الإجماع هو الآلية الصحيحة وليس الأغلبية
م. خليل آغا
سألنا الخبيرة الهولندية عن آلية اتخاذ القرارات في المجلس فقالت: “نحن نعتمد الإجماع، وليس الأغلبية”.
في أي لجنة أو مجموعة عمل أو مجلس فإن الآراء تختلف بين مؤيد ومعارض لطرح ما، التصرف الشائع هو الاعتماد على التصويت وأخذ رأي الأغلبية كآلية لاتخاذ القرار.
إن وضع آلية متفق عليها مسبقًا لاتخاذ القرارات في أي فريق عمل مسألة مهمة وحساسة.
ولكن لنناقش ما هي الآلية الأصح لاتخاذ القرارات؟ الجواب هو: في أغلب الحالات الآلية الأصح هي الإجماع.
ولكن هل الإجماع ممكن عمليًا؟ الجواب نعم ممكن!
وحتى يحصل ذلك يجب أن يتفق فريق العمل على احترام الآراء ووجهات النظر المختلفة بدون تعليقات مسيئة أو قمع من قائد الجلسة أو من غيره، وإعطاء الوقت الكافي لصاحب الفكرة لشرحها وتوضيحها، ومن أين جاء بهذه الفكرة؟ ولماذا؟ وماذا سنستفيد إن اعتمدنا هذه الفكرة؟ وماذا سنخسر إن لم نعتمد الفكرة هذه؟ وأمثلة عملية، وحالات كنماذج لإيضاح الفكرة وأهميتها…، طبعًا مع الانضباط بالوقت وعدم الاستطراد في أمور لا علاقة لها بموضوع النقاش.
وقد يقول قائل: هذا مضيعة للوقت، ولكنني أقول: المطلوب إعطاء كل أمر حقه والتركيز على نجاح العمل وليس مجرد سيره، المطلوب أن تصل الحافلة إلى الهدف المحدد وليس فقط المحافظة على دوران عجلات الحافلة.
طبعا عندما يطرح أحد أعضاء فريق العمل طرحًا ما فينبغي أن يكون متجردًا عن نزواته الشخصية، وألا تقوده إلا المصلحة العامة، وكذلك كل من يرد على الطرح أو يعترض عليه.
وعلى كل من يعترض على الطرح أن يبين وجه الاعتراض وأسبابه، وهل الطرح كله غير مناسب أم مطلوب إجراء تعديلات فقط، مع أمثلة عملية، وحالات كنماذج لإيضاح الاعتراض وأهميته، وطرح التعديلات المطلوبة أو الطرح البديل وليس مجرد الاعتراض.
باختصار اذكر رأيك بصراحة ووضوح وابذل أقصى ما في وسعك لإقناع باقي فريق العمل به، منطلقًا من حرصك على المصلحة العامة فقط.
يجب أن يحرص الجميع أثناء النقاش على إغناء الأفكار والإضافة إليها وليس تكرارها.
أمر آخر يوصلنا إلى الإجماع، وهو البحث عن حلول لدوافع كل طرح، بدل التعلق بشكلية كل طرح، مما يوصلنا إلى حلول مختلفة عن كل الطروحات، ولكنها تحصل على الإجماع.
المهم هو تحصيل المصلحة العامة وليس “طرح من حصل على الموافقة؟”، إن جلسات الحوار هذه أشبه بجلسات العصف الذهني، فإن طرحًا لفكرة فاشلة تمامًا من أحدهم قد يولد طرحًا ناجحًا عند آخر، ولذلك لا يحق لنا أن نقول إن فلانًا هو صاحب الفكرة الناجحة، فهو لم يكن ليصل لهذه الفكرة الناجحة لو جلس يفكر لوحده بدون باقي المجموعة.
أمر آخر: قد يحصل الإجماع بسبب الخيانة! أي أن يطرح أحدهم فكرة ويوافق عليها الجميع بسبب سيطرة القائل أو ممالأةً له أو حرصًا على مصالحهم معه، وكل هذه الحالات تعتبر خيانة للمصلحة العامة وتقديم المصلحة الخاصة عليها.
وقد يحصل الإجماع بسبب كون أعضاء فريق العمل نسخًا مكررة عن بعضهم، وهنا المشكلة تكمن في عدم تنوع الفريق، إن عدم تنوع الفريق يقضي على الإبداع، ويضر بالمصلحة العامة على المدى البعيد.
نعود إلى آلية اتخاذ القرارات بالأغلبية، فهي تدفعنا إلى التساهل، وعدم إشباع القضية المطروحة بحثًا، وتخلق حلولًا مكررة غير إبداعية، وتضر بالمصلحة العامة على المدى البعيد.
وعندما يحصل الإجماع الصحيح فهذا يصل بنا إلى قمة الدافعية لتنفيذ القرار من جميع أعضاء الفريق.
وكي نكون واقعيين عمومًا فلنعتمد على الإجماع كآلية لاتخاذ القرارات، وبعد بذل أقصى الجهد وعدم الوصول الى الإجماع نعتمد على قرار الأغلبية للترجيح.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :