بعد انتهاء العقد الشهر الحالي

“حاويات” اللاذقية.. توقعات بالتجديد للشركة الفرنسية  

camera iconميناء اللاذقية 2020 (سانا)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – جنى العيسى

ينتهي، في تشرين الأول الحالي، عقد استثمار شركة “CMA CGM” الفرنسية لمحطة حاويات مرفأ اللاذقية، بعد انتهاء العقد الأول الذي كانت مدته عشر سنوات ثم تجديده في العام 2020 لخمس سنوات أخرى، دون أن تتطرق وسائل إعلام النظام السوري أو مؤسساته حتى الآن إلى مصير هذا العقد.

عند انتهاء العقد للمرة الأولى (عام 2019)، أبدت حكومة النظام السوري رغبة واضحة بتجديده، مع أخبار غير مؤكدة حينها عن مطامع روسية- إيرانية بإدارة المرفأ، ورغم ذلك كانت هناك مساعٍ جادة نجحت في تمديد العقد لخمس سنوات أخرى.

في ظل غياب المعلومات الرسمية من جانب الحكومة في هذا السياق، تحاول عنب بلدي في هذا التقرير قراءة الموقف الحكومي من هذا الاستثمار، والأسباب التي قد تدفعها لتجديد أو فسخ عقد الاستثمار.

يعتبر مرفأ اللاذقية واحدًا من أقدم المواني السورية، وكانت الحكومة السورية أحدثت شركة مرفأ اللاذقية، وهي قطاع مشترك (خاص وعام)، سنة 1950، وفق المرسوم التشريعي رقم 38 القاضي بإحداث واستثمار مرفأ بحري في مدينة اللاذقية مع المنشآت التابعة له.

وأصبحت الشركة تابعة لوزارة النقل اعتبارًا من العام 1974، ثم تحولت إلى عامة (قطاع عام) بموجب القانون 17 لعام 1982.

منذ 15 سنة

في شباط 2009، وقعت الشركة العامة لمرفأ اللاذقية عقدًا مع كل من شركة “CGM-CMA” الفرنسية وشركة “Terminal link” وشركة “سوريا القابضة”، لإدارة محطة حاويات مرفأ اللاذقية لمدة عشر سنوات قابلة للتجديد خمس سنوات بموافقة الطرفين.

وأسست الشركات المستثمرة الثلاث فيما بعد شركة محطة حاويات اللاذقية الدولية (LIST) كشركة سورية محدودة المسؤولية، لتتولى وتدير وتنفذ عقد إدارة وتشغيل محطة الحاويات، وباشرت عملها في إدارة وتشغيل المحطة في 1 من تشرين الأول 2009.

وفق العقد، تبلغ قيمة الاستثمارات من قبل الجهة المشغلة 45.9 مليون دولار، منها 6.2 مليون دولار لأعمال الصيانة وإعادة التأهيل للبنى التحتية في المحطة، و6.2 مليون دولار لشراء تجهيزات تعود ملكيتها لشركة المرفأ بعد انتهاء العقد.

العقد ألزم المحطة بالاستفادة من العمالة الفائضة في المرفأ بتشغيل 160 عاملًا في المحطة و550 عاملًا من سوق العمل، على أن تتوزع إيرادات محطة الحاويات بنسبة 61.05% للمرفأ، مقابل 38.95% للشركة المشغلة، وأن يصل المستوى التشغيلي الذي تتعامل به المحطة إلى المستوى العالمي، لا سيما التحكم الإلكتروني بكامل العملية الإنتاجية الذي يقوم بضبط الإيرادات، وبالتالي عدم ضياع أي مبالغ مستحقة للمرفأ، إلى جانب توريد آليات على حساب المحطة أهمها الحاضنات ومعدات تناول حاويات وناقلات شوكية خاصة للتعامل مع البضائع.

وتبلغ مساحة المحطة 33.38 هكتار في المرحلة الأولى، وفيها 4 أرصفة و12 مأخذًا للحاويات المبردة، كما تضم 4 روافع للرصيف و5 متحركة و26 حاضنة و17 “ستافة” و55 شوكية و33 قاطرة.

قناعة كاملة بالتجديد

رغم عدم الحديث بشكل رسمي عن تجديد العقد أو عدمه في الشهر الحالي، فإن جريدة “تشرين” الحكومية أشارت في تقرير لها، في تشرين الأول 2023، إلى ما أسمته “قناعة كاملة” لدى وزارة النقل في حكومة النظام بضرورة تجديد العقد المبرم بين الشركة العامة لمرفأ اللاذقية والشركة الفرنسية.

وفق التقرير، تولدت هذه القناعة من خلال التزام المحطة باستمرارية عملها في المرفأ رغم ظروف البلاد على مدار السنوات الماضية، ولم تنسحب من العمل كما فعل غيرها، لا سيما محطة الحاويات الفلبينية في مرفأ طرطوس عام 2013.

وأشار التقرير إلى أنه في هذا السياق أعدت الوزارة العدة للتشاور والتعاقد من جديد، إذ أصدرت منتصف العام الماضي قرارًا يقضي بتشكيل فريق عمل خبير برئاسة رئيس اللجنة الإدارية لشركة المرفأ، وعضوية كل من المدير العام للشركة، ومدير شؤون النقل البحري في الوزارة، ومدير المصائد والرخص في المديرية العامة للمواني، ومدير التخطيط والتعاون الدولي في الشركة، ورئيس دائرة الإشراف في الشركة.

هدف الفريق إلى التفاوض مع الشركة الفرنسية من أجل تجديد العقد، فضلًا عن البحث معها مشروع استكمال توسيع المرفأ، بهدف تطويره، والعمل على زيادة الغاطس للأرصفة، والدخول بشكل يتناسب مع أحجام السفن العالمية ومنافسة المرافئ المجاورة من حيث إمكانية استقبال بواخر ذات أحجام كبيرة وإنشاء أرصفة متعددة.

وعلى الرغم من مرور سنة ونصف على هذا القرار، لم تعلن وزارة النقل حتى ساعة تحرير التقرير نتائج هذه التشاورات فيما يتعلق بقبول الشركة الفرنسية تجديد العقد.

لا مؤشر على فشل المفاوضات

التأخر في حسم مصير عقد شركة محطة حاويات اللاذقية الدولية، لا يعني بالضرورة فشل المفاوضات الحالية، لوجود سابقة، وفق ما قاله لعنب بلدي الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي إياد الجعفري.

ففي تشرين الأول 2019، حينما انتهت مدة العقد، تطلّب الأمر شهورًا تالية وذلك حتى صيف العام 2020، حتى تم حسم تمديده لخمس سنوات أخرى، تنتهي في تشرين الأول الحالي، لذا فإن التأخر بإعلان مصير التشاورات فيما يتعلق بقبول الشركة الفرنسية تجديد العقد، لا يعني بالضرورة فشل المفاوضات، لكنه يعني وجود تعقيدات تجعل المفاوضات عسيرة.

ومن الصعب الجزم بطبيعة هذه التعقيدات، وفق ما يرى الجعفري، ففي المرة السابقة، كانت التعقيدات ناجمة عن الصراع الروسي– الإيراني على الميناء، إلى جانب أننا لا نعرف (حسب المتاح إعلاميًا) ما موقف الشركة الفرنسية ذاتها من فكرة تمديد العقد، نظرًا إلى أن عملها في ميناء اللاذقية شابته تعقيدات مرتبطة بنفوذ إيران والمقرّبين من النظام، خاصة من عائلة الأسد، ونجاحهم في توفير منافذ للتهريب عبر الميناء، وازدياد حالة عدم اليقين حيال الوضع الأمني في سوريا، مع التصعيد الإسرائيلي الراهن.

ويعتقد إياد الجعفري ألا يحصل حسم سريع في تجديد العقد، وقد يتكرر ما حدث في تشرين الأول 2019، لجهة استمرار الشركة الفرنسية في عملها، رغم انتهاء مدة عقدها، لحين حسم المفاوضات.

من جهته، مدير البرنامج السوري في “مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية”، والدكتور في الاقتصاد، كرم شعار، رجح أن يجري تجديد العقد مع الشركة نفسها دون أي تغيير، وفق الرسائل التي أرسلتها وزارة النقل في حكومة النظام العام الماضي، بشكل غير مباشر، حول امتنانها من استثمار الشركة الفرنسية في المرفأ.

صراع روسي- إيراني

عند انتهاء العقد للمرة الأولى في 2019، لم تعلن الحكومة أيضًا أي معلومات حول رغبتها بتجديد العقد مع الشركة الفرنسية أو عدمه، فيما تحدثت مصادر في وزارة النقل حينها عن أن الوزارة ترفض تجديد العقد بسبب قرار سوري بتكليف شـركة إيرانية بالحلول محل الشركة الفرنسية، وهو ما لم يحدث، إذ جرى توقيع متأخر على تمديد لخمس سنوات جديدة، تنتهي في الشهر الحالي.

تأخر تجديد العقد حينها حتى صيف 2020، اعتبرته التحليلات المتخصصة نابعًا عن رغبة إيرانية بالحصول على الاستثمار مقابل رفض روسي، فيما كانت النتيجة روسية على حساب الرغبة الإيرانية.

التأخير بين موعد انتهاء العقد وبين قرار تمديده لخمس سنوات أخرى كان له سببان، بحسب ما كتبه الصحفي المتخصص بالشأن الاقتصادي إياد الجعفري، في تقرير نشره موقع “المدن”، في كانون الثاني 2021، أحدهما حسم الصراع الإيراني- الروسي في أروقة النظام السوري لمصلحة الروس، في عدم تحقيق رغبة طهران التي أبدتها علنًا في ربيع العام 2019، باستثمار مرفأ اللاذقية.

السبب الثاني لتمديد العقد هو رفض أصحاب الشركة التنازل عن حقهم في استغلال مبدأ “القوة القاهرة”، لتبرير استمرارهم في استثمار محطة الحاويات.

التضارب في المصالح الروسية- الإيرانية سُوّي لمصلحة موسكو، التي تجنبت اقتناص استثمار مرفأ اللاذقية أيضًا، ربما تجنبًا لاستفزاز إيران، بعد أن اقتنصت استثمار مرفأ طرطوس، في عقد لمدة 49 عامًا، لكن موسكو نجحت في حرمان إيران من هذا الاستثمار، بحسب الجعفري.

إيران تحصل على عائدات

لا يتفق مدير البرنامج السوري في “مرصد الشبكات”، كرم شعار، مع الطرح حول وجود تنافس روسي- إيراني على ميناء اللاذقية، بحسب ما قاله في حديثه لعنب بلدي.

وبرر شعار تصوره بأن روسيا من خلال شركة “ستروي ترانس غاز”، حصلت على عقد يضمن بقاءها في مرفأ طرطوس.

بينما يبرز الدور الإيراني في ملف المرفأ، عبر تسلم الحكومة الإيرانية اليوم جزءًا من عائدات ميناء اللاذقية، بحسب معلومات حصل عليها كرم شعار، دون أن يذكر تفاصيل إضافية حول سبب هذا الاتفاق أو مقابل ماذا، مضيفًا أن هذا ما ستشرحه دراسة مقبلة ستصدر قريبًا حول اقتصادات الدور الإيراني في سوريا.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة