حكومة النظام تحوّل محافظة طرطوس إلى عاصمة للاقتصاد السوري

  • 2016/04/03
  • 1:47 ص

عنب بلدي – خاص

وجه رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في تشرين الأول من العام الماضي، رئيس الحكومة وائل الحلقي لتكريم عدد من أسر الشهداءوجرحى الجيش في طرطوس، وخلال الزيارة دشن عددًا من المشاريع الخدمية والتنموية بقيمة إجمالية تقدر بمليار ليرة، بعد أن خص الأسد المحافظة بمنحة قيمتها 885 مليون ليرة.

توسعت دائرة اهتمام حكومة النظام السوري خلال سنوات الأزمة بالمناطق الساحلية، وخاصة طرطوس، مقارنة مع المناطق الأخرى. فخروج مساحات واسعة عن سيطرته وتراجع شعبيته في مناطق أخرى يسيطر عليها، جعله يركّز دعمه لمناطق بعينها، كونها تشكل حاضنة شعبية وخزانًا بشريًا لقواته، فكانت طرطوس وجهة حكومة النظام لإطلاق يد المستثمرين فيها، ولتحويل معظم مشاريع الوزارات الخدمية إلى هذه المحافظة، على حساب بقية المحافظات، التي مايزال يحتفظ بوجود “رمزي” فيها، كالحسكة ودير الزور.

ومع استمرار التزيف البشري لقوات النظام وارتفاع حجم الخسائر البشرية، وجدت حكومته أنه من المفيد، ولاستمرار كسب الولاءات، تقديم الدعم الاقتصادي لمناطق ماتزال تدين بالولاء المطلق للنظام، فتفتحت عيون المسؤولين على مشاريع ضخمة زراعية وصناعية وخدمية، حتى باتت طرطوس حديث الإعلام الرسمي، فلا يكاد يمر يوم إلا ونسمع عن مشروع جديد، أو افتتاح منشأة أو مركز خدمي.

وتركز الدعاية الإعلامية لحكومة النظام على أن محافظة طرطوس بحاجة لمشاريع صغيرة ومتوسطة ومتناهية الصغر، ووعد رئيسها، الحلقي، أكثر من مرة بتقديم التمويل اللازم لها لدعم الأسر، وخاصة أسر “الشهداء”، لتحقيق استقرار اجتماعي ومادي لأبناء المنطقة.

وأصبحت طرطوس الوجهة الأولى للاستثمار و”المغناطيس” الجاذب لرؤوس الأموال المهاجرة من بقية المحافظات السورية، وعلى رأسها حلب، لما تتمتع به من أمان ولتوفر عوامل لوجستية تسهل على الصناعيين الاستيراد والتصدير، لتحل طرطوس مكان حلب وتقترب من أن تصبح”عاصمة الاقتصاد السوري” في “سوريا المفيدة”.

مشاريع خدمية وتعليمية

خلال العام 2015 نفذت مديرية الخدمات الفنية في طرطوس عشرات المشاريع الخدمية في مجالات الطرق والأبنية والتخطيط العمراني، ودشن الحلقي بنفسه مشروعًا طرقيًا ضخمًا على أوتوستراد طرطوس- اللاذقية، بقيمة إجمالية 232 مليون. وافتتح مبنى فرع المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية بقيمة إجمالية تقدر بـ 87 مليون ليرة سورية، إضافة لمشاريع تنموية أخرى.

وكذلك تم توجيه وزارة الإسكان لدراسة واقع السكن الشعبي والشبابي والتعاوني، ووضع الحلول من أجل الانطلاق بمشاريع جديدة. كما تم بناء 18 مدرسة للتعليم الأساسي والثانوي، ووضعت قيد الاستثمار من أصل 52 مشروعًا قيد التنفيذ، إضافة إلى تأهيل وإكمال بناء عدة مدارس في المحافظة وتنظيم ثلاثة عقود لتأمين مقاعد مدرسية لمصلحة مديرية التربية.

تأسيس خمسة معامل دفعة واحدة

قفزة كبيرة شهدتها محافظة طرطوس في عدد المشاريع، أقيمت على أرضها، وخاصة مطلع العام الحالي. وأكد سائر العاتكي، عضو المكتب التنفيذي لقطاع الاستثمار في المحافظة، لوسائل إعلام تابعة للنظام أنه تمت الموافقة على تأسيس ستة مشاريع استثمارية لدى فرع هيئة الاستثمار في طرطوس بقيمة ملياري ليرة، وهي: معمل لإنتاج قضبان الحديد بالدرفلة بقيمة تتجاوز 1.5 مليار ليرة، وقوة عاملة تصل إلى 210 عمال، ومعمل لإنتاج الأدوية البشرية بقيمة تتجاوز 350 مليون ليرة ويشغل 250 عاملًا، ومشروع لتعبئة وتخزين الحبوب وإقامة صوامع بقيمة 300 مليون ليرة.

أما المشروع الرابع فهو لإنتاج الحديد بقيمة 300 مليون ليرة، وأخيرًا مشروعان لإنتاج الأدوية البشرية الأول بقيمة 400 مليون ليرة، يشّغل 374 عاملًا، والثاني بقيمة تتجاوز 280 مليون ليرة وبقوة عاملة 50 عاملًا. والمشروع السابع معمل لإنتاج البيرة الكحولية وغير الكحولية بقيمة تتجاوز 35 مليون ليرة سورية.

يؤكد الخبير الاقتصادي بهاء بوظو لعنب بلدي، أن حكومة النظام ركّزت جزءًا كبيرًا من الكتلة النقدية المخصصة للمشاريع التنموية في موازنتها السنوية لدعم المناطق الساحلية، وأن غالبية المعامل الضخمة، وخاصة مصانع الأدوية، التي كانت في حلب وحمص نقلت إلى طرطوس والساحل.

يضيف بوظو أن أكثر من 75% من ثروة سوريا والتي تتمثل بالقمح والقطن والزيتون والكثير من المحاصيل الأخرى، إلى جانب ما يقارب 90% من ثروة النفط والغاز، وأكثر من نصف ثروات سوريا الباطنية الأخرى، باتت خارج “سوريا المفيدة”، بالمقابل، يعمل النظام على حشد كل الطاقات في المناطق التي تقع تحت سيطرته لتحقيق أمن اقتصادي صناعي وزراعي للفترة المقبلة.

بعد دمشق.. معهد عال للغات

لأول مرة يصدر رئيس النظام السوري مرسومًا بتأسيس معهد للغات خلال الأزمة، وقد وقع خياره على محافظة طرطوس، فأصدر مرسومًا يقضي بإحداث المعهد العالي للغات في جامعة طرطوس، وذلك من أجل “النهوض بمستوى تعليم اللغات وتأهيل خريجين في مجال تعليم اللغات لغير المختصين بها”.

المرسوم رقم 89، أعطى غطاءً قانونيًا لتأسيس معهد عال للغات هدفه النهوض بمستوى تعليم اللغات، ومنح الدرجات العلمية في الاختصاصات التي تحددها اللائحة الداخلية للمعهد، وإجراء الدراسات والأبحاث والدورات في مجال تعليم اللغات، وتأهيل خريجين في مجال تعليم اللغات لغير المختصين ولغير الناطقين بها، والإشراف على تعليم اللغات لغير المختصين في مرحلة الإجازة الجامعية.

وقال رئيس جامعة طرطوس عصام الدالي، لوكالة الأنباء الرسمية “سانا” إن “إحداث المعهد سيوفر الجهد والوقت الكبيرين على الطلاب والراغبين بتعلم اللغات في المحافظة، الذين كانوا يضطرون للذهاب إلى جامعة البعث بحمص أو جامعة تشرين باللاذقية”، مشيرًا إلى أن “المعهد العالي للغات يعتبر بمقام كلية، وهو معهد لغير المختصين ويشمل اللغات الإنكليزية والفرنسية والروسية والفارسية والإسبانية”.

تنشيط القطاع الصحي بتأسيس معمل أدوية

سار القطاع الصحي جنبًا إلى جنب مع بقية القطاعات، التي نالت رعاية كبيرة من حكومة النظام، إذ بلغت نسبة التنفيذ المالية لخطة المشروعات الصحية في المحافظة خلال العام 2015 على الموازنة الاستثمارية 82.4 %، إذ تم إنفاق مبلغ مقداره 216.397 مليون ليرة من الاعتماد البالغ 262.700 مليون ليرة،  وبلغت نسبة التنفيذ من الموازنة الجارية 107 %.

وفي شباط الماضي، افتتحت وزارة الصحة معمل “هيومان فارما” للصناعات الدوائية، بتكلفة بلغت 1.5 مليار ليرة، وبحسب وزير الصحة نزار يازجي، فالمعمل من المنشآت التي تقوم بإنتاج الأدوية المفقودة في السوق المحلية، مشيرًا إلى وجود 70 معملاً لإنتاج الأدوية في سوريا، منها ثمانية معامل تم الترخيص لها في اللاذقية وطرطوس. والمعمل هو الأول في المحافظة من حيث الإنتاج، ويأتي ضمن المشاريع المرخصة والتي يبلغ عددها عشرة معامل.

أول مدينة سياحية بالساحل

اهتمام حكومة النظام انتقل إلى المجال السياحي، ولم يقتصر على الخدمات أو الصناعة، إذ قررت وزارة السياحة إقامة مدينة سياحية في منطقة برج سلام بمحافظة اللاذقية، بتكلفة تتجاوز 20 مليار ليرة، تحوي أبراجًا سكنية وسياحية، ومقاهي ومطاعم، ومنح المستثمرون قطعة أرض في المدينة “لمدة زمنية مغرية وبعرض مغرٍ”، على حد تعبير وزير السياحة، بشر يازجي.

وذهبت الوزارة أبعد من ذلك في الاستثمار بالمجال السياحي في منطقة الساحل، إذ كشف يازجي اعتماد قرار لمجلس السياحة السابق، وبصورة علمية لإنشاء مناطق حرة سياحية، إذ تم مؤخرًا تحديد أربع مناطق حرة سياحية.

مخططات لبناء 15 مدينة صناعية في طرطوس

يجمع المسؤولون الحكوميون في طرطوس على حاجة المحافظة لمزيد من الاستثمارات الزراعية والصناعية حتى تحقق نهضة حقيقية بالاستفادة من الإمكانيات المادية واللوجستية المتاحة، وذلك رغم النهضة الصناعية التي حققتها خلال السنوات الخمس الماضية، بعد تدفق المستثمرين السوريين إليها لإقامة مشاريعهم، التي تعرض جزء كبير منها للدمار بسبب القتال في مختلف مناطق سوريا.

مدير المناطق الصناعية في محافظة طرطوس، حسان عباس، أكد أن المديرية تقوم حاليًا بتجهيز أضابير 15 منطقة صناعية في عدة مناطق لتحديد قيمة تكاليف التجهيز والإنشاء، بما في ذلك قيمة الاستملاكات، والعمل جار في أعمال البنية التحتية من مياه وكهرباء.

واعتبر عباس أن موضوع إحداث مناطق حرفية وصناعية في طرطوس خطوة “لا عودة عنها”، وستتم إزالة جميع المعوقات التي تعترضها بدعم مباشر من المحافظة. مشيرًا إلى أن هذه المناطق الحرفية ستساهم في تحقيق نهضة صناعية “مهمة” في المحافظة، كما ستساهم في إسراع إنجاز المشاريع الحرفية والصناعية المرخصة.

وخلال العام الماضي تم تأسيس 140 منشأة صناعية وحرفية بقيمة 339 مليون ليرة تشغل 389 عاملاً، منها 84 منشأة صغيرة بقيمة 62 مليون ليرة.

مقالات متعلقة

  1. 17 مليار ليرة لطرطوس.. ناشطون: الأسد يسدد ثمن دماء شبابها
  2. النظام السوري يرخّص لثماني "منشآت سياحية" في طرطوس
  3. وزير السياحة يأسر قلوب الموالين ويتفرّد بـ «الأكثر شعبية»
  4. مشاريع سياحية بقيمة 335 مليون ليرة في الساحل السوري

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية