أصحاب المولدات يضاعفون السعر

“الأمبيرات” تفرغ جيوب الحلبيين

مولدة اشتراك بالـ"أمبير" في حي الأعظمية بحلب - 1 تشرين الأول 2024 (عنب بلدي)

camera iconمولدة اشتراك بالـ"أمبير" في حي الأعظمية بحلب - 1 تشرين الأول 2024 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – حلب

حرمت سنوات الحرب الحلبيين من أدنى المقومات الخدمية وفي مقدمتها الكهرباء، التي كانت ضحية مبكرة خسرها السكان منذ عام 2013، مع احتدام المعارك بين قوات النظام والمعارضة في المدينة، لينقطع التيار قرابة عام كامل عن جميع أرجائها حينها.

بعد مرور 11 عامًا على تلك اللحظة، ورغم سيطرة النظام على المدينة منذ نهاية عام 2016، لم يعد التيار الكهربائي مثلما كان عليه، إذ لا يشبه التقنين الكهربائي في حلب حال بقية المحافظات، حيث لا يوجد جدول منظّم يحدد مواعيد الوصل والقطع وعدد ساعات كل منهما.

“الأمبيرات”.. حل مكلف

منذ سنوات، تضاف أجور “الأمبيرات” الأسبوعية إلى قائمة طويلة من الأعباء المادية التي تثقل كاهل سكان مدينة حلب، في ظل تدهور معيشي وتراجع قياسي في القدرة الشرائية.

يأس الأهالي من عودة الكهرباء النظامية لوضع مقبول يلبي احتياجاتهم الأساسية دفعهم للبحث عن بدائل، فكان ظهور مولدات “الأمبير” أنسب الحلول.

المولدات الضخمة غزت أحياء حلب، وباتت أسلاكها المتشابكة والممتدة إلى كل منزل تقريبًا، سمة أساسية لأحياء المدينة من شرقها إلى غربها، فكانت “الأمبيرات” في بداية الأمر حلًا يفرّج عن الحلبيين همّ حرمانهم من الكهرباء، لكنها سرعان ما تحولت إلى هم لا يمكن الاستغناء عنه.

70 ألفًا لـ”الأمبير” أسبوعيًا

ارتفع سعر الأمبير الواحد في حلب إلى 70 ألف ليرة سورية (نحو 5 دولارات أمريكية) كحد أدنى في الأسبوع، مقابل سبع ساعات تشغيل يوميًا.

قال مصطفى (39 عامًا) القاطن في حي صلاح الدين، إن صاحب المولدة التي يشترك فيها لتزويد منزله بالكهرباء يتقاضى 70 ألف ليرة أسبوعيًا لـ”الأمبير” لفترة التشغيل المسائية من الـ5 مساء حتى الـ12 ليلًا.

وأضاف أن صاحب المولدة يتيح الاشتراك بفترتين صباحية ومسائية، بحيث يتم التشغيل من الـ12 ظهرًا حتى الـ 12 ليلًا مقابل 110 آلاف ليرة أسبوعيًا لكل “أمبير”.

وتشرح السيدة نهال (54 عامًا)، التي تسكن بحي “الفيض” بحلب، معاناتها مع “الأمبيرات” بالقول، إنها تحاول من جهة الاكتفاء بـ”أمبير” واحد لتخفيض المصاريف، ومن جهة أخرى تحتاج إلى ثلاثة “أمبيرات” على الأقل لتشغيل الثلاجة وحفظ الطعام من التلف.

وذكرت أن من المستحيل الاعتماد على انتظار الكهرباء الحكومية، نظرًا إلى عدم انتظام مواعيدها وعدد ساعات وصولها.

ويعد السعر مرتفعًا مقارنة بالوضع المعيشي والاقتصادي، إذ يبلغ الحد الأدنى للرواتب الحكومية 279 ألف ليرة سورية (18 دولارًا أمريكيًا).

ضعفا السعر الرسمي

في آب 2023، أعلنت لجنة تحديد الأسعار في محافظة حلب أن السعر الرسمي لكل ساعة تشغيل لـ”الأمبير” الواحد 775 ليرة سورية، ما يعني أن سعر الأمبير أسبوعيًا مقابل 7 ساعات تشغيل يجب ألا يتعدى 38 ألف ليرة، بينما يصل على أرض الواقع إلى 70 ألف ليرة وما فوق.

“طه” اسم مستعار، وهو أحد أصحاب مولدات “الأمبير” في حي الأعظمية، يبرر رفع السعر بشحّ المازوت وارتفاع سعره في السوق السوداء.

وقال إن سعر ليتر المازوت يتراوح بين 12000 و16000 ليرة سورية، بحسب وتيرة توفر كميات منه أو انخفاضها، الأمر الذي ينعكس تلقائيًا على سعر “الأمبير”.

وأضاف أن الأمر لا يتوقف عند سعر المازوت، حيث تحتاج المولدة إلى صيانة دورية إلى جانب أجور العاملين معه ونسبة الأرباح التي يحق له تحصيلها، لافتًا إلى أنه يدفع باستمرار لدوريات التموين والبلدية التي لا تتوقف عن زيارته دوريًا لتقاضي مبالغ منه.

حلول غائبة

يسود شعور عام في مدينة حلب بأنها مظلومة بشكل متعمّد لناحية إمدادها بالكهرباء، فعلى الرغم من الإعلان عن إطلاق عمل مجموعة التوليد الخامسة في محطة حلب الحرارية منذ تموز 2022، فإن الواقع الكهربائي في المدينة لم يتحسّن.

وفي تشرين الثاني 2023، قال عضو المكتب التنفيذي لمحافظة حلب جفال الجفال لموقع “أثر برس” المحلي، إن كمية الكهرباء الواردة إلى حلب تتراوح بين 200 و220 ميغاواطًا، يتم توزيع 80 ميغاواطًا منها على المدينة الصناعية في الشيخ نجار، و70 ميغاواطًا للمناطق الصناعية داخل المدينة، على أن تُوزع الكمية المتبقية على الأحياء السكنية وفق جدول تقنين.

ولا تكفي هذه الكميات لتغذية المنازل بأكثر من ساعتين كل 12 ساعة وما فوق، حيث قد تصل مدة التقنين في بعض الأحيان إلى 18 ساعة قطع مقابل ساعتي وصل، كما أن الكهرباء النظامية لا تصل إلى جميع أحياء المدينة.

ولا تزال النسبة الكبرى من أحياء حلب الشرقية دون كهرباء نظامية، وتعتمد بشكل كلي على مولدات “الأمبير” رغم غلائها مقابل الوضع المادي المتدهور لسكان تلك الأحياء.

ولا يخرج ملف “الأمبيرات” عن قائمة المعاناة اليومية للسوريين، الذين باتوا يكابدون للحصول على أبسط مقومات الحياة، وأصبح تشغيل ضوء أو مروحة أو تلفاز في منازلهم رفاهية، وعليهم أن يدفعوا عليها كامل أجورهم الشهرية، وأن يضاعفوا ساعات عملهم ليسدّوا احتياجاتهم الأساسية مع أسرهم.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة