مزارعون اعتبروها "تواطؤًا"

تسعيرة “الحكومة” تضرب موسم عنب التقطير بالسويداء

يبدأ موسم قطاف العنب في أيلول من كل عام في السويداء - 14 أيلول 2024 (تشرين)

camera iconيبدأ موسم قطاف العنب في أيلول من كل عام في السويداء - 14 أيلول 2024 (تشرين)

tag icon ع ع ع

السويداء – يارا نوفل

تعرض مزارعو العنب في محافظة السويداء جنوبي سوريا هذا الموسم لخسائر وصفوها بـ”الفادحة”، لا سيما بعد تحديد سعر منخفض يعادل أقل من نصف تكلفة إنتاجه.

وذكر مزارعون أنهم مضطرون لبيع العنب بالسعر المحدد للجهات الحكومية، إذ لا تصريف للمحصول سوى عبر بيعه لمعمل التقطير الحكومي.

غياب الدعم الحكومي، وارتفاع تكاليف الزراعة من سقاية وأسمدة وأجور عمال، عمّق خسائر المزارعين في المحافظة، التي يوجد فيها أكثر من 4.7 مليون شجرة عنب، وتعتبر، مع التفاح، أكثر الأشجار المثمرة زراعة ورواجًا في المحافظة، ويعود السبب للتربة البركانية الحمراء ودرجات الحرارة الملائمة لهذا النوع من الزراعة.

السعر لا يوازي التكاليف

أهم أسباب خسارة الفلاحين في موسم العنب ومعظم الزراعات السعر المنخفض، وهو “غير عادل” ولا يتناسب مع التكاليف، بحسب ما قاله فلاحون من السويداء قابلتهم عنب بلدي.

وبلغ السعر التقديري لتكاليف الكيلو الواحد من العنب العصيري هذا العام 5500 ليرة سورية بحسب تقرير لاتحاد فلاحي السويداء (كل دولار أمريكي يعادل 15000 ألف ليرة سورية)، لكن وزارة الصناعة، وبعد جدل لأكثر من 15 يومًا، حددت سعر تسليمه بـ3700 ليرة، ما أثار استياء الفلاحين، فيما لا يزال التفاح يواجه الخطر ذاته بسبب تأخر إصدار تسعيرته.

مصدر في مديرية الزراعة، فضّل عدم ذكر اسمه، قال لعنب بلدي، إن اجتماعات عدة جرت في وزارة الصناعة بين ممثلين عن الاتحادات الفلاحية ومعملي تقطير العنب لكل من السويداء وحمص، لتحديد سعر العنب العصيري، بما يتناسب مع الطرفين، بعد تأخر التسعير قرابة الشهر عن موعده الحقيقي.

التأخر هدد بتلف عنب المزارعين، ففي حال لم يتم قطافه في الموعد المناسب، يكون معرضًا لهجمات الدبور، كما أنه يصبح غير قابل للتخزين.

وأضاف المصدر أن السعر الذي حُدد أخيرًا بـ 3700 ليرة لكيلو العنب، يشير إلى تواطؤ حكومي ضد الفلاحين، فالسعر المحدد من قبل الوزارة لا يكاد يعادل 65% من التكلفة التقديرية التي حددها اتحاد الفلاحين، كما يواجه التفاح أيضًا تأخرًا في تسعيره، في إشارة واضحة لخفض سعره أسوة بالعنب.

وتعد أسعار العنب في الأسواق منخفضة مقارنة بتكاليف زراعته المرتفعة، كما ارتفعت تكاليف نقل الإنتاج باتجاه أسواق دمشق بشكل متزايد، جراء ارتفاع أسعار المحروقات، وفرض الإتاوات من قبل حواجز قوات النظام على البضائع المارة، وإغلاق باب التصدير واحتكاره من قبل تجار مقربين من السلطات، ما يجبر المزارعين على بيع محاصيلهم بأسعار “بخسة”.

54 ألف طن من العنب

مع نهاية الموسم مطلع تشرين الأول الحالي، قال المزارع تمام مسعود، الذي يملك ثلاثة دونمات مزروعة بأشجار العنب، إنه يفكر بجدية باقتلاعها واستثمار الأرض في زراعة أخرى.

واعتبر أن الجهات الحكومية تتعامل بـ”استهزاء” مع المحصول وتعب الفلاحين، وتتعمد إيقاع الخسارة بهم، إذ بلغت خسارة المزارع تمام حوالي أربعة ملايين ليرة سورية هذا الموسم.

ويعتني المزارع بـ150 شجيرة في دونماته الثلاثة، تقطف كل واحدة منها حوالي 15 كيلوغرامًا من العنب العصيري، ما يعني إنتاجه لقرابة الطنين، بتكلفة أكثر من 12 مليون ليرة سورية، بحسب تقدير اتحاد الفلاحين، إلا أنه باعها بحوالي ثمانية ملايين، حسب سعر وزارة الصناعة، حيث لا تسويق لهذا النوع من العنب خارج إطار معمل التقطير.

وبدأ موسم قطاف العنب مطلع آب الماضي، مع تقديرات أولية للإنتاج بلغت نحو54 ألف طن، وفق ما قاله مدير الزراعة في السويداء، أيهم حامد.

وذكر أن إجمالي المساحات المزروعة في المحافظة بشجيرات العنب بلغ نحو 10039 هكتارًا، بعدد شجيرات يتجاوز4.7 مليون شجيرة بمختلف أنواعها كـ”السلطي والحلواني والبلدي”.

عوامل مناخية

شهدت محافظة السويداء في السنوات الخمس الماضية عوامل جوية كالتفاوت في مواعيد هطول الأمطار، والصقيع، وارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، ما أثر على معدل الإنتاجية الزراعية للمحافظة.

وبحسب مزارع من بلدة قنوات في ريف السويداء، فإن متوسط إنتاج الدونم الواحد من العنب بلغ 300 كيلوغرام هذا العام، و250 كيلو متوسط إنتاج الدونم من التفاح، وهي أرقام جيدة، “لكنها ليست بالممتازة”، على حد تعبيره.

وأوضح المزارع، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أن العنب خلال الصيف يحتاج إلى درجة حرارة مرتفعة كي ينضج، فيما يحتاج التفاح للتعرض للصقيع خلال فصل الشتاء، وهما أمران لوحظ تراجعهما خلال هذا العام، ومن الممكن أن تسهم هذه العوامل في تخفيض الإنتاجية.

بحاجة إلى دعم ومعدات

المهندس الزراعي المقيم في السويداء حسام مرشد، قال لعنب بلدي، إن العناية السليمة بالأشجار المثمرة تحتاج إلى التزام ومتابعة مكثفين، من خلال حراثة الأرض وتسميد الأشجار وعلاجها وتقليمها وغيرها من متطلبات الزراعة.

وأضاف أن هذه المتطلبات تحتاج إلى دعم مستمر أيضًا، كتوفير الأسمدة والمبيدات والمعدات الحديثة والوقود، ولكن بعد 2011، أخذت مصادر دعم الفلاح تتقلص حتى كادت تتلاشى.

وتابع مرشد أن العادة قضت بتوفير وزارة الزراعة مخصصات من الوقود لكل فلاح بسعر مدعوم وتكفيه حتى انقضاء موسمه، لكن الكميات كانت تصل إلى الفلاح أقل من المحددة.

ويؤثر انفلات أسعار المبيدات والأسمدة في قدرة الفلاح على إنتاج مواسم مزدهرة، إضافة إلى استخدام التكنولوجيا الحديثة والمعدات الزراعية المتطورة، رغم أن الأخيرة موجودة بشكل خجول بسبب تردي الأحوال الاقتصادية لدى الكثير من الفلاحين، وفق المهندس.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة