تعد سوريا من أوائل الدول التي يخلو سجلها المالي بشكل شبه كامل من الديون الخارجية أو الداخلية، بعد أن شطبت روسيا ما تبقى لها من ديون متبقية من عهد الاتحاد السوفيتي، وبقي السجل نظيفًا حتى العام 2011، حين بدأت الثورة السورية وبدأ الخناق الاقتصادي يضيق على النظام السوري بسبب العقوبات الاقتصادية العربية الأوروبية. وتوقفت السياحة والصناعة والتحويلات الخارجية، التي تشكل أعمدة أساسية في النهوض الاقتصادي وتحقيق اكتفاء ذاتي من القطع الأجنبي يدعم قيمة العملة المحلية.
لكن تدهور الوضع المالي للنظام السوري واشتداد الحاجة إلى موارد مالية يؤمّن من خلالها نفقات الحكومة والجيش، دفعه للاستدانة من الحلفاء، وكانت إيران أكثر الدول سخاءً، تلتها روسيا.
ساهم توجه النظام إلى الاستدانة عبر إبرام اتفاقيات للحصول على قروض مباشرة (خطوط ائتمانية) بزيادة الدين العام على سوريا، والتي يتوقع أن يدفعها الشعب السوري لاحقًا.
خلال العام 2013 حصلت حكومة النظام على قرض ائتماني قيمته نحو ثلاثة مليارات ليرة من إيران على شكل مواد غذائية ومحروقات، لكن سرعان ما نفد هذا القرض، لتحاول حكومة النظام مرة أخرى الترتيب لقرض جديد قيمته نحو مليار دولار لاستجرار المواد الغذائية والمحروقات والأدوية.
من غير المعروف حجم الدين الذي تكبدته الخزينة العامة السورية خلال الحرب، فبالإضافة إلى القروض الإيرانية، كان النظام السوري يسعى جاهدًا للحصول على الدعم المالي والعسكري من روسيا. ولا يوجد تقديرات رسمية لحجم الدين بذمة الحكومة الحالية لصالح روسيا، التي تمثل دعمها بتزويده بالأسلحة، سوى أن إنفاق الأسد على التسلح زاد أضعافًا.
ومن المعروف أن الدين العام وحجمه يؤثر على سمعة الحكومات ويقوض أو يزيد ثقة المسستثمرين بها، لكن قد لا يكون أمام الدول من سبيل لمواجهة الأزمات أو الأحوال الطارئة إلا بالاستدانة.
وتتجه الدول للاستدانة عندما لا تكفي الموارد لتغطية نفقات الحكومة، التي تتطلبها الأحوال الطارئة، مثل الحرب وحالات التضخم، كما في الحالة السورية.
وتستدين الدول أيضًا لتمويل مشروعات اقتصادية ولمواجهة النفقات الجارية، ويمكن أن يكون الدين العام على شكل سندات دين غير قابلة للتداول أو أذونات خزانة.
للدين العام فوائد قصيرة الأجل على الاقتصاد، لجهة انتعاشه عبر ضخ الأموال وإطلاق استثمارات، لكن في حال زاد الدين العام فإن ذلك سيشكل عبئًا على الخزينة العامة لأن الدائنين عادة سيطلبون رفع أسعار الفائدة.