تصدر نعيم قاسم واجهة “حزب الله” اللبناني خلال الأيام الماضية، بعد اغتيال الأمين العام السابق، حسن نصر الله، بضربات إسرائيلية استهدفت مقرًا له في الضاحية الجنوبية ببيروت.
وصار قاسم المخوّل بإصدار البيانات والتحدث باسم الحزب، بصفته نائب الأمين العام، وباعتباره الشخصية القيادية الأبرز التي لم تطلها الاغتيالات حتى الآن.
وبعد اغتيال نصر الله، خرج نعيم قاسم نائب الأمين العام، في خطابين إعلاميين من مكان مجهول.
ونفى في الأول، تعيين أمين عام جديد للحزب، خلفًا لنصر الله، وتوعد بمواصلة الحرب مع إسرائيل.
وأشار، في الخطاب المسجل الذي نشر في 30 من أيلول الماضي، إلى خطط بديلة عقب اغتيال عدد من قادة الحزب بالغارات الإسرائيلية.
أما الخطاب الثاني، فتزامن مع ذكرى مرور سنة على عملية “طوفان الأقصى”، وأكد فيه تخطي “الضربات الموجعة”، مشيرًا إلى تماسك صفوف حزبه بعد التصعيد الإسرائيلي.
من هو قاسم
قاسم، صاحب العمامة البيضاء والتي تعني أنه لا ينتمي “لآل البيت” خلافًا لمعتمر العمامة السوداء، ينظر إليه على أنه يفتقر للحضور والقدرة الخطابية التي كان يمتلكها نصر الله.
الباحث في مركز “كارينغي للشرق الأوسط” والمتخصص في شؤون “حزب الله” مهند الحاج علي، قال لوكالة “أسوشيتد برس”، في 8 من تشرين الأول، إن الكثيرين ينظرون إلى قاسم على أنه “أكثر تطرفًا” من نصر الله، على الأقل في تصريحاته العلنية.
لكن وبحسب “أسوشيتد برس”، كانت سلطة قاسم “محدودة” داخل الحزب، على عكس هاشم صفي الدين الذي كان ينظر إليه على أنه الوريث لابن خالته حسن نصر الله، والذي كان يشرف على الشؤون السياسية للحزب.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أكّد، في 8 من تشرين الثاني، مقتل هاشم صفي الدين بغارات استهدفته في الضاحية الجنوبية ببيروت.
وقال نتنياهو إن إسرائيل “قتلت نصر الله، وخليفته وخليفة خليفته”، في إشارة إلى صفي الدين.
قاسم و”حزب الله”
انخرط قاسم في “حزب الله” منذ بداية تشكيله عام 1982، ويعتبر من المؤسسين، وكان عضوًا في الشورى لثلاث مرات.
وتدرج في المناصب التي تسلمها بالحزب ابتداءً من مسؤول النشاطات التربوية ثم نائبًا لرئيس المجلس التنفيذي ثم رئيسًا للمجلس.
ووصل لمنصب نائب الأمين العام الذي تولاه عام 1991، منذ عهد سلف نصر الله، عباس الموسوي، الذي قتل بهجوم طائرة هيلوكوبتر إسرائيلية في لبنان، عام 1992، وبقي في منصبه حتى اللحظة.
شغل قاسم مهمة المنسق العام للانتخابات البرلمانية لـ”حزب الله” التي دخلها لأول مرة عام 1992، وتابع عمل “كتلة الوفاء” (الممثل السياسي للحزب في البرلمان اللبناني)، والحركة السياسية للنواب.
وبخلاف حسن نصر الله، كان لقاسم ظهور إعلامي أكثر ومقابلات مع وسائل إعلامية مكثفة ومشاركات في مجتمعية.
عاصر قاسم من خلال منصبه العديد من الأحداث التي مرت على “حزب الله” والمواجهات العسكرية التي خاضها الحزب مع إسرائيل، منذ حرب تموز 1993 مرورًا بحرب نيسان 1996 وحرب “التحرير” عام 2000، وحرب تموز 2006، وحتى التصعيد الأخير لإسرائيل منذ نهاية أيلول الماضي.
وكانت أمريكا والسعودية فرضتا عقوبات على نعيم قاسم في 17 من أيار 2018.
من “أمل” إلى “حزب الله”
بدأ قاسم نشاطه السياسي مع حركة “أفواج المقاومة اللبنانية” (أمل) ذات التوجه الديني الشيعي، وهي الجناح العسكري لحركة “المحرومين” التي شارك قاسم في اجتماعاتها الأولى مع مؤسسها موسى الصدر عام 1974، بحسب الموقع الرسمي لنعيم قاسم.
وتسلّم العديد من المناصب في حركة “أمل” بداية من نائب المسؤول الثقافي، إلى مسؤول العقيدة والثقافة في الحركة. ووصل إلى مجلس قيادة الحركة بعد اختفاء مؤسسها موسى الصدر في ليبيا عام 1978.
ثم ترك قاسم حركة “أمل” عام 1979 وذلك أعقاب “الثورة الإسلامية” في إيران التي تمّت على يد المرشد الأعلى السابق في إيران آية الله الخميني.
قاسم والتعاليم الشيعية
قاسم مولود عام 1953 في بيروت لعائلة تعود أصولها لقرية كفر فيلا جنوب لبنان.
درس الكيمياء في الجامعة اللبنانية وتخرج منها عام 1977، وعمل مدرسًا للمادة لعدة سنوات.
كما تابع دراسته الدينية “الحوزوية” على عدد من علماء الدين الشيعة.
ونشط قاسم في العمل الطلابي وأسس وانضم إلى عدد من الجماعات ذات التوجه الديني الشيعي.
وأسهم في تأسيس “الاتحاد اللبناني للطلبة المسلمين” في أوائل السبعينيات بهدف “العمل الطلابي والتبليغ بالأفكار الإسلامية داخل الجامعات وفي المدارس”.
كما أسهم بتأسيس “جمعية التعليم الديني الإسلامي” وهي جمعية تأسست عام 1977، وترسل مدرسين ومدرسات إلى المدارس الحكومية والخاصة اللبنانية لإعطاء دروس دينية للمذهب الشيعي.
موقفه من سوريا
لم تكن مواقف نعيم قاسم بعيدةً عن مواقف حزبه ودعمه للنظام السوري، خصوصًا بعد أحداث الثورة السورية عام 2011.
وكان “حزب الله” قد شارك إلى جانب النظام السوري في حربه على فصائل المعارضة، في القصير والقلمون ومناطق أخرى في سوريا.
وأيّد قاسم وجود عناصر حزبه في سوريا، وقال في 29 من تموز 2023، إنهم موجودون بمقدار حاجة سوريا لهم (يشير إلى النظام السوري).
وفي تصريح لقناة “فرانس 24″، في 27 تشرين الأول، ربط قاسم انسحاب عناصر حزبه من سوريا بالحل السياسي و”القضاء على الإرهاب”.
ويعتبر قاسم أن وجود حزبه في سوريا متعلق بدعم النظام السوري لـ”محور المقاومة” والحرب ضد إسرائيل.