مسلسل “حدث بالفعل”.. الواقعية الصادمة غير مسلّية

  • 2024/10/20
  • 11:26 ص
مسلسل "حدث بالفعل".. الواقعية الصادمة غير مسلّية

مسلسل "حدث بالفعل".. الواقعية الصادمة غير مسلّية

إذا كان الخيال مادة خصبة للمحتوى الفني بأشكاله المختلفة، فالواقع قد يكون أغنى بالأفكار والموضوعات والقضايا التي يمكن تناولها فنيًا، إلى جانب أن هذا الخيال المولّد أو الموحي بالفكرة يقوم بشكل ما على جانب واقعي في تناولها، إذا كان ما يمكن تخيله ممكن الحصول والتحقق.

وفق هذا الخط، يقدم مسلسل “حدث بالفعل”، وهو مسلسل مصري قصير مكوّن من 15 حلقة، القضايا التي يتناولها مانحًا كلًا منها ثلاث حلقات.

في المسلسل الذي تدور أحداثه ضمن إطار من التشويق، مع الاستناد إلى بعض الأمراض والمشكلات النفسية، طرح لقضايا معاصرة وبعضها خارج من قفص الزمن، فتتناول إحدى الحكايات مرض البوليميا، وهو نهم عصابي يشكّل أحد اضطرابات الأكل، ويتمثل بالشره للطعام.

ويشير المسلسل إلى تأثير هذه الحالة على صاحبها، والعوامل والدوافع التي خلقتها، بالعودة إلى الطفولة، وحالة السخرية من تلك الطفلة البدينة التي دفعها رفضها لذاتها وانعدام الثقة بالنفس لبناء جسم مثالي بالشكل الخارجي، يغص بالمرض والتعب والإنهاك، لأن صاحبته، المذيعة المشهورة، لا تتقبل معدتها تناول الطعام، وتتقيأ عند تناوله، دون أن تقطع الحبل السري بين الماضي التعيس والحاضر الواعد.

وفي قصة أخرى ذات نهاية مأساوية، يستعرض العمل تأثير العلاقات الزوجية غير المتكافئة، والقائمة على غياب القناعة، وليس المقصود هنا الحالة المادية للعائلة فقط، بل الاكتفاء بالشريك بحد ذاته، طالما أن الزوجة دائمة السخرية على سلوك زوجها وتقلل من قدراته وترفع سقف الإحباط، لتغلق كل باب أمل يحاول الرجل فتحه بمفاتيح الحب والأمل.

هذه القصص وأخرى غيرها لا تبتعد جذورها عن عقد نفسية تشكلت في مرحلة الطفولة، مستقاة من الواقع، كما هو اسم العمل فعلًا، مع التنويه إلى عدم تقصد تحقيق أي تشابه بالأسماء بين الحقيقة والتمثيل.

“حدث بالفعل” يحصد منذ العنوان جواز عبور إلى فضول جمهور المشاهدين، طالما أن فئة منهم تبحث عن الواقعية في الفن، وعن الفن نفسه في الواقع، وطالما أن الفضول نحو حياة الآخرين يحرّك فئة ما من الناس.

وإذا كان الواقع بوابة واسعة للطرح الفني، وهو ما تعتمده نسبيًا السينما الإيطالية، وتتباه مسلسلات وأعمال مختلفة تنشد الإضاءة على المشكلة ومحاولة بثها لتحريض المعنيين على الحل، فهذا الجانب يغفل في الوقت نفسه وظيفة أخرى من وظائف الفن، وهي التسلية، طالما أن الدراما والسينما لا تمتلك مؤسسات تنفيذية، وليست سلطة في نهاية المطاف، كما أن محاولة تسليط الضوء على القضية قد تقع في فخ المبالغة أو الواقعية الخادشة والصادمة والتي يمكن أن تضع المشاهد أمام واقع قبيح ربما يحاول الابتعاد عنه نحو الشاشة المسلّية الملونة للنجاة من مآسي العالم والتفكير فيها.

المسلسل بالمجمل يخلق تأثيرًا نفسيًا قد لا يبدو مريحًا خلال المشاهدة، لأن المشكلات التي تناولها تفاقمت وولدت ردود فعل غير محمودة العواقب لدى أصحابها، كما أن أداء الممثلين والموسيقا التصويرية والإضاءة، كلها عوامل مساعدة على خلق هذا الجو، وهو ما يجعل العمل وإن كان فنيًا إلى حد ما، غير مسلٍّ بالمعنى العريض للكلمة.

“حدث بالفعل” من تأليف فادي النجار، وإخراج هشام الرشيدي، وعُرض لأول مرة في 2023، من بطولة ماجد المصري وسينتيا خليفة ورنا رئيس وكريم فهمي وشيرين رضا ودينا الشربيني وآية سماحة.

مقالات متعلقة

  1. ثلاثة مسلسلات عربية قصيرة تعرض في 2020
  2. السوريون "سلعة إعلامية" تتصدّر الشاشات العربية
  3. عام على إسدال الستار.. حاتم علي رحيل مستعجل ورثاء لا ينتهي
  4. الكاتب فؤاد حميرة لعنب بلدي: أفكر برفع دعوى في مصر ضد سارقي "حياة مالحة"

فن وثقافة

المزيد من فن وثقافة