ممتهنو السحر ينتشرون شمال شرقي سوريا

  • 2024/10/20
  • 10:03 ص
عناصر "الأمن الداخلي" التابع لـ"لإدارة الذاتية" يلقون القبض على أشخاص متهمين بالقيام بأعمال سحر وشعوذة في بلدة المنصورة بالرقة - 10 آذار 2022 (قوى الأمن الداخلي)

عناصر "الأمن الداخلي" التابع لـ"لإدارة الذاتية" يلقون القبض على أشخاص متهمين بالقيام بأعمال سحر وشعوذة في بلدة المنصورة بالرقة - 10 آذار 2022 (قوى الأمن الداخلي)

الحسكة – ربا عباس

خلال فترة استمرت شهرًا ونصفًا، عاش “باسل” القاطن جنوبي الحسكة حوادث مرعبة ومخيفة، وصل بعضها إلى إجهاض امرأته الحامل بسبب الخوف، وعندما كان يحاول تلاوة القرآن كان لسانه يُربط ولا يستطيع الكلام، إثر سحر تعرض له.

يعتقد “باسل”، وهو اسم مستعار، أنه تعرض لسحر “طعوم” (أي أنه تناول السحر)، وذلك بعد أن قدمته له سيدتان تريدان الانتقام منه، عبر حلويات عيد الفطر لعام 2023، وهو تناوله عن طيب نية، ليعيش بعدها هلوسات وحوادث وتخيلات أرّقت جو العائلة، بحسب ما قاله لعنب بلدي.

وذكر “باسل” (29 عامًا) لعنب بلدي أن عائلته أخذته إلى راقٍ، حتى تمكن من التخلص من السحر، الذي كاد أن يدمر حياته، حسب تعبيره.

بعد تجربته التي وصفها بـ”المرعبة والمريرة”، يعتقد “باسل” أن سبب انتشار أعمال الشعوذالة والسحر يرتبط بالجهل، وعدم وجود الرّادع أو الحسيب، مطالبًا بوجود قوانين أكثر صرامة تعاقب المتعاملين بـ”السحر والشعوذة”.

وينتشر السحر في الجزيرة السورية، ويؤثر على حياة العديد من الأشخاص، على الرغم من وجود قوانين تحارب الظاهرة من قبل “الإدارة الذاتية” المسيطرة على المنطقة.

مراسلو عنب بلدي شمال شرقي سوريا، رصدوا حوادث منتشرة في الحسكة ودير الزور، كما رصدوا منشورات ضمن مجموعات “فيس بوك” محلية تحذر من كثرة انتشار السحر.

الأغلبية نساء

تخوف بعض السحرة الذين تواصلت معهم عنب بلدي، من أن نكون جهة أمنية تحاول معرفة تفاصيل عنهم، كما تمنّع الأغلبية منهم عن الحديث، ولو حتى تحت أسماء مستعارة، لكن أحد ممتهني السحر تحدث بشرط التحفظ على اسمه، قائلًا، “أنواع السحر التي ننفذها في مناطقنا أغلبها لجلب الحبيب، ورد المطلقات، والتيسير، وزواج العانس”.

وأضاف أنه ينفذ السحر عن طريق “كتاب الطّلاسم وعزائم خاصة بالطّلاسم، وتتطلب من الزبون أو الزبونة أثرًا من الشخص الذي سيتم عمل السحر له، ومعلومات عنه وأنواعًا معينة من البخور”.

وعن المقابل الذي يتقاضاه، قال إنه بحسب نوع السحر، لكن وسطيًا من 100 ألف إلى 300 ألف ليرة سورية، وفي العام الواحد يأتي زبائن كثيرون، وغالبيتهم من النساء.

الساحر ادعى أن السحرة الذين لا إيمان لهم وقناعة بوجود السحر وممارسته “ليسوا قادرين على تنفيذ أعمال ناجحة”، إذ إن تطبيق السحر يستند إلى علم الجفر والرصد الفلكي، قائلًا “بدأت بممارسة السحر عندما اطلعت على العوالم الخفية وقرأت عدة كتب أهمها شمس المعارف”.

مصادرات من قبل “الأمن الداخلي” التابع لـ”لإدارة الذاتية” لأعمال سحر وشعوذة في بلدة المنصورة بالرقة – 10 آذار 2022 (قوى الأمن الداخلي)

ماذا يقول القانون؟

قالت محامية في القامشلي لعنب بلدي، إن قوانين “الإدارة الذاتية” تعاقب كل من تعاطى بقصد الربح مناجاة الأرواح والتنويم المغناطيسي والتنجيم وقراءة الكف وقراءة ورق الشدة، وكل ما له علاقة بعلم الغيب (ممارسو الشعوذة) بالسجن لمدة سنتين وبغرامة 500 ألف ليرة سورية.

وفي حال التكرار لا تنقص العقوبة عن سنة واحدة وبغرامة مليون ليرة سورية، بحسب المادة “292” من قانون العقوبات في “الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سوريا.

كما تنص المادة “320” من قانون العقوبات على عقوبة الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة أو بالتشغيل الاجتماعي وبالغرامة مليون ليرة سورية، لكل من أقدم على تحقير الشعائر الدينية التي تمارس علانية مما يكرهه أهل ديانة أو فئة من الناس.

وتعلن “قوى الأمن الداخلي” التابعة لـ”الإدارة الذاتية” بشكل متكرر عن إلقاء القبض على متورطين بأعمال السحر والشعوذة، بعد احتيالهم على أشخاص وسلب مبالغ منهم مستخدمين هذه الطرق.

موقف الدين

يتفاوت الفهم الاجتماعي والديني للسحر، وهو ما يفسح المجال لكثير من المشعوذين والمحتالين لممارسته والتكسب من ورائه، وبينهم من يتورط في جرائم الاعتداء الجنسي على ضحايا من النساء.

وعلى الرغم من الإيمان بوجوده وفق ما ورد في القران والإنجيل، فإنه “حرام مطلقًا”، وفق ما قاله لعنب بلدي، الشيخ عبد الرحمن بدر خان، وهو أحد الشيوخ في الجزيرة السورية، لما له من ضرر على الإنسان في حياته.

ويؤيد الشيخ أن هاجس التعرض للسحر أو أن الإنسان يعتبر ويرى دائمًا أنه مسحور قد يكون مجرد وساوس، و”يستغل الكثير من الدجالين مراجعة الناس لفك السحر عنهم، فالمنطقة اليوم فيها الكثير من دعاة هذا الأمر، وهم دجالون”.

وتحدث الشيخ عن مبادرة قام بها جميع مشايخ وخطباء شمال شرقي سوريا، بأن خطبوا في المنابر بجميع المساجد وحذروا في آن واحد من اللجوء إلى السحرة، لافتًا إلى أن للإعلام ومنظمات المجتمع المدني والجهات المعنية دورًا كبيرًا في وقف أعمال الدجل والشعوذة في المنطقة، لما لهذه الظاهرة من آثار خطيرة.

من جهته، قال رجل الدين المسيحي الأب حبيب عيسى، راعي دير “مار آحو للسريان الأرثودوكس” في مدينة القامشلي، لعنب بلدي، إن السحر حديث مع الشياطين أو كتابة ألغاز للشياطين، و”نحن نرفض ذلك ونصلي ونطلب الشفاعة عن ذلك”.

وذكر الأب عيسى أن السحر ورد ذكره في آية بسفر التثنية في التوراة على أنه مكروه “عند الرب”، وأن “السحر والسحرة مرفوضون ومحرومون ومن يتعامل معهم هو محروم في المسيحية”.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع