أطباء يتقاضون بالدولار
أهالٍ يشتكون تكاليف علاج الأسنان برأس العين
عنب بلدي – رأس العين
يشتكي مرضى في مدينة رأس العين شمال غربي الحسكة من ارتفاع تكاليف علاج الأسنان، ما يشكّل عبئًا ماليًا أمام حصولهم على الرعاية الصحية اللازمة.
العملة المتداولة في المدينة هي الليرة السورية، لكن تكاليف علاج الأسنان تحدد بالدولار الأمريكي، وتتراوح بين 50 دولارًا (750 ألف ليرة سورية) و150 دولارًا، وترتفع حسب عدد الأسنان المتضررة.
تعد أجور العلاج مرتفعة مقارنة بالوضع المعيشي للأهالي، حيث تتراوح أجور العمال اليومية بين 80 ألفًا و100 ألف ليرة سورية، لذلك يضطر العديد من الأشخاص إلى تجاهل آلامهم أو اللجوء إلى خيارات أقل تكلفة، رغم مخاطرها الصحية.
تأجيل العلاج أو خلع تقليدي
اضطر خالد مالك إلى تأجيل فكرة علاج أسنانه، متحاملًا على آلامه، بعد أن توجه إلى الطبيب الذي أخبره أنه بحاجة إلى حشو سن مكسورة، وطلب منه 55 دولارًا للعلاج.
يعمل خالد في سوق رأس العين، ولا يكفي دخله لتغطية نفقات أسرته اليومية، قائلًا لعنب بلدي إنه يشعر بالعجز أمام التكلفة، مضيفًا أن أطفاله يحتاجون إلى العلاج أيضًا، لكن مع هذه الأجور يضطر إلى تأجيل رعايتهم حتى تتوفر القدرة المادية لديه.
من جانبها، قالت ليلى مراد، وهي من مدينة رأس العين، إنها زارت طبيب الأسنان، واكتشفت أنها بحاجة إلى تركيب سن مفقودة، وطلب منها الطبيب دفع 80 دولارًا لإجراء العلاج.
وأضافت لعنب بلدي أنها لم تستطع تأمين المبلغ المطلوب، وأجّلت العلاج حتى تتحسن أحوالها المادية.
وقرر سامر فيصل، أحد سكان قرية علوك بريف رأس العين، أن يزور المستشفى المحلي بحثًا عن علاج لأسنانه، لكنه واجه صعوبة كبيرة في الحصول على الخدمة.
وقال لعنب بلدي، إنه تفاجأ بالازدحام الشديد عندما وصل، وأضاف أنه بعد فترة طويلة من الانتظار، تمكن أخيرًا من تلقي بعض العلاج، لكنه لم يستطع إكماله بسبب الضغط الكبير على طاقم المستشفى.
ويقوم الكثير من الأشخاص بخلع الأسنان المتضررة بدلًا من علاجها، بسبب التكاليف المرتفعة للعلاج، وعدم قدرتهم على تحمل نفقاته.
وبحسب رصد مراسل عنب بلدي، يعتمد بعض السكان على العلاج “البدوي”، إذ يقوم متجولون (عددهم قليل)، بتركيب وخلع الأسنان بأسعار أقل بكثير من تلك التي تفرضها العيادات الخاصة.
مواد مستوردة بالدولار
يتأثر ارتفاع وانخفاض أسعار المواد الطبية لعلاج الأسنان بسعر صرف الدولار أمام الليرة السورية، نظرًا إلى أن المواد الأولية مستوردة، بالإضافة إلى الارتفاع المستمر في أسعار معدات التصنيع.
طبيب الأسنان في رأس العين مروان العلي، قال لعنب بلدي، إن تكاليف علاج الأسنان ترتفع نتيجة لعدة عوامل، لكن أكثرها تأثيرًا هو غلاء المواد المستخدمة في العلاجات.
ومن أبرز هذه المواد الحشوات التجميلية، التي تستخدم لعلاج التسوس واستعادة شكل الأسنان، وتعتبر من المواد المستوردة والتي تتأثر بشكل مباشر بسعر الدولار، وفق الطبيب.
وأضاف أن تكلفة الاستيراد لهذه المواد تمثل عبئًا على الأطباء، إذ تتضمن الرسوم الجمركية والنقل، ما يؤدي إلى زيادة الأسعار.
كما أن تكلفة المواد المخدرة، التي تستخدم لضمان راحة المريض خلال العلاج، قد زادت أيضًا بشكل ملحوظ، ما يسهم في ارتفاع تكلفة العلاج بشكل عام، مشيرًا إلى أن أسعار معدات التصنيع، مثل أجهزة الأشعة السينية وأدوات الحفر في ارتفاع مستمر.
وذكر الطبيب أن بعض المواد الأخرى، مثل التيجان والجسور، تحتاج إلى تقنيات متقدمة في التصنيع، وهذا ينعكس أيضًا على الأسعار.
وشدد على أهمية علاج الأسنان في وقت مبكر قبل تفاقم المشكلة، إذ إن التأخير في العلاج يؤدي إلى زيادة التكاليف.
مجانًا في المستشفى
مصدر في مديرية الصحة برأس العين (طلب عدم ذكر اسمه) قال، إن المستشفى “الوطني” يقدم خدمات علاج الأسنان لعشرات المرضى في المنطقة بشكل مجاني.
وأوضح أن الضغط الكبير على المستشفى دفع بعض الأطباء إلى رفع أسعار علاج الأسنان بشكل مبالغ فيه، ما اعتبره أمرًا غير مقبول بالنسبة للمديرية.
وأضاف المصدر أن المستشفى يوفر طبيبين مختصين في طب الأسنان يعملان على مدار الأسبوع، ويتم علاج ما بين 70 و150 مريضًا أسبوعيًا دون أي تكاليف.
وأشار إلى أن المديرية تعتزم وضع ضوابط تحدد تكاليف علاج الأسنان لدى الأطباء، بحيث تتناسب مع دخل الفرد، ولا تؤدي إلى خسائر للطبيب.
قطاع طبي هش
يواجه مستشفى رأس العين “الوطني”، الذي يُعتبر المرفق الرئيس للرعاية الصحية لأهالي المدينة، تحديات تتعلق بضعف الكوادر الطبية ونقص بعض التخصصات، بالإضافة إلى الضغط الكبير الذي يعاني منه.
ومقارنة بمناطق شمالي حلب، تواجه مدينة رأس العين نقصًا “حادًا” في الدعم، وتعيش المدينة حالة أشبه بـ”الحصار والعزلة”، وهو ما يعوق جهود توفير الدعم اللازم للقطاع الطبي.
وفي تقرير سابق أعدته عنب بلدي، لا يوجد أطباء عيون في مدينة رأس العين، الأمر الذي يشكل عبئًا على المرضى من المحتاجين لمعاينات أولية أو عمليات جراحية.
ويضطر مرضى العيون في المدينة إلى البحث عن أطباء خارج المنطقة، سواء من خلال محاولة السفر إلى تركيا أو الذهاب إلى مدينة تل أبيض المجاورة (تبعد نحو 120 كيلومترًا).
كما يلجأ معظم السكان في رأس العين إلى الصيدلية مباشرة لتشخيص بعض الأمراض، والحصول على أدوية تقلل من حجم الألم وتساعد في العلاج، رغم مخاطرها المتمثلة بعدم التشخيص الصحيح، وعدم منح الدواء المناسب.
تقع مدينة رأس العين شمالي محافظة الحسكة، بمحاذاة الحدود التركية، ويسيطر عليها “الجيش الوطني السوري” المدعوم تركيًا، بينما تسيطر “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) على جميع المناطق المحاذية لها، ما يجعل منفذها الوحيد هو الحدود التركية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :