انقطاع المطر يؤخر قطاف الزيتون في الباب
يعاني المزارعون في منطقة الباب شمال غربي سوريا، والبلدات المحيطة بها، من الجفاف وندرة سقوط الأمطار هذا الموسم.
وانعكس ذلك سلبًا على محاصيلهم الزراعية، لا سيما الزيتون الذي اقترب موعد قطفه.
ويعتمد 80% من المزارعين في مدينة الباب وريفها على الزراعة البعلية (تعتمد على مياه الأمطار)، بحسب المجلس المحلي للمدينة.
ودعت مديرية الأوقاف والشؤون الدينية في مدينة الباب، إلى “صلاة الاستسقاء” (صلاة يؤديها المسلمون لطلب المطر)، يوم الجمعة 25 من تشرين الأول، ما يشير أيضًا إلى تأخر سقوط المطر وتضرر المزارعين.
“مطرة واحدة تكفي”
ينتظر أسعد الكزكاز، المزارع المقيم في منطقة الباب، هطول المطر، بعدما نصحه صاحب المعصرة الذي يتعامل معه دائمًا بذلك.
مختار بلدة نعمان التابعة لمدينة الباب وعضو جمعية الفلاحين، أحمد الأحمد، قال لعنب بلدي، إن هطول المطر لمرة واحدة يكفي ليتمكن المزارع من قطف ثمار الزيتون.
لكن يحتاج المزارع إلى سنتين أو ثلاثة لتعويض الخسائر نتيجة الجفاف، بحسب مختار بلدة نعمان.
ليس الزيتون فقط
مختار بلدة نعمان أوضح، لعنب بلدي، أن محاصيل أخرى مثل العنب والمزروعات الشتوية تأثرت أيضًا بسبب الجفاف وقلة الأمطار.
وقال الأحمد إن محصول العنب انخفضت جودته وأصبحت حباته صغيرة وجافة، رغم أن كروم العنب مسقية وليست بعلية.
كما لم تثمر مزروعات صيفية وخريفية مثل القمح والخيار والكمون والشعير.
وتعرّض شجر الرمان أيضًا والعديد من المزروعات عند أسعد الكزكاز وغيره من المزارعين للضرر.
أمراض غير مسبوقة
وأشار مختار بلدة نعمان والمزارعون الذين تحدثت معهم عنب بلدي، إلى وجود حشرات وأمراض غير مسبوقة تصيب الزرع لهذا الموسم.
المهندس الزراعي عمر الحميدي، أوضح لعنب بلدي، أن تأخر سقوط المطر يؤدي إلى تكاثر أطوار جديدة من الآفات والحشرات والفيروسات.
ووفق الحميدي، تؤكد الدراسات العلمية أن التغير المناخي له دور أساسي في انتشار الآفات والأمراض النباتية مثل دودة الحشد وذبابة الفاكهة والجراد الصحراوي.
ويؤثر انحباس الأمطار والجفاف وارتفاع درجات الحرارة لفترات طويلة على عملية النمو عند الكائنات الحية الدقيقة، المفيدة في تحليل المواد العضوية.
وأضاف الحميدي أن النباتات والكائنات الحية الدقيقة تحتاج إلى نسبة رطوبة معتدلة ومناسبة للنمو بشكل صحيح.
بالمقابل، تفيد الأمطار الخريفية الأشجار دائمة الخضرة، كما تسهم في غسل شجر الزيتون ورفع جودة الزيت.
وتساعد الأمطار المبكرة على غسل الأملاح التي تتراكم في التربة طوال الصيف، وتسهّل تفكيك التربة وعملية الحراثة، وفق ما أفاد المهندس الزراعي.
احتباس حراري
يرجح المهندس الزراعي وليد كناص، وهو مزارع أيضًا في منطقة الباب، سبب الجفاف هو الاحتباس الحراري وقلّة المسطحات الخضراء في المنطقة.
وأضاف كناص أن المواسم الأربعة الأخيرة شهدت أيضًا جفافًا وتأخرًا في سقوط الأمطار بشكل واضح.
ويفترض أن تنزل الأمطار في شهر أيلول مرة أو مرتين على الأقل كما هو المعتاد في كل سنة، وهو ما لم يحصل في السنوات الأخيرة، حسبما قال كناص.
ما الحل؟
الحل الوحيد أمام المزارعين هو سقاية المزروعات البعلية من المياه الجوفية، بحسب المزارعين الذين تحدثت معهم عنب بلدي.
وهو ما أكّده المهندس الزراعي الحميدي، وقال إن تأخر المطر سيضطر المزارع إلى زيادة عملية الري التقليدية (السقاية)، مما سيزيد التكاليف على المزارع.
لكن مختار قرية النعمان قال إنّ الآبار الجوفية تشهد جفافًا أيضًا وبالكاد تكفي.
وأردف الأحمد، أن المزارع الذي تدارك الأمر منذ بدايته وأجرى حسابات دقيقة لمقارنة المياه المتوفرة لديه وحاجة الزرع الضرورية، استطاع الخروج من هذه الأزمة.
لإعادة تفعيل مشاريع الري
اشتكى مختار قرية النعمان من عدم فاعلية المبيدات الزراعية التي تتوفر في المنطقة، وسط غياب التوجيه والتوعية من قبل الجهات المختصة في المنطقة.
ولا توجد خطط توعوية من المجلس المحلي بمدينة الباب وريفها للمزارعين في المنطقة، حول أزمة الجفاف، بحسب ما أكّده مسؤول الزراعة والثروة الحيوانية في المجلس، المهندس الزراعي محمد العلي.
واعتبر العلي، أن الخبرة لدى المزارع جعلته يتكيف إلى حدّ ما مع قلّة الأمطار.
وطالب العلي من “الجهات المعنية” والمنظمات، السعي مع المجلس لإعادة تفعيل مشاريع الري، ودعم المزارعين في المنطقة بشبكات الري ومعالجة مياه الصرف الصحي لاستخدامها في الري.
وكانت مدينة الباب تستقدم المياه من نهر الفرات، قبل اندلاع الثورة السورية عام 2011، وخروج المنطقة عن سيطرة النظام السوري، بحسب ما أفاد المهندس والمزارع كناص.
وشجّع المسؤول في المجلس المحلي، المزارعين على التوجه للمزروعات التي تحتاج إلى مياه أقل، في ظل أزمة المياه التي تشهدها المنطقة.
كما دعا العلي المزارعين إلى زيادة التشجير وخاصة في الأراضي الفقيرة والمحجّرة، للمساعدة في مقاومة الجفاف.
ويبلغ عدد الأشجار بمدينة الباب وريفها نحو مليون و650 ألف شجرة، بحسب تقديرات المجلس المحلي لمدينة الباب.
ويشكل الزيتون نسبة 80% من الأشجار، ثم يأتي الفستق والرمان والعنب واللوز وباقي الأنواع الأخرى.
وتقدّر نسبة المساحة المزروعة في الباب بحوالي 12500 هكتار، ويبلغ عدد المزارعين في المنطقة نحو 4500 مزارع.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :