يصل صنع الله إبراهيم، الكاتب المصري، إلى العاصمة اللبنانية بيروت في عام 1980، للقاء صاحب دار نشر اتفق معه مسبقًا على نشر كتاب جديد من تأليفه، لكنه يصطدم بتفجير الدار نفسها.
يكشف كتاب “بيروت- بيروت” الذي نُشر للمرة الأولى في عام 1984، وأعيد نشره في العام الحالي بنسخة إلكترونية، ضمن 224 صفحة، تفاصيل مخفية للحرب، لا تتعلق بالدبابات وقصف الطيران وخطف المدنيين.
في كل صفحة صور تثير الخيال، وتضع القارئ في قلب التفاصيل الحياتية اليومية للأحياء والبيوت والشوارع، مسلحون وجماعات مختلفة، الجميع يحارب الجميع، دون أمل بنهاية قريبة لحرب أهلية لبنانية استمرت 15 عامًا (1975-1990)، وانتهت بإعلان “اتفاق الطائف”.
لدى إبراهيم أسلوب سلس للغاية، لطيف وبسيط في رواية حكايات عاشها خلال تلك الفترة، عكس عنف الأحداث نفسها، ما يضع القارئ في ورطة جميلة، بين الحدث واللغة، الشعور بالخيبة، ومشاهدة القسوة والعنف في المخيلة والصور المكتوبة بلغة الرجل العارف لخبايا الكتابة المؤثرة.
حصلت أحداث الكتاب قبل ما يناهز 40 عامًا، لكن المشاهد التي سيراها القارئ في مخيلته، هي ذاتها التي يشاهدها بتقنية “4K” في شوارع مدن عربية عدة اليوم.
وتبرز من خلال ما جاء في الكتاب مقارنة مع ما يحدث اليوم، قسوة التاريخ والخيبة والحزن على منطقة تدور فيها رحى الصراعات منذ عقود، دون أمل بنهاية لمآسٍ أوقعت الآلاف ضحايا لألعاب السياسة والسيطرة واستعراض القوة، أو لمن سقط لإيمانه بقضية عادلة يومًا ما.
يكتسب الكتاب أهميته لكونه توثيقًا جديدًا ومختلفًا للحرب الأهلية اللبنانية، التي كان النظام السوري لاعبًا رئيسًا بأحداثها في تلك الفترة.
ولد صنع الله إبراهيم عام 1937، وأصدر عشرات الروايات والقصص القصيرة وقصص الأطفال، كما عمل صحفيًا لعدة سنوات.
وسبق أن تحولت روايته “ذات” لمسلسل تلفزيوني عرض في عام 2013، وحاز جائزة “ابن رشد للفكر الحر” في عام 2004.
تعرض الكاتب للسجن خمس سنوات في عهد الرئيس المصري الأسبق، جمال عبد الناصر، خلال حملة شنها الأخير ضد القوى اليسارية السياسية.
كما كتب سيناريو فيلم “القلعة الخامسة” في عام 1970.