“بازارات” متنقلة.. ملاذ الفقراء في إدلب

يشتري أصحاب الدخل المحدود احتياجاتهم من "البسطات" في إدلب - 28 من أيلول 2024 (عنب بلدي/ سماح علوش)

camera iconيشتري أصحاب الدخل المحدود احتياجاتهم من "البسطات" في إدلب - 28 من أيلول 2024 (عنب بلدي/ سماح علوش)

tag icon ع ع ع

يوم الخميس، هو اليوم المنتظر أسبوعيًا للسبعينية “أم عبدو”، فبعد أن تحصي احتياجاتها، تستعد باكرًا وتخرج إلى “البازار” لتجلبها قبل أن يشتدّ حر الشمس ويصبح السوق مزدحمًا، ما يؤرقها كونها تعاني من مرض الضغط.

تطرق السيدة المقيمة في إدلب باب جاراتها ليذهبن سوية، في عادة يداومن عليها منذ نحو عامين، قائلة لعنب بلدي إنها أصبحت زبونة دائمة في بازار حيّها لشراء ما يلزمها بأسعار منخفضة مقارنة بالمواد في المحال التجارية الأخرى.

“أم عبدو”، وهي أرملة ومصدر رزقها الوحيد إيجار محل زوجها المتوفي، تجول السوق بحثًا عن طلباتها، حاملة بيدها كيسًا من القماش لتعبئته، اعتبرت أن “البازار” خفف عنها عبئًا ماليًا في حال قررت الشراء من أماكن أخرى.

لانخفاض الأسعار ولو بشكل طفيف، يعد “البازار” على مدار أيام الأسبوع في أحياء مدينة إدلب، ملاذًا لعائلات كثيرة، وسط واقع اقتصادي متردٍ، وقلة في فرص العمل.

تقام "البازارات المتنقلة" على مدار أيام الأسبوع في أحياء إدلب - 28 من أيلول 2024 (عنب بلدي/ سماح علوش)

تقام “البازارات المتنقلة” على مدار أيام الأسبوع في أحياء إدلب – 28 من أيلول 2024 (عنب بلدي/ سماح علوش)

أسعار منخفضة

يقصد “البازارات المتنقلة” يوميًا آلاف الأشخاص من أصحاب الدخل المحدود، كونها أسواق شعبية وأسعارها تتناسب نوعًا ما مع قدرتهم الشرائية، فالباعة يخفضون نسبة الربح كي يجذبوا الزبائن.

توفر هذه الأسواق بضائع بسعر أرخص من المحال، بدءًا من الخضروات وصولًا إلى اللباس وأدوات المنزل والأثاث، وعلى سبيل المثال يباع الكيلو الواحد من الأرز المصري بـ27 ليرة تركية، بينما في المحال بـ35 ليرة تركية (نحو دولار أمريكي).

ويتراوح سعر الحذاء المستعمل من “البالة الأوروبية” بين 100 و200 ليرة بحسب الجودة، بينما في بعض المحال يصل إلى 300 ليرة تركية وربما أكثر.

توفر "البسطات" مواد أرخص من المحال التجارية في إدلب - 28 من أيلول 2024 (عنب بلدي/ سماح علوش)

توفر “البسطات” مواد أرخص من المحال التجارية في إدلب – 28 من أيلول 2024 (عنب بلدي/ سماح علوش)

قال أحمد العثمان (38 عامًا)، وهو صاحب بسطة ملابس مستعملة، إن معظم الزبائن من الطبقة المتوسطة والفقيرة ومن النازحين، يلجأون للأسواق الشعبية لشراء كميات أكبر بسعر أقل، لافتًا إلى أن الأسواق تشهد مفاصلة بالسعر وطلبًا من الزبائن بالتخفيض، رغم وجود هامش ربح قليل.

وذكر لعنب بلدي أن الأسواق مواسم ولا يوجد متوسط للمردود، فهي تنشط في بداية الشتاء أو الصيف وعند اقتراب شهر رمضان أو بداية العام الدراسي أيضًا.

وأضاف أن الحركة تنشط في الأعياد وترتفع نسبة البيع ويزدحم السوق، وفي موجات الحر الشديد أو في موسم الأمطار يضطر الباعة إلى الإغلاق والعودة للمنزل دون بيع.

تمنح "البسطات" هامش ربح للبائعين في إدلب - 28 من أيلول 2024 (عنب بلدي/ سماح علوش)

تمنح “البسطات” هامش ربح للبائعين في إدلب – 28 من أيلول 2024 (عنب بلدي/ سماح علوش)

مصدر رزق لأصحابها

منذ نحو عامين، أحدث مجلس مدينة إدلب الأسواق المتنقلة، بعد أن أصدر قرارًا يقضي بإزالة جميع “البسطات” المنتشرة على الأرصفة وفي الأسواق، وقرب الأماكن المكتظة والمزدحمة، حفاظًا على حركة المواطنين والسيارات.

ويتوافر في هذه الأسواق تقريبًا جميع المنتجات من ألبسة وأحذية مستعملة وأخرى جديدة، لكنها بجودة متوسطة لتتماشى مع القدرة الشرائية لمرتاديها، حيث لا تتجاوز يومية العامل في المنطقة 100 ليرة تركية (ثلاثة دولارات).

تقام "البازارات المتنقلة" على مدار أيام الأسبوع في أحياء إدلب - 28 من أيلول 2024 (عنب بلدي/ سماح علوش)

تقام “البازارات المتنقلة” على مدار أيام الأسبوع في أحياء إدلب – 28 من أيلول 2024 (عنب بلدي/ سماح علوش)

وعن رأي أصحاب “البسطات” بهذه الأسواق، قال البائع جمال (40 عامًا) وهو صاحب “بسطة” معلبات ومواد غذائية، إنها جيدة ووفرت بعض المال، فلا قدرة لدى البائعين على دفع إيجار مرتفع للمحال.

ورغم أنها متنقلة بين ستة أحياء في المدينة وبأماكن متفرقة، اعتاد الزبائن عليها وعلى منتجاتهم، وفق البائع.

وأضاف أنه يواجه بعض العقبات، إذ يضطر الباعة يوميًا للاستيقاظ باكرًا كي يجدوا مكانًا في الحي المحدد للسوق لفرد بضاعتهم قبل أن يُشغل، لافتًا إلى أن المعاناة الأكبر تكمن في الطقس، فمعظم الباعة لا يملكون سقفًا واقيًا من حر الشمس أو برد الشتاء.

منذ عامين أحدث مجلس مدينة إدلب الأسواق المتنقلة بعد إزالة "البسطات" من الأرصفة في إدلب - 28 من أيلول 2024 (عنب بلدي/ سماح علوش)

منذ عامين أحدث مجلس مدينة إدلب الأسواق المتنقلة بعد إزالة “البسطات” من الأرصفة في إدلب – 28 من أيلول 2024 (عنب بلدي/ سماح علوش)

وتشكل “البسطات” في هذه الأسواق مصدر دخل لأصحابها، وسط ارتفاع نسب البطالة في معظم مناطق الشمال السوري، والتي وصلت إلى نحو 75 %للذكور، ونحو 93% للإناث، فيما كانت النسبة أكبر بين النازحين في مدن وبلدات شمال غربي سوريا لتسجل 89.92 بين الذكور و96.77% بين الإناث، بحسب تقرير نشره فريق “منسقو استجابة سوريا“، في آب الماضي.

وتؤدي هذه النسبة المرتفعة في البطالة إلى دفع المتسوقين نحو “البازارات الشعبية” وخاصة ألبسة “البالة” لشراء حوائجهم بأقل تكلفة ممكنة.

اقرأ أيضًا: “بسطات رمضان”.. فرصة موسمية لعمال المياومة بإدلب

يشتري أصحاب الدخل المحدود احتياجاتهم من "البسطات" في إدلب - 28 من أيلول 2024 (عنب بلدي/ سماح علوش)

يشتري أصحاب الدخل المحدود احتياجاتهم من “البسطات” في إدلب – 28 من أيلول 2024 (عنب بلدي/ سماح علوش)




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة