بالحطب وقشر الفستق و”البيرين”.. سكان إدلب يتحضرون للشتاء
إدلب – أنس الخولي
مع اقتراب فصل الشتاء، بدأ بعض سكان مدينة إدلب، شمال غربي سوريا، البحث عن مواد ووسائل للتدفئة بما يتناسب مع أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية، إذ لا تتجاوز الأجور اليومية للعمال 100 ليرة تركية (ما يعادل ثلاثة دولارات أمريكية).
منذ سنوات، تقلصت الخيارات المتاحة في المنطقة، ما دفع معظم السكان إلى الاعتماد على وسائل تدفئة قد تسبب أضرارًا صحية وبيئية.
وأجرت عنب بلدي مقابلات مع بعض سكان مدينة إدلب حول خياراتهم للتدفئة خلال الشتاء، واستعرضت الوسائل المتاحة وأسعارها التي تحدد بالدولار الأمريكي، رغم أن الليرة التركية هي العملة المتداولة.
حيرة أمام الأسعار بالدولار
يبلغ الدخل الشهري لمصعب الحسن، الذي يعمل في توزيع المواد الغذائية، 200 دولار أمريكي، لكنه يحتاج إلى ضعف هذا المبلغ لتغطية النفقات الأساسية في المنزل، بما في ذلك إيجار البيت.
وقال مصعب لعنب بلدي، إنه بالكاد استطاع خلال عام 2023 شراء نصف طن من قشر الفستق للتدفئة، وهي كمية تكفي لنصف الشتاء.
أما في العام الحالي، فلا يزال حائرًا لأنه يحتاج إلى شراء مدفأة جديدة بدلًا من القديمة المهترئة.
من جانبه، اعتاد عثمان الموسى، المقيم في إدلب، شراء الحطب للتدفئة في شهر تشرين الأول من كل عام، لكنه لم يشتره هذا العام بعد، ويفكر في شراء مدفأة تعمل بقشر الفستق نظرًا إلى رداءة الحطب وارتفاع أسعاره مقارنة بالقشر.
تتراوح أسعار مدافئ قشر الفستق بين 100 و450 دولارًا أمريكيًا، حسب جودتها، ونوعية المعدن المستخدم في تصنيعها، ومستوى الأمان في المدافئ الحديثة، ومدى استخدامها لأغراض أخرى مثل الطهو وتسخين المياه، أما مدافئ الحطب فيتراوح سعرها بين 50 و300 دولار.
شهدت أسعار مواد التدفئة في العام الحالي انخفاضًا مقارنة بعام 2023، حيث يبلغ سعر طن الحطب حاليًا 165 دولارًا مقارنة بـ250 دولارًا العام الماضي.
أما قشر الفستق فقد وصل سعر الطن إلى 148 دولارًا مقارنة بـ225 دولارًا سابقًا.
في حين بلغ سعر طن “البيرين” 110 دولارات مقارنة بـ225 دولارًا في عام 2023.
يُعد “البيرين” مادة قابلة للاشتعال، تُصنع من بقايا الزيتون بعد عصره لاستخراج زيت الزيتون.
يبلغ سعر ليتر المازوت من النوع الأول 1.069 دولار، ومن النوع المحسّن 0.68 دولار، بينما سعر أسطوانة الغاز يصل إلى 11.83 دولار.
شراء بشكل يومي
تمنع الظروف الاقتصادية المتدهورة معظم السكان من شراء كميات كافية من مواد التدفئة دفعة واحدة، ما يجبرهم على الشراء بشكل يومي وحسب إمكانياتهم وما يتوفر في الأسواق، وبعضهم اضطر إلى الاستغناء عن مواد التدفئة في الأيام التي لا يكون فيها البرد شديدًا.
يبلغ حد الفقر المعترف به في مناطق شمال غربي سوريا 10791 ليرة تركية (حوالي 320 دولارًا)، بينما يبلغ حد الفقر المدقع 9033 ليرة تركية (حوالي 270 دولارًا)، وفقًا لفريق “منسقو استجابة سوريا” العامل في المنطقة.
منذ أربعة أعوام، قام عبد الله الحجلي، وهو مهجّر يقيم في مدينة إدلب، بتعديل مدفأة المازوت الخاصة به لتعمل على قشر الفستق، لكنه منذ العام الماضي، بدأ بوضع ما يتوفر في السوق من أرخص المواد، حيث يعمل بشكل يومي في أعمال البناء.
وقال لعنب بلدي، إن جميع مواد التدفئة المتاحة أصبحت بعيدة المنال بالنسبة له، فأرخصها يتجاوز 100 دولار للطن، وهو مبلغ لا يستطيع توفيره طيلة العام.
بدوره، اعتبر بلال الشبلي، وهو مهجّر من ريف حلب، أن الشراء بشكل يومي لا يحل المشكلة، بل يزيد من العبء المادي على العمال.
وأوضح أن الحطب الذي يُباع خلال الشتاء لا يكون جافًا، ما يجعل عملية إشعاله أكثر صعوبة.
وأضاف بلال لعنب بلدي أنه إذا ارتفعت أسعار مواد التدفئة مع قدوم الشتاء، فإنه سيضطر للبحث عن بدائل مثل الملابس المستعملة (البالة)، وبقايا البلاستيك، والكرتون المقوّى، والفحم، رغم أخطار استخدام هذه المواد في التدفئة.
بدائل غير صحية
منذ سنوات، لجأت بعض العائلات إلى استخدام وسائل بدائية في التدفئة، مثل حرق الأحذية والبلاستيك والفحم، على الرغم مما تسببه هذه المواد من أمراض تنفسية وصدرية، وحتى اندلاع الحرائق.
يبلغ سعر كيلو الألبسة غير القابلة للاستخدام وسعر الفحم والحطب الأخضر ليرتين تركيتين، أي نصف سعر مواد التدفئة الأخرى، إلا أن عملية حرق هذه المواد في المدافئ تعد خطرة للغاية، خصوصًا في المنازل التي تفتقر إلى التهوية الجيدة، وقد تسببت في العديد من الحرائق في المخيمات.
تنتشر في إدلب مادة تُعرف بـ”الفحم“، وتُستخلص من بقايا النفط المكرر يدويًا وتجفف في الصيف لتُباع بشكل صلب، ويؤدي حرقها في المدافئ إلى نشر غازات سامة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :