كيف أعاد أرتيتا الألق إلى الأرسنال

نجح أرتيتا بخلق شخصية جديدة لأرسنال منذ توليه المهمة في 2019 (أرسنال/ إكس)

camera iconنجح أرتيتا بخلق شخصية جديدة لأرسنال منذ توليه المهمة في 2019 (أرسنال/ إكس)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – يامن مغربي

روح قتالية حتى الثواني الأخيرة وتكتيك عالي المستوى، ضغط على الخصوم وقدرة جيدة على الدفاع ولاعبون شباب على أرض الملعب، صورة يرسمها نادي أرسنال الإنجليزي لنفسه تحت قيادة مدربه الشاب، مايكل أرتيتا، بعد سنوات من التخبط والفشل على مستوى حصد البطولات وطريقة اللعب.

أرتيتا الذي تولى تدريب النادي اللندني في عام 2019، سبق له اللعب للنادي نفسه لعدة سنوات، قبل اعتزاله اللعب والحصول على رخصة التدريب المحترفة من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، كما عمل مساعدًا للمدرب الإسباني بيب جوارديولا في نادي مانشستر سيتي.

وخلال خمس سنوات، نجح أرتيتا بالفوز مع الأرسنال بثلاثة ألقاب، هي كأس الاتحاد الإنجليزي في موسم 2019-2020، وكأس الدرع الخيرية لمرتين، في موسم 2020-2021، وموسم 2023-2024.

كيف أعاد البناء

شهد موسم 2003-2004 وصول أرسنال للقمة تحت قيادة مدربه الفرنسي آنذاك، أرسن فينغر، عندما ظفر بلقب الدوري الإنجليزي دون خسارة أي مباراة، إذ فاز في 26 مباراة وتعادل في 12 أخرى بمجموع 38 مباراة، جامعًا 90 نقطة، وبفارق 11 نقطة كاملة عن الوصيف تشيلسي (79 نقطة)، و15 نقطة عن صاحب المركز الثالث مانشستر يونايتد (75) نقطة، وبذلك يصبح أول نادٍ يحصد “الدوري الذهبي”، وكان ذلك آخر لقب دوري يحققه النادي.

فشل أرسنال في العام التالي بالحفاظ على لقبه محتلًا المركز الثاني خلف تشيلسي، وفي الأعوام التالية دخل في دوامة المراكز المؤهلة لبطولة دوري أبطال أوروبا، ومع الصعوبات المالية الناتجة عن عملية تجديد ملعبه، خفت بريق الفريق وابتعد عن المنافسة، وكان أفضل مركز حققه في الدوري هو المركز الثاني في موسم 2015-2016.

في 2018، أعلن أرسن فينغر رحيله عن النادي، ليستعين الأخير بالمدرب الإسباني أوناي إيمري، الذي استمر لعام واحد تقريبًا، قبل أن يُقال ويعيّن فريدريك ليونغبرغ كمدرب مؤقت، ثم يُعلن تعيين أرتيتا، ولم يتجاوز عمره حينها 37 عامًا.

وجد أرتيتا، الذي تقتصر خبرته التدريبية على عمله كمساعد مدرب لجوارديولا، نفسه أمام مهمة صعبة للغاية، هي إعادة بناء الفريق بلاعبين شباب وإعادة الثقة للنادي، في ظل سيطرة شبه مطلقة لناديي السيتي وليفربول، ومحاولات عودة لمانشستر يونايتد، بالإضافة إلى تطور مستوى الأندية المتوسطة في الدوري الإنجليزي.

وفي ذلك الوقت، كان أرسنال يحتل المركز العاشر في الدوري، وسط تقديمه أداء سيئًا وتحديدًا على مستوى الدفاع وفوضى عارمة.

في إحدى الليالي، وجه أرتيتا دعوة للاعبيه إلى العشاء، واستأجر لصوصًا محترفين لسرقة جيوب لاعبيه، كان ذلك درسًا للاعبين بضرورة التركيز الدائم واليقظة والاستعداد، وتشير هذه الحادثة التي تحدثت عنها مجلة “ذا أثلتيك”، في آب الماضي، إلى طريقة تفكير المدرب الإسباني، مشيرة إلى تغيير الفريق تحت قيادته وخلق روح تنافسية مع هوس بتحسين كل شيء، حتى أصبح الأمر طريقة تفكير للنادي نفسه ولاعبيه.

وفق المجلة، كان أرتيتا خلال فترة لعبه لأرسنال يجري جلسات طويلة مع مدربه الأسبق، فنغر، وهو ما لعب دورًا كبيرًا في فهمه للتدريب والتفاصيل الدقيقة للعمل، قبل انضمامه لجوارديولا كمدرب مساعد.

من التفاصيل التي تحدثت عنها المجلة، إعادة ترتيب زينة ملاعب التدريب، التي علّق على جدرانها صور كبيرة لشعار أرسنال وصور لملعبه، وعبارات محفزة مع الحفاظ على تاريخه الذهبي برفقة فنغر، وبالتالي احتضن أرتيتا تاريخ النادي وطوّره.

إلى جانب هذه التفاصيل، وضع المدرب الشاب مجموعة من المعايير، وأجبر لاعبيه وموظفي النادي على الالتزام بها، وأخرج من يخالفها ولو كانوا من نجوم الفريق، بمن في ذلك مسعود أوزيل وأوباميانج.

المعايير هي ثلاثة، الأول الهوية التي تنقسم إلى الكثافة والانضباط والاستمتاع والأمور غير القابلة للتفاوض والثقة والتحسن.

والثاني هو الوحدة التي تنقسم بدورها إلى النزاهة والتقليد والفرادة.

فيما المعيار الثالث هو الأساسيات الخاصة بكرة القدم وطريقة اللعب، وهي الهجوم وشكل الفريق والشدة والتنافس والكرات الثابتة.

إلى جانب ما سبق، يمتلك أرتيتا شخصية صارمة للغاية، مع هامش من المرح وخلق عملية توازن بين بيئة العمل الإيجابية والتعاونية في مقابل التنافسية، وخلق رابط مباشر بين اللاعبين وملعب النادي الذي يخوض عليه مبارياته، عبر زيادة عدد الحصص التدريبية.

مسيرة مثيرة في الدوري

خلال موسمه الأول، نجح أرتيتا بالحصول على لقب كأس الاتحاد الإنجليزي، لكن الأداء لم يتحسن، وحصد الفريق المركز الثامن في الدوري.

في تحضيرات الموسم التالي، تخلص أرتيتا من عدة لاعبين، منهم موستافي وأوزيل وماختيريان، وحاول التعاقد مع لاعبين جدد، لكن الأمر لم ينجح كذلك.

كان واضحًا أن أرتيتا بحاجة إلى الوقت، وفي موسم 2022-2023، انضم لاعبون جدد إلى الفريق الذي أصبحت ملامحه وطريقة لعبه واضحة أكثر، وفي ذلك الموسم نجح أرسنال باحتلال المركز الثاني ونافس جوارديولا والسيتي حتى اللحظات الأخيرة.

وفق موقع “thefootballhq” الرياضي، اكتسح أرسنال مع لاعبيه الجدد في ذلك الموسم (زينتشينكو وجيسوس، وسبقه انضمام أوديغارد) فرق الدوري، وحصد الفريق 50 نقطة في منتصف الموسم، وتصدر الدوري لـ248 يومًا.

وفق الموقع، يتمتع أرتيتا بقوة ذهنية كبيرة جعلته قادرًا على تجاوز تعليقات الصحافة والجماهير لموسمين حتى يعمل النظام الجديد الذي أسسه، وبالفعل نجح باحتلال المركز الثاني في ختام الموسم، وعاد الفريق للمشاركة في دوري أبطال أوروبا.

في الموسم التالي، حاول الفريق مجددًا، وقدم أداء أفضل، واستمر بمنافسة السيتي على لقب الدوري حتى الأمتار الأخيرة، لكنه فشل وبفارق نقطتين فقط (حصد 89 نقطة مقابل 90 نقطة للسيتي).

وخلال الموسم الحالي، لعب الفريق ست مباريات في الدوري، حقق الفوز في أربع مباريات وتعادل في اثنتين، إحداهما كانت مع السيتي نفسه.

ويحتل حاليًا المركز الثالث بفارق الأهداف عن السيتي، صاحب المركز الثاني، ونقطة واحدة عن المتصدر ليفربول.

وعلى صعيد دوري أبطال أوروبا، حقق النادي اللندني الفوز على باريس سان جيرمان في الجولة الماضية من البطولة، في 1 من تشرين الأول الحالي، ويحتل المركز الـ13 في سلم الترتيب.

وكل ما يحتاج إليه أرسنال للوصول إلى دوري الـ16 (الدور التالي من البطولة)، أن يحجز مكانًا له ضمن المراكز الثمانية الأولى.

ومنذ التعاقد مع أرتيتا، خاض الأخير 240 مباراة كمدرب للأرسنال، حقق الفوز في 146 وتعادل في 57 وخسر 37.

وأحرز الفريق تحت قيادته 470 هدفًا وتلقى 252 هدفًا في شباكه.

أرتيتا كلاعب

أعلن أرتيتا اعتزاله اللعب في عام 2016، بعد مسيرة حافلة في الملاعب مع الأندية المختلفة والمنتخب الإسباني.

وبدأ اللاعب مسيرته بالانتقال من الفئات السنية لنادي أنتيغويكو إلى نادي برشلونة تحت 19 عامًا، في 1997، وبعدها بعامين انتقل إلى فريق برشلونة سي، وبعدها بأشهر إلى برشلونة ب، ثم رفّع إلى الفريق الأول لبرشلونة عام 2000.

لم يستمر أرتيتا طويلًا مع برشلونة، وانتقل في 2001 إلى باريس سان جيرمان على سبيل الإعارة لموسم واحد، وفي 2002 انتقل بشكل نهائي لنادي رينجرز الاسكتلندي لموسمين.

وفي موسم 2004-2005، عاد اللاعب إلى بلاده لاعبًا لنادي ريال سوسيداد الذي أعاره لنادي إيفرتون الإنجليزي، قبل أن يحسم الأخير انتقاله بشكل نهائي في الانتقالات الصيفية في 2005.

استمر أرتيتا في صفوف إيفرتون حتى عام 2011، عندما انضم إلى أرسنال بصفقة قدّرت قيمتها بـ12 مليون يورو، واستمر في اللعب لخمس سنوات حتى أعلن اعتزاله بشكل نهائي.

في المجمل، حقق أرتيتا سبعة ألقاب في مسيرته كلاعب، أربعة منها برفقة أرسنال هي بطولة الدرع الخيرية لمرتين (بين عامي 2014 و2016)، وكأس الاتحاد الإنجليزي لمرتين في 2014 و2015.

فيما حقق لقب الدوري الاسكتلندي مرة ولقب كأس الدوري مثلها.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة