عائدون من لبنان يعانون للوصول إلى الشمال السوري
خمسة أيام قضاها أحمد دباس للانتقال من ضاحية بيروت الجنوبية إلى قريته حربنوش الواقعة شمالي إدلب، بعد تصاعد القصف الإسرائيلي على لبنان خاصة الضاحية الجنوبية لبيروت وجنوبي لبنان.
دخل أحمد وزوجته وأبناؤه الأربعة الحدود السورية من معبر “العريضة”، وتوجهوا إلى مدينة حلب ثم إلى مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) للدخول من معبر “عون الدادات” إلى مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا.
عائلة أحمد من بين مئات العائلات السورية التي وصلت إلى مناطق سيطرة المعارضة عائدة من لبنان جراء التصعيد الإسرائيلي، ومرت برحلة نزوح كانت بدايتها الخوف والهرب قبل الوصول إلى الأهل، وعانت العائلة من البقاء في العراء حوالي ثلاثة أيام.
وكانت “الشرطة العسكرية” التابعة لـ”الحكومة السورية المؤقتة” (المظلة السياسية للجيش الوطني) منعت عشرات العائلات السورية النازحة من لبنان، من الدخول إلى الشمال السوري، عند معبر “عون الدادات” بريف حلب.
في ضيافة الأقرباء
وصل أحمد إلى منزل والده في حربنوش وهو حاليًا يقيم فيه، ولم يتلقَ أي مساعدات من قبل المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة أو الجهات الحكومية، بحسب ما قاله لعنب بلدي.
وبحسب ما رصده مراسلو عنب بلدي في شمال غربي سوريا، فإن معظم العائلات التي وصلت إلى المنطقة تقطن حاليًا عند أقربائها.
“إدارة الشؤون السياسية” التابعة لحكومة “الإنقاذ” دعت المنظمات العاملة في المنطقة إلى استقبال العائدين من لبنان وتقديم الخدمات اللازمة قدر الاستطاعة.
ودعت “الإدارة” الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية إلى “الوقوف أمام مسؤولياتها في تلبية احتياجات المهجرين وتقديم العون والمساعدة العاجلة لهم”.
مدير العلاقات العامة في حكومة “الإنقاذ”، عبد الرحمن محمد، قال، في 4 من تشرين الأول الحالي، إن الحكومة باشرت بتأمين العائلات عبر مديرية الوافدين في وزارة الداخلية ووزارة التنمية والشؤون الإنسانية.
وستستقبل مديرية الوافدين الأهالي النازحين كمحطة أولى، وتنسّق لهم مع أقاربهم في المنطقة الذين كانوا على تواصل سابق معهم خلال رحلة النزوح من لبنان إلى شمال غربي سوريا، بحسب عبد الرحمن محمد.
وأضاف محمد أن وزارة التنمية والشؤون الإنسانية بدأت بإنشاء مراكز إيواء للعوائل التي لا بيوت لها أو أقارب في المنطقة.
مناطق نفوذ “الإنقاذ” تشمل قسمًا من محافظة إدلب وأجزاء من أرياف حلب الغربي واللاذقية الشرقي وحماة الشمالي.
أما في مناطق نفوذ “الحكومة المؤقتة” (ريف حلب)، فشكلت الحكومة لجنة لتقديم الدعم للعائلات من لحظة دخولهم إلى الأراضي السورية عبر المعابر حتى وصولهم إلى مناطق سيطرة المعارضة، وحل المشكلات القانونية والإنسانية التي قد تواجههم وتوفير السكن والاحتياجات الأساسية.
فرق “الدفاع المدني السوري” (الخوذ البيضاء) توجهت إلى معبر “عون الدادات” الواصل بين مناطق سيطرة المعارضة و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) قبل دخول النازحين إلى مناطق ريف حلب.
وبحسب تسجيل مصور نشره “الدفاع المدني”، عبر حسابه في “فيس بوك”، قدمت الفرق الخدمات الطبية والإسعافية، ونقلت عدة حالات إلى مستشفى جرابلس والمراكز الطبية القريبة.
وبلغ عدد اللاجئين السوريين الذين دخلوا من معبر “عون الدادات” إلى شمال غربي سوريا حوالي 1700 شخص، معظمهم من النساء والأطفال والمسنين، بحسب “الدفاع المدني”.
فريق “منسقو استجابة سوريا” ذكر أن عدد اللاجئين السوريين العائدين من لبنان إلى شمال غربي سوريا منذ تموز الماضي، حتى الخميس الماضي، وصل إلى 1867 شخصًا، والعدد مرشح للزيادة جراء التصعيد الإسرائيلي في لبنان.
بعد عناء
بعد انتظار دام حوالي ثلاثة أيام في العراء، وضغط من قبل الأهالي والناشطين، دخل مئات الأشخاص من معبر “عون الدادات” إلى شمال غربي سوريا.
معبر “عون الدادات” يصل مدينة منبج الواقعة مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) مع مدينة جرابلس الخاضعة لسيطرة “الحكومة السورية المؤقتة” (سيطرة المعارضة).
وسبق السماح بدخول العالقين اقتحام عدد من المحتجين معبر “عون الدادات”، ورفضهم الخروج منه حتى السماح للعالقين بالدخول.
كما شهدت المنطقة تحركات محلية للضغط على “الشرطة العسكرية” (تدير المعبر وتابعة لـ”المؤقتة”) وفتح المعبر أمام مئات العالقين.
وقبيل دخول العائلات، قال مسؤول المكتب الإعلامي بـ”الحكومة المؤقتة”، جلال التلاوي، لعنب بلدي، إن الموضوع طارئ ويجب التعامل معه بخطة طارئة، وسابقًا كانت هناك قوانين للدخول والعبور بكل سهولة، بينما “من حق كل العائلات الموجودة الدخول إلى الشمال”.
يروي أحمد دباس لعنب بلدي معاناته بعد وصوله إلى مناطق سيطرة “قسد” للعبور إلى شمال غربي سوريا، إذ غادر بيروت يوم السبت ووصل إلى ساحة الكهف في مدينة منبج صباح الاثنين، قبل وصوله إلى المعبر الفاصل بين منطقتي السيطرة.
كان أحمد ومئات العائلات معظمهم أطفال ونساء وكبار في السن يفترشون أرضًا ترابية دون خدمات وتحت أشعة الشمس، “العالم عاشت مأساة من الصبح للمغرب”، وفق قول أحمد.
عناصر “قسد” استقدموا مساء حافلات ونقلوا العائلات إلى ساحة “العون”، التي تقع على مقربة من آخر حواجز “قسد” الفاصلة عن مناطق شمال غربي سوريا، وبقوا في الساحة حتى دخلوا مع باقي العائلات يوم الخميس.
إعادة إغلاق المعبر
أعادت “الشرطة العسكرية” التابعة لـ”الحكومة المؤقتة”، الاثنين 7 من تشرين الأول، إغلاق معبر “عون الدادات” الذي يعتبر بوابة دخول العائدين من لبنان إلى مناطق سيطرة المعارضة.
وقالت “الشرطة العسكرية”، إن إغلاق المعبر يرجع إلى ما وصفته بتصرفات “قسد” مع القادمين من مناطق سيطرة النظام السوري.
البيان الذي حمل توقيع مدير إدارة الشرطة العسكرية، خالد الأسعد، لم يشر إلى المقصود بـ”تصرفات قسد” أو تفاصيل حولها، وتواصلت عنب بلدي مع الأسعد للحصول على مزيد من التفاصيل حول أسباب إغلاق المعبر، ولم تحصل على رد بعد.
مصدر مسؤول في إدارة المعبر، أكد لعنب بلدي إغلاق المعبر، مشيرًا إلى أن تعليمات صدرت من قيادة “الشرطة العسكرية” تفيد بالإغلاق، دون تقديم المزيد من التفاصيل.
وأضاف أن أوامر جاءت بالإغلاق حتى إشعار آخر، دون تحديد مدة زمنية.
ويضطر المدنيون الراغبون بالتنقل من وإلى مناطق سيطرة المعارضة إلى عبور ثلاث مناطق سيطرة في سوريا، هي مناطق سيطرة النظام في الجنوب والوسط وغربي سوريا، ومناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا، ومناطق سيطرة “قسد” شمال شرقي سوريا.
رحلة المدنيين (الترفيق) تبدأ من مناطق سيطرة النظام إلى مدينة منبج بريف حلب الشرقي الخاضعة لسيطرة “قسد”، ثم يدخل المسافرون مناطق سيطرة المعارضة عبر معبر “عون الدادات”، وبالعكس.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :