يتحول المنقذ إلى ضحية”.

وأضاف بقاعي أن مشاهد الموت والقتل والدماء والجثث، تترك آثارًا سلبية جدًا في النفس، “ولكن نحن مجبورون على المقاومة والاستمرار وحمل العبء والمسؤولية، لأننا عاهدنا أهلنا السوريين بالاستمرار في خدمتهم واستمددنا قوتنا منهم، فأي موقف لإنقاذ طفل على قيد الحياة، أو ابتسامة أمل لأي مدني، كانت تمنحنا القوة والإصرار على الاستمرار في عملنا”.

نساء في “الدفاع المدني”

“الدفاع المدني” ضمّ في صفوفه كذلك نساء عملن على الاستجابة وتقديم خدمات الرعاية الصحية ضمن النقاط الطبية، أو عبر جولات دورية في المخيمات.

متطوعات “الخوذ البيضاء” أسهمن في تقديم الإسعافات الأولية خاصة للمصابين بسبب القصف، وفي إجراء الفحوصات النسائية ورعاية الحوامل، والقيام بجلسات الرذاذ للمرضى، ومتابعة مرضى القصور الكلوي، وتقديم اللقاحات للأطفال، إضافة إلى جلسات التوعية النفسية.

سلام المحمود متطوعة في “الدفاع المدني” بمنطقة حارم في ريف إدلب، لا تغيب عن بالها لحظات الاستجابة لزلزال شباط المدمّر، فخلال عمليات انتشال الجثث والمصابين من تحت الأنقاض والدمار، سمعت صوتًا ضعيفًا ينادي من تحت الأنقاض، “يا دفاع مدني نحن هون”.

قالت سلام لعنب بلدي، “ذلك الصوت كان رسالة بأن الأمل موجود، بدأنا البحث مباشرة عن مصدر الصوت، كل دقيقة كانت تمر نشعر بالقلق والأمل في نفس الوقت، وبعد بحث طويل حددنا مصدر الصوت وأنقذنا طفلين، شعرت حينها بسعادة كبيرة وكأني أنقذت إخوتي، وصار لدي حافز لصناعة الأمل، والمساهمة في إنقاذ أشخاص آخرين تحت الركام”.

استجابت فرق “الدفاع المدني” لكارثة زلزال شباط منذ اللحظات الأولى، واستطاعت إنقاذ 2950 شخصًا من تحت الأنقاض، بينما انتشلت 2172 ضحية.

لم تقتصر الاستجابة على عمليات الإنقاذ، بل استمرت أعمال “الخوذ البيضاء” في المراحل اللاحقة لتشمل رفع الأنقاض وفتح الطرق وإزالة الأسقف والجدران المعرضة للإنهيار للحفاظ على أرواح المدنيين.

فاطمة العبيد متطوعة في “الخوذ البيضاء” بمنطقة سرمدا بريف إدلب، تحدثت عن التحديات التي واجهتها خلال عملها كأنثى في منظومة “الدفاع المدني”، حيث قالت إنه في بداية عملها كانت هناك نظرة سلبية لمتطوعات “الدفاع المدني”، وإن هذا العمل غير متعارف عليه ضمن المجتمعات.

وأضافت فاطمة لعنب بلدي، “مع مرور الوقت ومن خلال تقديمنا للخدمات التي نبعت من إيمان المؤسسة بأهمية وجود متطوعات وعملهم، تغيّرت هذه النظرة وأدرك المجتمع أهمية الخدمات المقدمة من قبلنا لكل السوريين، والتي امتد أثرها لتشمل جميع فئات المجتمع، وأصبح وجود المتطوعات ضرورة، وأثبتن جدارتهن في كل المجالات والميادين”.

تأسست المراكز النسائية في “الدفاع المدني السوري” عام 2017، حيث كان الانطلاق بثمانية مراكز، ثم أصبح هناك حاليًا 33 مركزًا نسائيًا تتوزع على محافظات حلب وإدلب وريفي اللاذقية وحماة، تعمل ضمنها أكثر من 260 متطوعة.

في آذار 2022، قام “الدفاع المدني” بتعزيز دور المرأة وزيادة تمثيلها لديه من 10% إلى مايقارب 30%، ليكون هناك دور للمتطوعات بفعالية أكبر.

رسائل تحدٍ وإصرار

بعد مضي عشر سنوات، يواصل متطوعو “الدفاع المدني” عملهم، موجهين رسائل تؤكد على التحدي والاستمرار.

قال المتطوع حميد قطيني، “سنستمر بعملنا لتحقيق رؤيتنا بالسلام وإعمار كل الدمار، وإنقاذ أهل بلدنا ونكون صوتهم المطالب بالعدالة، وننقل الواقع السوري لكل العالم حتى يشاهد جرائم النظام وروسيا”.

أحمد بقاعي وجّه كذلك رسالة قال فيها، إنهم يعملون انطلاقًا من الآية القرآنية “ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا”، مضيفًا، “غايتنا كمتطوعين إنقاذ روح ومسح الألم، وزراعة الأمل والبسمة على وجوه كل السوريين”.

بدورها، وجّهت المتطوعة سلام المحمود رسالة لكل السوريين قالت فيها، “كونوا بخير حتى نحن نكون بخير، ونعاهد أنفسنا باستمرار العمل والوقوف بجانبكم في كل اللحظات وفي كل الظروف”.

في الذكرى العاشرة لتأسيس “الدفاع المدني”، قال مديره، رائد الصالح، في فيديو على منصة “إكس“، إن “الخوذ البيضاء هي مؤسسة لكل السوريين، تمثل كل إنسان مؤمن بحماية الأرواح وقيم الخير والعدالة والسلام”.

وأضاف، “أشكر جميع السوريين وكل من وقف معنا ودعمنا وساعدنا، ونجدد العهد على الالتزام بقيم ومبادئ العمل الإنساني”، وختم قائلًا، “عقد من الأمل، ننقذ الأرواح ونبني مستقبل سوريا”.

اقرأ أيضًا: البدايات الأولى لتأسيس الدفاع المدني السوري

مقالات متعلقة

  1. أغلبهم على يد النظام والروس.. "الدفاع المدني" خسر 289 متطوعًا منذ تأسيسه
  2. "الخوذ البيضاء".. ثماني سنوات على تلبية نداء الاستغاثة الأول
  3. "الخوذ البيضاء".. ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا
  4. "الخوذ البيضاء".. باحثون عن حياة بين الركام

سوريا

المزيد من سوريا