تعا تفرج
الحرب في مراحلها الأخيرة
خطيب بدلة
في 27 من أيلول الماضي، قتل الجيش الإسرائيلي حسن نصر الله، الأمين العام لـ”حزب الله”، في غارة على ضاحية بيروت الجنوبية، وبعد ثلاثة أيام، أعلن الحزب تعيين هاشم صفي الدين، خليفة له، مع شعور عام لدى المراقبين بأنه لن يجلس في منصبه طويلًا، فقد يتعرض للتصفية، عندما تريد إسرائيل ذلك.
هذا الشعور “التراجيـ كوميدي”، تولد عن أحداث سنة، بدأت في 7 من تشرين الأول 2023، لم تتوقف خلالها الاغتيالات الإسرائيلية لقادة “حماس”، و”الحرس الثوري الإيراني”، والشخصيات الفاعلة والمؤثرة في “حزب الله”. وأعلن الجيش الإسرائيلي، كذلك، عن قتل قادة آخرين، مثل نبيل قاووق، وعلي الكركي، وإبراهيم جزيني، وسمير ديب، وعبد الأمير محمد، وعلي ناعس أيوب، وكلهم من قيادات الصف الأول في “الحزب”.
ما يمكن ملاحظته، بسهولة، أن إسرائيل، منذ لحظة اغتيالها فؤاد شكر، في 30 من تموز الماضي، رفعت من وتيرة الحرب، على نحو مطرد، وصولًا إلى قتل أكبر شخصية في المحور الإيراني كله، أعني نصر الله، ما أحدث زلزالًا في لبنان، لا يقل أهمية عن اغتيال كمال جنبلاط، وبشير الجميل، ورفيق الحريري، وأظهر، من جهة أخرى، تفوقًا عسكريًا إسرائيليًا لم يسبق له مثيل في تاريخ الصراع العربي- الإسرائيلي، فتراها تحارب في غزة، وجنوبي لبنان، والضاحية الجنوبية لبيروت، وتشن غارات عنيفة على “الحوثيين” في مدينة الحديدة اليمنية، وتحشد قوات برية بالقرب من نهر “الليطاني”، وتبدأ هجومًا بريًا، لإجبار “حزب الله” على التراجع، وهي تفاجئنا، يوميًا، بعمليات نوعية غريبة من نوعها، مثل تفجير أجهزة “البيجر” في 21 من أيلول، الذي سبقه اغتيال إسماعيل هنية في طهران، وعملية الإنزال في مدينة مصياف السورية، ناهيك بضرب سفارة إيران، وكثير من المناطق السورية.
هذا الارتفاع النوعي، المتسارع، في وتيرة الأحداث، يطرح علينا تساؤلات جدية عما سيجري في الأسابيع القليلة التي تفصلنا عن الانتخابات الأمريكية، ورئيس الوزراء الإسرائيلي يستغل كل دقيقة فيها، لإنجاز حربه التي يرى معظم الإسرائيليين أنها “وجودية”، ومع انتهائها، ستبدأ ترتيبات جديدة، في قطاع غزة أولًا، لن يكون لـ”حماس” أي وجود فيها، وفي جنوبي لبنان، تترافق مع إبعاد “حزب الله” إلى حيث لا يستطيع تهديد شمال إسرائيل، وإعادة سكان الشمال، المهجرين في الوقت الحاضر، إلى بيوتهم، يترافق ذلك مع اتخاذ القوى الوطنية اللبنانية إجراءات عاجلة لاستعادة دولتهم، بعيدًا عن السيطرة الإيرانية الممثلة بـ”حزب الله”، فينتخبون رئيسًا جديدًا، ويكون لهم مجلس نواب جديد، وحكومة مدعومة من الدول العربية متمثلة بالمملكة العربية السعودية التي تعتبر أكبر الرابحين من دحر المشروع الإيراني، وهذا المحور السعودي، كما أعتقد، سيتابع مساعيه الرامية إلى استعادة الدولة السورية، بعد تخليصها من الوجود الإيراني، ولا بد، في هذه الحالة، من إجراء تغييرات في بنية الدولة السورية، تجعلها قادرة على استيعاب معظم القوى السورية، المتفرقة حاليًا، وسيكون هناك دعم مالي عربي كبير، يهدف إلى إعادة الإعمار، وإعادة اللاجئين.
سؤال: هل ترون أنني متفائل؟ جواب: إنها قراءتي لما يجري، وقد تكون قراءتي متفائلة، نعم.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :