انشغلت الأوساط التركية خلال اليومين الماضيين بخبر إلقاء القبض على أفراد عصابة اتهموا باستغلال الأطفال حديثي الولادة، بهدف الاحتيال على مؤسسة التأمينات الاجتماعية وتحصيل الأموال منها.
وأطلق على العصابة اسم “عصابة حديثي الولادة”، ورغم أن التحقيقات التي بدأتها السلطات بشأنها حصلت قبل أكثر من عام، لعبت النتائج التي توصلت إليها مؤخرًا دورًا كبيرًا في الكشف عن كامل الخيوط التي أحاطت بالكثير من الأطفال وأسفرت عن وفاة البعض منهم.
وألقت السلطات التركية حتى الآن على 22 من أصل 47 مشتبهًا بهم في ولايتي إسطنبول وتيكرداغ، وفق وكالة “الأناضول”.
وبموازاة ذلك، ألغت وزارة الصحة تراخيص تسع مستشفيات خاصة في إسطنبول، كانت متورطة في التعاون مع هذه العصابة.
ما قصة العصابة؟
بحسب وكالة “الأناضول” التركية، فإن آلية عمل العصابة تقوم على توقيع عقود مع المشافي الخاصة عبر شركات خدمات طبية وهمية نشطة.
وتتعهد من خلال العقود بملء أقسام العناية بالمواليد الجدد مقابل حصولها على دخل أكبر من مؤسسة التأمينات الاجتماعية.
ولا تقتصر أنشطة العصابة على ما سبق، بل تصل إلى تحويل أطفال حديثي الولادة من مشافي حكومية إلى خاصة وإبقائهم في الحضانات فترات أطول بهدف الحصول على أكبر قدر ممكن من الأموال من التأمينات.
وأسفرت تلك العملية على وفاة مئات الأطفال، وفق التحقيقات الأولية.
كما كشفت مراسلات تضمنتها وثائق التحقيقات الرسمية طلب رئيس العصابة، فرات ساري، من الطبيب إلكر جونين إغلاق ملف مولود سوري، بالقول، “العائلة سورية (…) ولم يباشروا في عملية الطب الشرعي، وتم دفن الطفل”.
ماذا تتضمن التحقيقات أيضًا؟
وبعد نشر تفاصيل لائحة الاتهام المؤلفة من 494 صفحة، تبين أن الحالات الصحية للأطفال المبينة في الملف التي عُثر عليه في أحد المستشفيات لم تتطابق مع ظروفهم الصحية الفعلية، وفق وكالة “الأناضول” التركية.
وذكرت الوكالة أن المشتبه بهم حصلوا على مكاسب مالية من خلال أخذ الأدوية من المشافي وبيعها بشكل “غير قانوني”.
وأشار تقرير أعده المدعي العام التابع لمنطقة “بيوك تشيكمجي”، أن هذه القضية أدت إلى انتهاك حق الحياة لأكثر من 90% من المواليد الجدد.
وطلبت لائحة الاتهام معاقبة فرات ساري وإلكر جونين بالسجن لمدة تصل إلى 582 عامًا وتسعة أشهر، بتهم تشمل “القتل العمد بالإهمال”، “الاحتيال”، و”تزوير الوثائق الرسمية”.
وكان الكشف عن تفاصيل “عصابة المواليد الجدد” فتح تساؤلات ما إن كان لها علاقة في زيادة عدد وفيات حديثي الولادة في ولاية غازي عنتاب، التي تحتل المرتبة الأولى من حيث وفيات الرضع في البلاد.
ووفقًا لإحصائيات شهر أيلول الماضي، الصادرة من مديرية مقابر بلدية غازي عنتاب التركية، يموت أكثر من طفلين يوميًا في الولاية، وتوفي 73 طفلًا في الشهر الماضي، 32 طفلًا منهم سوريون، وفق صحيفة “pusula” التركية.