إدلب – سماح علوش
ارتفع عدد المستشفيات الخاصة في إدلب شمال غربي سوريا خلال السنوات الماضية، رغم تكاليفها المرتفعة مقارنة بالوضع الاقتصادي والمعيشي للسكان، لتشكل بديلًا أو حلًا على الأقل أمام صعوبة تنقل بعض المرضى إلى أماكن أخرى.
وبلغ عدد المستشفيات الخاصة المرخصة لدى وزارة الصحة في حكومة “الإنقاذ” بإدلب 27 مستشفى، ثلاثة منها قيد التجهيز والإنشاء، وفق تصريح وصل إلى عنب بلدي من مسؤول المستشفيات والمراكز الطبية في الوزارة، الطبيب ملهم غازي.
وأوضح غازي أن عدد المستشفيات التي تقدّم خدماتها المجانية في المنطقة يبلغ 60 مستشفى، منها ما يقارب تسعة مستشفيات توقف الدعم عنها بشكل كامل، وهي مهددة بالإغلاق وتوقف الخدمات للمرضى إذا ما استمر الوضع على حاله.
“تضمن عمل الأطباء”
مدير مستشفى “المواساة” الخاص وأحد المستثمرين فيه، الطبيب زياد السيد، قال لعنب بلدي، إنه لا يمكن اعتبار المستشفيات الخاصة استثمارًا، بل هي بمنزلة استقرار للأطباء العاملين في المنطقة.
وأضاف أن العمل في المستشفيات العامة لا يمكن الاعتماد عليه كدخل للطبيب، إذ إن الدعم قد يتوقف عنها في أي لحظة، وقد يضطر الطبيب للعمل بشكل تطوعي لشهرين أو أكثر كي لا يخسر عمله فيها.
وأضاف أن أغلب الأطباء هم من النازحين من مناطق متفرقة في سوريا، ولا يمكنهم الاعتماد على عياداتهم الخاصة مثلما كانوا عليه سابقًا في بلداتهم، عدا عن ارتفاع الإيجارات التي تشكل بحد ذاتها معاناة لهم.
وعن الخدمات التي يقدمها مستشفى “المواساة” الذي لا يزال قيد الإنشاء، قال الطبيب، إن المستشفيات الخاصة عبارة عن تجمع طبي لجميع الاختصاصات، فعلى سبيل المثال، يكون الشخص المصاب إثر حادث سير بحاجة لاستشارة قلبية أو داخلية صدرية أو تخدير، لذلك يضطر أن يُحوّل من مستشفى لآخر للحصول على ما يلزمه، لأن المستشفيات العامة لا يوجد فيها جميع الاختصاصات، وهذا ما يؤمّنه المستشفى الخاص.
ولفت إلى وجود مرونة في التعامل ضمن المستشفى الخاص، بسبب وجود الخدمات التشخيصية كالأشعة والمخبر والطبقي المحوري والرنين المغناطيسي والقسطرة القلبية، فضلًا عن وجود قسم للنسائية بشكل متكامل بكوادر نسائية.
وتوجد عدة شروط للحصول على الترخيص من وزارة الصحة وفق الطبيب، لافتًا إلى وجود تسهيلات وتعاون من قبل الوزارة، لكن هناك بعض العقبات من ناحية الأمور التنظيمية التي تفرضها بلدية إدلب، كتحويل مواصفات المبنى المعتمد من سكني إلى مستشفى، وهذا الأمر كلّف إدارة المستشفى دفع مبلغ 50 ألف دولار أمريكي، لتغيير المواصفات والحصول على الترخيص.
المال يتحكم بالعلاج
تعد المستشفيات الخاصة حلمًا صعب المنال لشريحة واسعة من السكان في المنطقة، بسبب ظروفهم المادية المتردية التي ربما تضطرهم لتحمل الألم والمعاناة لسنوات وتفاقم أمراضهم، إذ لا تتجاوز الأجرة اليومية للعامل في أحسن الأحوال 100 ليرة تركية (ثلاثة دولارات أمريكية).
ويسكن شمال غربي سوريا ما يقارب 5.1 مليون شخص، منهم 4.2 مليون بحاجة إلى مساعدة، و3.4 مليون يعانون انعدام الأمن الغذائي، بينما بلغ حد الفقر المعترف به في مناطق شمال غربي سوريا 10791 ليرة تركية، وحد الفقر المدقع 9033 ليرة، وفق فريق “منسقو استجابة سوريا” العامل في المنطقة.
ويلجأ مرضى في المنطقة إلى صيدليات “خيرية” للحصول على أدوية مجانية معظمها منتهي الصلاحية، إذ لا يستطيعون شراء الدواء، ورصدت عنب بلدي حالة الازدحام الشديدة التي تشهدها بعض الصيدليات التي تقدم الأدوية المجانية (عددها قليل في إدلب).
ويشهد القطاع الطبي في الشمال السوري ضعفًا في الإمكانيات والمعدات بسبب توقف الدعم، وتضطر العديد من المرافق الصحية إلى تقليص عملياتها أو إغلاق أقسامها أو تقليص ساعات العمل بسبب نقص التمويل، وأوقفت أكثر من 110 مرافق صحية، بما في ذلك 34 مستشفى، عملياتها بالفعل اعتبارًا من نهاية تموز الماضي.
وفي حال استمر مسار نقص التمويل، حذرت مجموعة الصحة من أن 50% من المرافق الصحية العاملة في شمال غربي سوريا ستتوقف عن العمل بشكل كامل أو جزئي بحلول كانون الأول 2024، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA).