القنيطرة – زين الجولاني
حافظت محمية جباتا الخشب وطرنجة، الطبيعية الحرجية، على ثروتها النباتية كواحدة من أهم معالم السياحة في محافظة القنيطرة، رغم الاحتطاب الجائر الذي انتشر في عموم سوريا خلال السنوات الماضية، نظرًا إلى بعدها عن المناطق الحضرية، لكن الاحتطاب وصل إليها مؤخرًا ما دفع شبانًا من أبناء المحافظة لحراستها.
تحتوي الغابة على أنواع مختلفة من الأشجار، كالسنديان والبلوط والملول والزعرور والخوخ البري والقندول، كما تحوي على أنواع من الطيور والحيوانات.
على مدار السنوات التي تلت عام 2011، تمكن أهالي محافظة القنيطرة بجهود فردية من حماية المحمية الطبيعية طوال الحرب التي فرضها عليهم النظام السوري.
وبعد سيطرته عليها، منذ منتصف عام 2018، أعاد النظام تشغيل مخفر الحراج الذي يتبع لمديرية الزراعة في القنيطرة، إذ بدأت الأحوال تتجه نحو الأسوأ، بحسب ما قاله سكان من المنطقة لعنب بلدي.
وبسبب ارتفاع أسعار الوقود وعدم وجود بديل عن الحطب للتدفئة، وفشل الجهات الرسمية ومحافظة القنيطرة بتقديم حلول للتدفئة في فصل الشتاء، اتجه بعض الأهالي في ريف المحافظة الشمالي المعروف بمناخه البارد شتاء للبحث عن المناطق الغنية بالأشجار للحصول على الأحطاب.
لجان أهلية
للحفاظ على المحمية، شُكّلت اللجنة الأهلية لحماية الحراج بالتنسيق مع موظفي الحراج ومديرية زراعة القنيطرة.
وذكر رئيس اللجنة، سامر زغلول، لعنب بلدي، أنه يعمل مع 20 شابًا من أبناء طرنجة وجباتا الخشب، لحماية المحمية الطبيعية ومنع قطع الأشجار فيها.
وأضاف أن الرعي الجائر كان يستهلك المحمية، لكنه مُنع أيضًا، إلى جانب تسيير الدوريات ليلًا ونهارًا لمكافحة الاحتطاب فيها.
وتمنع اللجنة دخول الغابة ليلًا تحت أي ظرف، حتى لو لم يكن الدخول مضرًا بالمحمية، وتهدف الدوريات الليلية في المنطقة لضمان خلوها من أي زائرين.
يتقاضى أعضاء اللجنة الأهلية رواتب رمزية، بمساعدة أهالي البلدة المغتربين الذين يعتقدون أن من الضروري حماية الثروة الطبيعية الموجودة في المنطقة، وفق ما قاله رئيس اللجنة.
من جانبه، قال علي أحمد، وهو أحد أعضاء اللجنة الأهلية، إن الغابة كانت حصن البلدة خلال السنوات الماضية، ففي أيام الحرب بين 2013 و2015، حاول النظام والميليشيات التي تقاتل بجانبه اقتحام البلدة تحت قصف مدفعي مكثف، لكن كثافة الأشجار وعدم معرفة القوات المهاجمة الطرق داخل الغابة، ساعدت مقاتلي المنطقة على صد الهجمات، لكنها انتهت لاحقًا باتفاق “تسوية” سيطر النظام بموجبه على الجنوب السوري.
إجراءات صارمة
غانم، هو رجل في الـ55 من عمره، يعمل موظفًا في دائرة حكومية بالقنيطرة، قال لعنب بلدي، إنه كان يذهب يوميًا لجمع الحطب الجاف الموجود في الأرض من أجل تأمين التدفئة لعائلته شتاء، دون قطع أي من الأشجار، لكنه اشتكى منعه من دخول الغابة لجمع الحطب مع اقتراب فصل الشتاء.
وأضاف أن اللجنة الأهلية المسؤولة عن حماية الحراج لم تسمح لأحد بأخذ قطعة حطب واحدة من محمية جباتا الخشب، التي يعرفها أبناء المحافظة باسم “الغابة”.
أحمد بكر، المنحدر من بلدن طرنجة بريف القنيطرة، يملك 100 رأس من الماعز الجبلي، ويعاني بدوره من القيود المفروضة على المحمية الطبيعية، إذ يمنع قطيعه من دخول المحمية، وفق ما قاله لعنب بلدي.
وأضاف أن اللجنة تمنع مربي المواشي من الاقتراب من المحمية، حفاظًا على الثروة الطبيعية في المحمية.
محمية جباتا الخشب
على امتداد 133 هكتارًا، تعيش أكثر من 30 ألف شجرة من السنديان والبلوط والملول والزعرور والخوخ البري، مع السناجب والأرانب والثعالب والغزلان، وطيور الباشق والبوم والشحرور والسمن.
تجاورها قرية جباتا الخشب غربًا وجنوبًا، وقرية أوفانيا شرقًا، وغابة “طرنجة” شمالًا، وفيها نحو 100 نوع من النباتات كالسماق والنعناع البري والقبار والبابونج، التي تنمو على تربتها البازلتية الحمراء.
وفقًا لبيانات وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، فإن المساحة الإجمالية للغابات والأحراج المسجلة عام 2018 في القنيطرة هي 3401 هكتار.
مساحة التحريج الصناعي منها 2026 هكتارًا موزعة على نحو 30 موقعًا حرجيًا، والحراج الطبيعي 655 هكتارًا، وهي حراج بريقة وبئر عجم “التي اقتلعت بالكامل خلال الحرب”، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
وقدّرت مديرية الزراعة والإصلاح الزراعي بالقنيطرة، في كانون الأول 2018، قيمة الأضرار التي لحقت بالغابات الطبيعية والمواقع الحرجية في أثناء الحرب بـ552 مليون ليرة سورية (1.1 مليون دولار).
وحسب تصريحات مسؤولي المديرية لـ”سانا“، فإن خطة التشجير في المحافظة تتضمن ترميم 130 هكتارًا من المواقع الحرجية الطبيعية والصناعية.