درعا.. الحطب و”الجلّة” استعدادًا للشتاء
درعا – حليم محمد
في الصباح الباكر، يجر محمد (28 عامًا) حماره ويحمل فأسه وينزل إلى وادي اليرموك في الريف الغربي لمحافظة درعا جنوبي سوريا، بحثًا عن الحطب من أغصان أشجار التين البري أو الخروب أو السدر أو جذور الكينا.
يجمع محمد ما يقارب الـ100 كيلو غرام يوميًا، في سعي لتأمين ثلاثة أطنان من الحطب، حتى تكفي منزله للتدفئة خلال فصل الشتاء المقبل.
يرى محمد في جمع الحطب حاليًا وسيلة لتأمين وقود الشتاء بأقل تكلفة ممكنة، فهو يعمل بالزراعة بأجرة تصل إلى 30 ألف ليرة سورية (دولاران) يوميًا، في وقت يصل فيه سعر الطن الواحد من الحطب إلى عشرات الأضعاف.
توقف الرجل عن العمل، وتفرغ لتأمين مؤونة الحطب قبل حلول فصل الشتاء، قائلًا إنه يحتاج إلى خمسة ملايين ليرة في حال قرر شراء الحطب من السوق.
بجوار محمد في وادي اليرموك، ينتشر العشرات من الأشخاص الذين يجمعون أغصان الشجر، لتأمين وسائل التدفئة تحضيرًا لفصل الشتاء المقبل.
من جهة ثانية، يتجه آخرون إلى وسائل متاحة منها تجفيف روث الحيوانات، أو شراء مازوت لبعض ميسوري الحال، بينما لا يمكن الاعتماد على الكهرباء التي تشهد تقنينًا طويلًا.
طن الحطب بالملايين
يختلف سعر الحطب باختلاف نوعه ودرجة جفافه، إذ يصل سعر طن حطب الزيتون أو البلوط إلى ثلاثة ملايين ليرة سورية (200 دولار أمريكي)، وسعر طن حطب الكينا إلى 2.3 مليون ليرة سورية (156 دولارًا).
في حين ينخفض سعر حطب أشجار العنب أو السرو أو الرمان إلى 1.5 مليون ليرة للطن الواحد، لكن على حساب الجودة.
أما الغاز، فقد بلغ سعر الأسطوانة في السوق المحلية 400 ألف ليرة سورية (27 دولارًا)، بينما لا تعمل مدافئ الكهرباء لدى غالبية السكان، حيث يصل التيار ساعة تكون فيها الكهرباء ضعيفة ومتقطعة، مقابل خمس ساعات قطع.
جذور الشجر و”الجلّة”
لجأ عاطف من سكان بلدة تل شهاب إلى الحفر حول الأشجار المحطبة سابقًا واستخراج الحطب من الجذر، واصفًا العملية بالشاقة، لكنه مجبر عليها لتأمين مؤونة الحطب.
يجمع الرجل الأربعيني ما يقارب 50 كيلوغرامًا يوميًا، وقال إن حطب الجذور جيد في الاحتراق، إلا أنه عبارة عن كتل كبيرة تحتاج إلى جهد في التقطيع.
ووجدت نسرين (30 عامًا) من سكان بلدة جلين في ريف درعا الغربي بصناعة “الجلّة” (تجفيف روث الحيوانات) وسيلة مساعدة تخفف من استهلاك الحطب.
وتحضّر نسرين “الجلّة” من مخلفات أبقارها على شكل مجسمات دائرية صنعتها خلال الأشهر الماضية، وعرّضتها لأشعة الشمس، وحاليًا تعبئها بأكياس وتخزنها في الإصطبل لفصل الشتاء.
وقدّرت نسرين الكميات التي صنعتها بـ500 كيلو، ولا تكفي للتدفئة وحدها إنما ستعوض نقص الكمية المتبقية بشراء الحطب من السوق المحلية.
كميات محدودة من المازوت
يعتمد عبد الكريم القاطن في تل شهاب على المازوت من أجل التدفئة، لأن زوجته مصابة بمرض رئوي ولا تناسبها أدخنة مدفأة الحطب.
وينتظر عبد الكريم تسلم مخصصاته من المازوت المدعوم بكمية 50 ليترًا، توزعها مديرية المحروقات بسعر 2000 ليرة لليتر الواحد، كما يوجد لدى عبد الكريم بطاقة لأحد أبنائه المقيم معه.
وقال إن العائلة كاملة اعتادت أن تجتمع عند ساعات المساء قرب المدفأة، إذ توجد في منزله مدفأة واحدة رغم حاجته إلى أكثر من ذلك.
وأضاف أنه بعد جني محصول الزيتون سوف يستكمل شراء حاجته من المازوت بما يكفي أسرته لفصل الشتاء.
عبد الكريم قدّر حاجة أسرته إلى 400 ليتر، أي أنه سيدفع ثمن 300 ليتر بتكلفة تصل إلى ما يقارب خمسة ملايين ليرة سورية، في حين تصل حاجته من الحطب إلى طنين بنفس السعر تقريبًا.
ووصل سعر ليتر المازوت في السوق المحلية إلى 16 ألف ليرة سورية، ولم يتعدَّ سعره 10 آلاف ليرة خلال فصل الشتاء الماضي.
وحددت وزارة النفط والثروة المعدنية موعد التسجيل على مازوت التدفئة “المدعوم” في 25 من أيلول الحالي، وقالت إن تسليم مخصصات المواطنين يبدأ في 1 من تشرين الأول المقبل.
وتبلغ حصة العائلة من مازوت التدفئة المدعوم 50 ليترًا كدفعة أولى، دون تحديد إن كانت هناك دفعات أخرى.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :