أهالي القنيطرة يخشون دخول الجيش الإسرائيلي
القنيطرة – زين الجولاني
يعيش أبناء الجنوب السوري خلال السنوات العشر الماضية حربًا إثر حرب، حولت حياتهم إلى لجوء ونزوح، وحالة من عدم الاستقرار عادت للواجهة مجددًا بعد التصعيد الإسرائيلي ضد “حزب الله” الموالي لإيران في جنوبي لبنان، واحتمالات تمددها إلى سوريا.
ومنذ بدء التصعيد قبل نحو أسبوعين، يستذكر أهالي القنيطرة، وخاصة القرى الحدودية مع الجولان السوري المحتل، السنوات الماضية التي عاشوها من قصف وقتل على يد قوات النظام و”حزب الله” خلال المعارك التي سيطر بموجبها الأخيران على المنطقة على حساب فصائل المعارضة السورية.
ويقف أبناء قرى القنيطرة في حيرة من أمرهم مع تزايد التوتر والتخوف من توسع رقعة الحرب وامتدادها إلى سوريا، ويتساءل بعضهم حول خياراتهم المتاحة بين البقاء والنزوح المحتمل، وفق ما قاله مدنيون من أبناء المنطقة لعنب بلدي.
مخاوف من النزوح
متكئًا على عكازه الخشبي، قال الستيني “أبو محمد علي طه”، وهو من أبناء بلدة الحرية الحدودية بريف القنيطرة الشمالي، “نسمع أصوات الانفجارات والقصف القادم من لبنان في كل ليلة، ونتساءل متى يحين دورنا”.
أضاف الرجل خلال حديثه لعنب بلدي، أن أبناء المنطقة يرصدون يوميًا الصواريخ التي يقذف بها الطرفان على جانبي الحدود بين لبنان وإسرائيل، كما تستهدف المنطقة بعض الطلقات النارية من قبل الجيش الإسرائيلي بين الحين والآخر.
ووفق “أبو محمد”، يشاهد أبناء المنطقة أراضيهم الزراعية تجرفها المدرعات الإسرائيلية في أثناء استكمال المشروع المعروف باسم “سوفا 53″، إذ تعمل إسرائيل على تعبيد طريق داخل الأراضي السورية في القنيطرة منذ سنوات.
وتزداد مخاوف أبناء المنطقة يوميًا مع ملامح الاستنفار الإسرائيلي على الجانب الآخر من الحدود، وفق “أبو محمد”، وتتردد في الأصداء أخبار عن أن الجيش الإسرائيلي قد يدخل الأراضي السورية في أي لحظة، ما يضع في حسبانه أنه وعائلته على وشك خوض رحلة نزوح جديدة، وفق ما قاله لعنب بلدي.
وأضاف، “نحن في حيرة من أمرنا، أصبحت أفضّل الموت في منزلي على أن أتذوق مرارة النزوح مجددًا. ليس باليد حيلة وخياراتنا محدودة”.
مستقبل مجهول
وسام أيضًا شاب يقيم في ريف القنيطرة الجنوبي، ويبلغ من العمر 39 عامًا، عاد إلى سوريا منذ يومين قادمًا من لبنان، بعد رحلة نزوح ولجوء استمرت عشر سنوات، قال لعنب بلدي، إنه أمضى شبابه بين لجوء ونزوح، ويتخوف اليوم من عودة الكرّة مجددًا مع عائلته التي تقيم في المحافظة.
وأضاف لعنب بلدي أن هذا السيناريو يشغل بال العديد من العائلات التي عادت من لبنان مؤخرًا، هربًا من القصف والقتل هناك.
ترك وسام عمله في لبنان، ومقتنيات منزله التي جمعها خلال عشر سنوات، وهرب بثيابه مع زوجته وأطفاله باتجاه سوريا حفاظًا على أرواحهم.
وقال الشاب لعنب بلدي، إنه لا خيار لديه سوى النزوح مرة ثانية لأن الحرب لن تتوقف، وليس للمدنيين فيها أي دور.
وفي بلدة ممتنة بريف القنيطرة الأوسط، يقيم الشاب علي (25 عامًا)، وهو يشاهد الوضع في لبنان يوميًا من خلال شاشة التلفاز وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويدور في خاطره أن المشهد مألوف، ومشاهدة الناس تنزح إلى المدارس ودور الإيواء والمخيمات حالة عاشها أبناء القنيطرة مرارًا.
لم ينزح علي أو أي فرد من عائلته خلال السنوات الماضية، وفق ما قاله لعنب بلدي، إذ اختار أفراد العائلة البقاء وتحمل مرارة الحرب والقصف، وفقد العديد من أقاربه خلال العمليات العسكرية التي شهدتها المنطقة.
تنشط ذاكرة علي اليوم، ومن خلال ما يحصل في لبنان، والأحداث المتسارعة أيضًا في سوريا، لا يستطيع مع عائلته اتخاذ قرار وخاصة في حال نشوب حرب بالمنطقة، مشيرًا إلى أن لا قدرة له على التنبؤ بمستقبل، فهو فقط ينتظر.
منطقة غير مستقرة
تقف محافظة القنيطرة على حافة بين الهدوء والفوضى منذ سنوات، إذ تعيش حالة من التوتر الأمني تتجلى بعمليات اغتيال واستهداف متفرقة بين الحين والآخر.
وتستهدف إسرائيل من جانبها الأراضي السورية في القنيطرة، حيث تلاحق عناصر من “حزب الله” اللبناني، كما تدعي.
وفي الوقت نفسه، انتهت حقبة المعارك العسكرية الكبيرة بين النظام والمعارضة التي كانت تسيطر عليها حتى عام 2018، ولم يبقَ في القنيطرة سوى بعض المدنيين، وفصائل محلية مسلحة من بقايا فصائل المعارضة.
وتعاني المحافظة من وأضاع اقتصادية وخدمية سيئة، كسائر المحافظات السورية، لكنها تعيش حالة من التهميش على الصعيد الخدمي أكثر من غيرها على جميع الصعد.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :