منعت “الشرطة العسكرية” التابعة لـ”الحكومة السورية المؤقتة” عشرات العائلات السورية النازحة من لبنان، من الدخول إلى الشمال السوري، عند معبر “عون الدادات” بريف حلب.
أقرباء لعائلات عالقة عند المعبر قالوا لعنب بلدي إن “الشرطة العسكرية” وجنودًا أتراك يمنعون عائلات (معظمهم نساء وأطفال) من الدخول إلى الشمال منذ نحو ثلاثة أيام، وسط حاجة ماسة للأهالي بالدخول إلى المنطقة.
سيدة مقيمة في إدلب أوضحت لعنب بلدي أن قريبتها لا تزال عالقة ولديها طفل مريض، وناشدت السلطات المعنية بضرورة إدخال العائلات.
وناشد أقرباء للعائلات المحتجزة عبر صفحات محلية الفصائل والجهات المسؤولة والمراصد العسكرية والإعلاميين بضرورة فتح المعبر أمام نحو 2000 شخص عالقين، مستنكرين منعهم من الدخول.
وحصلت عنب بلدي على صورة وتسجيل مصور أظهر افتراش العائلات بينهم أطفال ورضّع الأرض وفي العراء، دون حصولهم على خدمات أساسية تقيهم تقلب الأحوال الجوية.
وتواصلت عنب بلدي مع قيادة “الشرطة العسكرية” للحصول على توضيح حول الأمر، وما تزال في انتظار الرد.
“أسباب أمنية”
المنع أيضًا شمل أيضًا مواطنين كانوا ينتقلون عادة من وإلى شمال غربي سوريا من معبر عون الدادات، بتنسيق من شركات نقل.
عاصم الملحم، ناشط صحفي يقيم في مدينة الباب ينتظر على الجانب الآخر منذ يوم الثلاثاء، 1 من تشرين الأول، دخول شقيقته وابنتها الرضيعة إلى مدينة الباب، بعد انطلاقها من مدينة حمص ووصولها إلى المعبر.
وقال عاصم لعنب بلدي إن هناك مئات المدنيين ينتظرون عبورهم إلى مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا، قسم كبير منهم سوريون قادمون من لبنان، لكن “الشرطة العسكرية” تمنع الدخول بسبب إجراءات التدقيق الأمني.
حاول عاصم التواصل مع الفصائل العسكرية التي تدير المعبر والفصائل العاملة في المنطقة، للحصول على مساعدة وإدخال شقيقته ورضيعتها بمختلف الطرق إلا أنه لم يصل إلى نتيجة.
يقف عاصم عاجزًا أمام مناشدات شقيقته التي تصله عبر “واتساب”، وتشكو له سوء حالها مع رضيعتها، مع ما تعانيانه من برد وجوع دون خدمات، خاصة أنه طلب منها المجيء إلى شمال غربي سوريا، لأن والدته ستخضع لعملية جراحية وبحاجة لمرافقة.
ولا تزال شقيقة عاصم تنتظر الآن في العراء مع رضيعتها السماح لها بالدخول، حالها كحال مئات العائلات القادمة من مختلف الجغرافيا السورية، وأخرى هربت من القصف الإسرائيلي على لبنان.
سوريون يهربون من الموت
وثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” مقتل 96 سوريًا في لبنان جراء القصف الإسرائيلي الذي يطال عدة مناطق لبنانية، في الفترة بين 23 و30 من أيلول الماضي.
وجاء في تقرير لـ”وحدة إدارة مخاطر الكوارث” اللبنانية، الصادر الثلاثاء، أن عدد النازحين الذين دخلوا سوريا بين 23 و30 أيلول الماضي، حوالي 240 ألف شخص، منهم 176 ألفًا و 80 سوريًا، و63 ألفًا و373 لبنانيًا.
السوريون الذين عبروا الأراضي السورية توزعوا في مختلف المحافظات، بعضهم دخل إلى مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وآخرين في مناطق سيطرة النظام.
أما الدخول إلى شمال غربي سوريا يتم عبر معبر عون الدادات الواصل بين مدينتي جرابلس الخاضعة لسيطرة المعارضة، ومنبج الخاضعة لسيطرة “قسد” بريف حلب.
ويمكن دخول الأشخاص إلى مناطق سيطرة المعارضة عبر طرق تهريب تديرها بعض الفصائل العسكرية العاملة في المنطقة، سواء مع مناطق سيطرة النظام، أو مع مناطق سيطرة “قسد”.
ليست الأولى
ليست المرة الأولى التي يمنع فيها دخول السوريين إلى مناطق ريف حلب (مناطق سيطرة “الحكومة المؤقتة”) سواء كانت “الشرطة العسكرية” في الواجهة وهي التي تمنع العبور أو فصائل “الجيش الوطني السوري” أو تركيا.
في أيار 2021، لم تستقبل مناطق سيطرة “الحكومة المؤقتة” مهجري القنيطرة، إلى أن سمحت لهم بعد انتظار أكثر من 30 ساعة على حواجز “الجيش الوطني” العبور ترانزيت إلى مناطق سيطرة “حكومة الإنقاذ” في إدلب.
ومنع الجيش التركي، في أيار 2018، دخول حافلات تقل مهجرين من ريف حمص الشمالي وجنوب دمشق إلى ريف حلب الشمالي، بسبب عدم التنسيق بين روسيا وتركيا.
وعادت حينها قافلة المهجرين إلى ريف إدلب بعد منع دخولها إلى مناطق ريف حلب.
وكان المهجرون يتوزعون على قافلتين لمهجري ريف حمص الشمالي، وقافلتين لجنوبي دمشق ضمن الدفعة الخامسة والسادسة التي وصلت على فترات متقطعة حينها، وبلغ عدد المهجرين خمسة آلاف.
طريق بين ثلاث مناطق سيطرة
المدنيون الراغبون بالتنقل من وإلى مناطق سيطرة المعارضة عليهم التنقل بين ثلاث مناطق سيطرة في سوريا.
مناطق السيطرة هي: مناطق سيطرة النظام في الجنوب والوسط وغربي سوريا، ومناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا، ومناطق سيطرة “قسد” شمال شرقي سوريا.
رحلة المدنيين (الترفيق) تبدأ من مناطق سيطرة النظام إلى مدينة منبج بريف حلب الشرقي الخاضعة لسيطرة “قسد”، ثم يدخل المسافرون مناطق سيطرة المعارضة عبر معبر “عون الدادات”، وبالعكس.
عون الدادات.. معبر للمسافرين والنفط
يستخدم معبر “عون الدادات” لدخول شاحنات النفط من مناطق سيطرة “قسد” إلى مناطق سيطرة المعارضة، إضافة إلى عبور المسافرين.
المعبر أعيد افتتاحه في شباط 2023، بين مناطق سيطرة “الجيش الوطني السوري” (مناطق المعارضة) ومناطق سيطرة “قسد”، ويربط بين مدينة جرابلس الخاضعة لسيطرة “الجيش الوطني” وبين مدينة منبج الواقعة تحت سيطرة “قسد” بريف حلب الشمالي الشرقي.
وحددت “الشرطة العسكرية” التابعة لـ”الجيش الوطني” حينها عدة شروط لفتح المعبر أمام حركة مرور الأشخاص هي:
- تأمين كفيلين يحملان هوية مجلس محلي، وسيتم تسجيل معلومات كاملة عن كل كفيل، ويجب أن يكون الكفيل العسكري حاصل على الهوية العسكرية، وتحديد درجة القرابة بحسب الأصول (أب، ابن، أخ، أخت، أم، بنت، زوجة، زوج).
- تقديم صور عن بطاقة الوافد الشخصية وصورة شخصية حديثة له.
- تحديد مدة الزيارة وتعتبر “مؤقتة” لمدة شهر، و”دائمة” من شهر فما فوق، وسيحصل بموجبها (الدائمة) على ورقة تخوله استخراج هوية من المجلس المحلي.
- توقيع تعهّد بعدم الدخول إلى تركيا، وفي حال حدث ذلك ستُفرض بحقه غرامة مالية (دون تحديد قيمتها).
- يُمنع الذكور من 18 إلى 30 سنة من مغادرة مناطق سيطرة “الجيش الوطني” باتجاه مناطق سيطرة “قسد” والنظام.