د. أكرم خولاني
تكشف التقديرات الإحصائية، بحسب منظمة الصحة العالمية، أن البلدان التي لديها مؤشر تنمية مرتفع جدًا، تُشخّص فيها امرأة واحدة بسرطان الثدي من كل 12 امرأة، وتموت واحدة من كل 71 امرأة بسببه.
ورغم أن الكشف المبكر عن سرطان الثدي يسهم بارتفاع نسب الشفاء حتى 98%، فإن تشخيصه يسبب صدمة كبيرة لكل امرأة تصاب به، ويترك آثارًا نفسية سلبية عليها قد تعوق عملية العلاج وتؤدي إلى إطالتها عوضًا عن تقصيرها والخروج منها بنتائج إيجابية فعالة، لذا يركز الأطباء على ضرورة إيلاء الدعم النفسي لمريضات سرطان الثدي الأهمية ذاتها التي يولونها للعلاج الطبي الذي يضمن التخلص من الخلايا السرطانية، وخصوصًا أن استقبال الجسم للعلاج يسير بشكل أسرع وأكثر فاعلية في حال ترافق الدعم النفسي مع العلاج الطبي، ما يساعد على استقرار حالة المريض النفسية وارتفاع نسبة الشفاء من المرض.
ما طرق علاج سرطان الثدي
تتنوع طرق العلاج بين الجراحي والهرموني والكيماوي والإشعاعي، ويتم تحديد خطة العلاج المناسبة لكل حالة من قبل طبيب الأورام بعد تحديد نوع السرطان ودرجته.
العلاج بالجراحة
قد يتم استئصال الورم فقط أو كامل الثدي أو استئصال الثديين:
- استئصال الورم أو الاستئصال الموضعي الواسع: حيث يزيل الجراح الورم وجزءًا طفيفًا من الأنسجة السليمة المحيطة بالورم، ويوصى بالجراحة مباشرة في حالة إزالة الأورام الصغيرة، أما في حالات المصابين بأورام أكبر فقد ينصح بالعلاج الكيماوي قبل الجراحة ليتم تقليص حجم الورم، وتحقيق الإزالة التامة من خلال إجراء عملية استئصال الورم.
- جراحة استئصال الثدي لإزالة نسيج الثدي كله: حيث تتم إزالة معظم أنسجة الثدي، بما فيها الفصيصات، والقنوات، والأنسجة الدهنية، وبعض الجلد وإزالة الغدد اللمفاوية.
- استئصال الثديين: حيث يتم استئصال الثدي الآخر إذا كانت نسبة خطر الإصابة بالسرطان مرتفعة في الثدي الآخر، بسبب وجود عامل وراثي أو تاريخ مرضي عائلي قوي.
العلاج الهرموني
يلجأ الأطباء إلى العلاج الهرموني لمنع تكرار وتجنب الإصابة بسرطانات الثدي الحساسة للهرمونات، وفي الغالب يتم استخدام هذا النوع من العلاج قبل إجراء العملية الجراحية لكي يساعد على تقلص الورم ليسهل عملية استئصاله.
العلاج الكيماوي
يستخدم العلاج الكيماوي بغرض تدمير الخلايا السرطانية في جميع أنحاء الجسم، وعن طريق ذلك يتم تجنب خطر تكرار الإصابة بالورم في نفس الموضع أو انتشارها في أجزاء أخرى من الجسم، كما يتم استخدام العلاج الكيماوي أحيانًا قبل الجراحة عند وجود ورم كبير الحجم بهدف تقليل الورم إلى الحجم الذي يجعل إزالته أسهل جراحيًا.
العلاج الإشعاعي
يتم استخدام الإشعاع الخارجي بعد استئصال ورم سرطان الثدي في مراحله المبكرة، وقد يوصى به أيضًا بعد استئصال الثدي إذا كان سرطان الثدي كبيرًا، أو إذا كان السرطان قد انتشر إلى باقي الغدد اللمفاوية.
ونعود ونؤكد أن أهم العوامل التي حسّنت نتائج علاجات سرطانات الثدي وزادت معدلات البقاء على قيد الحياة للمصابين بهذا السرطان هو الكشف المبكر عنه، مع التنويه إلى أن هناك فرقًا بين الكشف المبكر والتشخيص المبكر، فالتشخيص المبكر يعني أن المرض موجود ويتم تشخيصه في المرحلة الصفرية أو المرحلة الأولى، بينما الكشف المبكر يعني أن السيدة تجري الفحص الدوري قبل ظهور أي أعراض.
كيف نقدم الدعم النفسي لمريضات سرطان الثدي
تعاني المريضة التي يشخص لديها الإصابة بسرطان الثدي من مشاعر متضاربة نتيجة الخوف من مرض السرطان وخطورته كونه مهددًا للحياة، إضافة إلى تداعيات العلاج كاستئصال الثدي وتغير شكل الجسم وتساقط الشعر، فتنشأ لديها أزمة وجودية متعلقة بالسرطان مع النظرة المتدنية لصورة الجسد ورموزه الأنثوية.
وهذا يتطلب الوقوف بجانب المريضة لمساعدتها في التغلب على التوتر والخوف اللذين ينتابانها وللتخفيف من هذه الآثار النفسية السلبية وعدم ترك المجال لإحباطها بشكل تام، وبحسب الأرقام فإن ما نسبته من 30 إلى 40% من الاستقرار النفسي لمرضى الأورام ينعكس إيجابيًا على تحسن حالتهم الصحية، حيث أثبتت الدراسات العلمية أن الحالة النفسية للمريض من أهم مقومات شفائه ونجاح علاجه.
ويجب البدء بتقديم المساعدة النفسية للمريضة فور تشخيص المرض لديها، وذلك عن طريق:
فريق الدعم النفسي
يقدم الفريق الشرح اللازم للمريضة عن طبيعة المرض وما ستمر به في أثناء العلاج حتى الوصول إلى الشفاء، ولا بد من التأكيد على النقاط التالية في خطة الدعم النفسي:
- تقبل المصابة غير المشروط.
- التكيف مع التغيرات التي قد تحدث مع السيدة دون انتقاد.
- الاستماع المتواصل وإعطاء الفرصة للمريضة للتعبير المفتوح عن أفكارها ومشاعرها.
- المساعدة في المهام المطلوبة على مستوى العمل أو الأسرة كمساعدة إيجابية وليس كحالة من إشعارها بالعجز.
- الدعم من خلال الحقائق العلمية وليس الافتراضات، والحقيقة أن الحالات قابلة للعلاج خاصة إن تم اكتشافها في مراحل مبكرة وفق منظمة الصحة العالمية.
- أهمية إشراك المصابة بمجموعات الدعم المجتمعي.
- التوجيه والتشجيع المستمر على مراجعة الفريق الطبي والنفسي المختص للمشورة الأسرية مع الأخد بالاعتبار خصوصية الحالة.
العائلة والأصدقاء
يجب على أفراد أسرة المريضة وأقاربها وأصدقائها والمحيطين بها أن يكونوا أولًا على استعداد لتقبل التغيرات التي تحدث لها، سواء التغيرات الجسمانية أو المزاجية، ولهؤلاء دور مهم في دعمها لتقليل مشاعر الخوف والصدمة التي تصيبها جراء اكتشاف الإصابة بالمرض، وخلال رحلة العلاج وصولًا إلى الشفاء التام، ومن النصائح لأفراد الأسرة لتقديم الدعم النفسي لمريضة سرطان الثدي:
- منح المريضة شعورًا بأنها مهمة ومحبوبة ومحاطة بأناس يحبونها، وهو ما يزيد من رغبتها في قهر المرض والتخلص منه.
- عند بدء رحلة العلاج، ينصح أفراد عائلة المريضة بقضاء يوم مميز معها، للقيام بأشياء تحبها مثل التنزه أو التسوق أو تناول الطعام خارجًا، ما يسهم في إمدادها بالطاقة الإيجابية والتخلص من مشاعر الألم والخوف من رحلة العلاج المضنية.
- تشجيع مريضة سرطان الثدي على التواصل مع ناجيات من المرض أو محاربات له، والتسجيل ضمن مجموعات دعم مريضات سرطان الثدي لتحفيزهن على المضي في العلاج والتعافي منه.
- تشجيع المريضة على ممارسة الرياضة الخفيفة التي تساعد في التخلص من المشاعر السلبية التي يخلفها مرض سرطان الثدي وعلاجاته.