هل سوريا آمنة؟

السوريون في أوروبا في قلب “سياسة باتجاهين”

طفل لاجئ ينظر إلى خريطة لأوروبا داخل خيمة مؤقتة في مخيم للاجئين بالقرب من مركز تسجيل في جزيرة ليسبوس اليونانية - 23 آذار 2016 (REUTERS)

camera iconطفل لاجئ ينظر إلى خريطة لأوروبا داخل خيمة مؤقتة في مخيم للاجئين بالقرب من مركز تسجيل في جزيرة ليسبوس اليونانية - 23 آذار 2016 (REUTERS)

tag icon ع ع ع

يجد اللاجئون السوريون في أوروبا أنفسهم أمام تحديات متزايدة تفرضها جهود سياسية لمسؤولين يطالبون بترحيل لاجئين على أساس مناطق “سورية آمنة”، وبين منحى قانوني في المقابل يفرمل هذه الجهود.

آخر خطوات المسؤولين اتخذتها رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني في 15 تشرين الأول، واستهدفت بها وضع اللاجئين العام من خلال فتح قضية تحقيق “عودة طوعية آمنة ومستدامة” للاجئين السوريين إلى بلادهم، وفقًا لصحيفة “بوليتكو“. 

وجاء ذلك بعد أسبوع من اتخاذ محكمة العدل الأوروبية إجراءً منعت فيه الدول الأعضاء من تصنيف أي منطقة في العالم على أنها “آمنة” إلا بقرار رسمي منها.

وشددت المحكمة على أن أي إعلان لدولة “آمنة” يجب أن يغطي جميع أراضيها، مما يعقد الجهود الرامية إلى ترحيل السوريين.

الحكم الخاص بالعدل الأوروبية استند على سياسات بدأت دول أعضاء فيها باتخاذها، ومن بينها التشيك.

وبحسب ما ذكرت صحيفة “ذا ناشيونال” فإن التشيك تعد بعثة تقصي حقائق بهدف إقامة مناطق آمنة في سوريا.

كما ارتبط حكم “العدل الأوروبية” بقبرص، وهي التي كانت اتخذت سياسة ممنهجة بشأن “تشجيع مناقشة” إعلان أجزاء من سوريا آمنة، بهدف إعادة المهاجرين إلى تلك الأجزاء من سوريا.

وتتخذ هذا النهج كل من النمسا وإيطاليا والدنمارك والتشيك واليونان وكرواتيا وسلوفينيا وسلوفاكيا.

واستشهد المستشار النمساوي، كارل نيهمر، بعودة 200 ألف شخص عبروا الحدود من لبنان إلى سوريا، هربًا من الضربات الإسرائيلية على جنوبي لبنان، كدليل على أن “سوريا آمنة”، وفقًا لما ذكرته صحيفة “بوليتكو“، في 23 من تشرين الأول.

مديرة قسم اللجوء في مجلس اللاجئين الدنماركي، إيفا سينغر، اعتبرت أن محاولة تصنيف سوريا كدولة “آمنة” ستؤدي إلى تحديات قانونية.

وقالت سينغر، وفق “بوليتيكو“، إنه “حتى إذا قررت دول الاتحاد الأوروبي أن سوريا دولة آمنة، فسيظل من الضروري إجراء تقييم فردي لمخاطر كل شخص على حدة، بما في ذلك إمكانية الطعن على القرار أمام هيئة مستقلة”.

هل سوريا آمنة؟ 

ولا تزال تقارير للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمات حقوق الإنسان، بما في ذلك منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش” تؤكد أن سوريا لا تزال غير آمنة للعودة، بكامل أراضيها.

وتشير التقارير إلى أن “اللاجئين معرضون لخطر انتهاكات حقوق الإنسان فيها”.

وتشمل الانتهاكات الاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري، وتعرض اللاجئين لخطر القتل بعد عودتهم إلى سوريا.

ووثقت ”الشبكة السورية لحقوق الإنسان“ في تقرير لها، بين 23 من أيلول الماضي و2 من تشرين الأول الحالي، اعتقال ما لا يقل عن تسعة لاجئين سوريين معظمهم من أبناء محافظة ريف دمشق، على خلفية التجنيد “الإلزامي والاحتياطي”.

ورغم أن الأصوات في أوروبا بدأت تتعالى بشأن إمكانية إعادة اللاجئين إلى سوريا، يبرز في المقابل صورة أخرى ما تزال تواصل التأكيد على أن هذه الخطوة التي تتطلب استئناف العلاقات مع النظام السوري تنطوي على مخاطر.

منها موقف هولندا التي ترفض دعم أي استئناف للمفاوضات مع النظام السوري.

وكانت أعلنت 16 من تشرين الأول، أن “سوريا لا تعتبر آمنة و أن أي قرار مستقبلي بشأن إعادة اللاجئين يعتمد على آلية خالية من الاعتبارات السياسية لتحديد مدى سلامة الوضع في سوريا، وفق ما نقلته صحيفة ”بوليتيكو”.

ماذا وراء التناقض؟

ويعتقد خبير قانوني ومتخصص في مجال حقوق الإنسان، المعتصم الكيلاني، أن التناقض بين الدول الأوربية حول التعامل مع اللاجئين، خاصة السوريين، يعود إلى سياسات داخلية مختلفة وتقييمات أمنية وسياسية متباينة حول الوضع في سوريا.

فمن جهة تعتمد بعض الدول سياسات أكثر انفتاحًا بينما تتبنى دول أخرى مواقف متشددة، بحسب الكيلاني.

وأوضح الخبير القانوني، لعنب بلدي، أن محكمة العدل الأوروبية تستطيع كبح الدعوات السياسية لتصنيف سوريا كدولة آمنة إذا تعارضت مع المبادئ القانونية الأوروبية، مما يحمي اللاجئين من الترحيل القسري ويوفر لهم ضمانات قانونية مشتركة بين دول الاتحاد.

توجد ضوابط قانونية تربط دول الاتحاد الأوروبي، مثل ميثاق الحقوق الأساسية ونظام دبلن، والتي تشكل أساسًا قانونيًا موحدًا يجب الالتزام به، بحسب الكيلاني.

وأضاف أيضًا أنه وفي حال انتهكت أي دولة هذه الضوابط، يمكن رفع قضايا أمام محكمة العدل الأوروبية، ويمكن بموجبه إجبار تلك الدولة على التراجع عن سياسات قد تنتهك حقوق اللاجئين.

توزع السوريين

ولاتزال سوريا تمثل أكبر أزمة لجوء في العالم، على الرغم من إصدار وكالة اللجوء في الاتحاد الأوروبي (رسمية تتبع للاتحاد)، في 7 تشرين الأول، تقريرًا أوضح انخفاضًا طفيفًا بأعداد طلبات اللجوء في أوروبا.

ويبقى السوريون في صدارة طلبات الحصول على الحماية الدولية في الاتحاد الأوروبي.

عام 2023، تقدّم أكثر من 180 ألف سوري طلبات لأول مرة، مقارنة بـ 130 ألف في العام السابق، وفق “بوليتيكو“.

وفي الأشهر الستة الأولى لعام 2024، تمت الموافقة على ما لا يقل عن 90% من طلبات السوريين التي تمت معالجتها في تلك الفترة، مما يعني أن السلطات اعترفت بأنهم قد يتعرضون لخطر جسيم في حال عودتهم إلى بلدهم، بحسب ما ذكرت الصحيفة.

وتختلف تقديرات عدد السوريين في الاتحاد الأوروبي حسب المصادر والتحديثات. لكن، وفقًا لتقارير سابقة، يعيش في هولندا حاليًا ما يقارب 150 ألف شخص من أصل سوري. وقد وصل العديد منهم كلاجئين في الفترة ما بين 2014 و2016. 

وبحسب إحصائيات أوروبية، في عام 2023، يبلغ عدد السوريين في ألمانيا، 972 ألف شخص.

ونشر موقع “Welt” الألماني تقريرًا، ذكر فيه أن 739 ألفًا و735 طلب لجوء قُدّم في الاتحاد الأوروبي خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي.

وتشكل هذه الأرقام انخفاضًا بنسبة 0.8% عن الفترة نفسها من العام الماضي.

وفق الموقع، تستمر ألمانيا بتصدر الدول الأوروبية بأعداد طلبات اللجوء، تليها إسبانيا وإيطاليا.

ثلث طلبات اللجوء في ألمانيا قدمها سوريون، وفق”welt”.

وأشار التقرير إلى أن ألمانيا شهدت انخفاضًا يقدّر بـ24% في طلبات اللجوء عن العام الماضي، مرجعًا السبب إلى تحركات اليونان وإيطاليا الأخيرة فيما يخص استقبال اللاجئين، وتوقيع اتفاقيات أوروبية جديدة وعمليات مراقبة الحدود.

اقرأ أيضًا: “أعداد اللاجئين تنخفض في أوروبا”

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة