سوريا.. ما وراء إسقاط العضوية في “مجلس الشعب”
يثير قرار “مجلس الشعب السوري” بإسقاط عضوية نائبين، بعد حصولهما على الجنسية التركية في الشهر ذاته، حالة من الجدل والتساؤلات بشأن آلية تطبيق مثل هذا الإجراء، والأسباب التي حالت دون التقيد فيه سابقًا، وكيفية وصول هؤلاء النواب إلى مقاعدهم دون الكشف عن مسألة “ازدواجية” الجنسية منذ البداية.
وتذهب التساؤلات أيضًا باتجاه ما إذا كان التصويت على إسقاط العضوية يعكس توجهًا “قانونيًا” أم يخضع لاعتبارات أخرى.
ونشرت صحيفة “الوطن” المحلية، 22 من تشرين الأول، أن مجلس الشعب صوت بالإجماع على إسقاط عضوية محمد حمشو بسبب حصوله على الجنسية التركية.
وجاء ذلك بعد أيام من إسقاط عضوية عضو مجلس الشعب، شادي دبسي، لسبب مماثل، في 10 من تشرين الأول الحالي.
ماذا حصل؟
وكان المجلس قد وافق، في 10 تشرين الأول، على تقرير مكتبه الذي اقترح إسقاط عضوية دبسي استنادًا إلى المادة “243” من النظام الداخلي للمجلس.
وتمنح المادة مكتب المجلس صلاحية اقتراح سحب العضوية إذا فقد النائب أحد شروط الترشح، كما تنص على إبلاغ المحكمة الدستورية العليا خلال سبعة أيام من صدوره، لتتولى المحكمة إعلان شغور المقعد بموجب حكم رسمي.
وأكد محامٍ يقيم في دمشق، أنه يحق لمجلس الشعب حسب المادة المذكورة أن يسحب عضوية أحد أعضائه إذا ثبت أنه فقد أحد شروط الترشح للمنصب.
وقال المحامي المطلع على تفاصيل القضية، لعنب بلدي، إن القانون أوجب على المجلس “إعلام” المحكمة الدستورية، ولم يشترط أخذ موافقتها.
وفي الإجابة عن ماهية الأسباب وراء سحب العضوية، أجاب المحامي عن عدم معرفته ما إن كان هناك “أسباب سياسية تكمن خلف هذا الإجراء”.
ومن أحد شروط الترشح لمجلس الشعب، أن يكون المرشح عربيًا سوريًا لمدة لا تقل عن العشر سنوات، وألا يحمل جنسية أخرى غير السورية.
مدير تجمع المحامين السوريين، غزوان قرنفل، قال لعنب بلدي إن سحب العضوية مرتبط بالمادة “152” من الدستور.
وتنص المادة المذكورة على أنه “لا يجوز لمن يحمل جنسية أخرى إضافة للجنسية العربية السورية أن يتولى منصب رئيس الجمهورية أو عضوية مجلس الشعب أو عضوية المحكمة الدستورية العليا”.
وأرجع قرنفل سبب وصول النواب إلى مجلس الشعب من دون التحقق إن كان الشخص مزدوج الجنسية أم لا بشكل مسبق إلى “التقصير”، ووصفه بـ”خطأ إجرائي”.
من هو محمد حمشو؟
هو رجل أعمال سوري، من مواليد دمشق، ويعد واجهة وشريكًا مقربًا من ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام السوري.
وشغل منصب أمين سر “غرفة تجارة دمشق”، وأمين سر “اتحاد غرف التجارة السورية”.
كان حمشو عضوًا في مجلس الشعب أيضًا، ممثلًا عن دمشق منذ عام 2016 إلى 2020، ورئيس مجلس إدارة كل من “مجموعة حمشو الدولية”، التي تتبع لها حوالي 20 شركة فرعية، و”مجلس رجال الأعمال السوري- الصيني”، وعشرات الشركات الأخرى.
وأدرج حمشو في قائمة العقوبات الأميركية، عام 2011، وذلك لتقديمه الدعم والعمل لصالح الأسد وشقيقه ماهر، كما تم إدراج “مجموعة حمشو الدولية”، وهي شركة يملكها، وتضم ما يقارب 20 شركة تابعة لها، في قوائم العقوبات.
ويعد من أوائل الشخصيات الذين فرض عليهم الاتحاد الأوروبي عقوباته، بالإضافة إلى العقوبات التي أدرجتها الولايات المتحدة الأمريكية.
واستبعد حمشو من مجلس إدارة “غرفة التجارة العربية الألمانية” بعد تقرير صحفي ألماني، نُشر في عام 2020، لإدراجه في قائمة عقوبات الاتحاد الأوروبي الولايات المتحدة الأمريكية، ما يعني منعه من دخول ألمانيا.
استبعاد محمد حمشو من مجلس إدارة “غرفة التجارة العربية الألمانية”
مراسيم فضفاضة لملاحقة النواب
وكان مجلس الشعب قد أجرى تعديلات على عدة مواد ضمن نظامه الداخلي، في 8 من أيار 2024، متعلقة بالحصانة البرلمانية لأعضائها.
ووفق التعديلات، صار بإمكان وزير الدفاع تقديم طلب رفع الحصانة عن عضو المجلس في حال كان الادعاء مرتبطًا بالقضاء العسكري، بعد أن كان ذلك مقتصرًا على وزير العدل والمحاكم المدنية فقط.
ويلتزم المجلس بالبت في طلب رفع الحصانة خلال شهرين من تاريخ وصول الطلب، مع تحديد مدة لا تتجاوز عشرة أيام لكل مرحلة من مراحل النظر في الطلب، بهدف تسريع الإجراءات.
جاءت هذه التعديلات في أعقاب قضية عضو المجلس فؤاد علداني، المتهم بمخالفة تتعلق بملف تهريب المحروقات ما تسبب بهدر مليارات الليرة السورية.
وكان مجلس الشعب، في 29 من آذار الماضي، رفع الحصانة البرلمانية عن علداني، بناءً على طلب وزير العدل المتضمن منح إذن الملاحقة القضائية بحق علداني المتورط في قضايا فساد.
وفق ورقة بحثية نشرها الباحث في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، محسن مصطفى، تموز الماضي، قال إن أهدافًا باتجاهين وراء التعديلات الأخيرة التي أجراها مجلس الشعب بشأن الحصانة.
فمن ناحية يرسل النظام إلى الأعضاء الجدد الذين وصلوا إلى “مجلس الشعب” خلال الانتخابات الأخيرة بأنهم تحت المراقبة، ويمكن ملاحقتهم قضائيًا، كما أن الحصانة البرلمانية التي يُفترض أن يتمتعوا بها هي تحت سقف إرادة النظام.
وفي المقابل يستفيد النظام من التعديلات الأخيرة في الحفاظ على سيطرته على أعضاء “مجلس الشعب” ويعزّز من ولائهم له، خصوصًا أن انتخابات “مجلس الشعب” الأخيرة لم تحمل كثيرًا من التغييرات.
اقرأ أيضًا: سوريا.. مجلس الشعب يأذن بالملاحقة القضائية لأحد أعضائه
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :