“التهريب” وسيلة خطرة للانتقال من رأس العين إلى تركيا

  • 2024/09/29
  • 1:45 م
الحدود السورية التركية من جانب مدينة رأس العين في الحسكة - 17 من أيلول 2024 (عنب بلدي)

الحدود السورية التركية من جانب مدينة رأس العين في الحسكة - 17 من أيلول 2024 (عنب بلدي)

عنب بلدي – رأس العين

رغم انخفاضها خلال العامين الماضيين، تتواصل عمليات دخول السوريين من مدينة رأس العين شمال غربي الحسكة إلى تركيا بشكل غير نظامي (تهريب)، سواء للعمل على أراضيها أو للعبور إلى دول أخرى.

رحلات “التهريب” إلى تركيا محفوفة بالمخاطر، وتبدأ بالتعرض للاحتيال، وقد تصل إلى مواجهة خطر الموت، إلى جانب تكاليف باهظة ترهق الراغبين في العبور، إذ يلجأ العديد من السكان إلى “المهربين” للفرار من الظروف الصعبة.

بحسب رصد مراسل عنب بلدي، فإن تكلفة “التهريب” من رأس العين إلى تركيا تتراوح بين 2000 و5000 دولار أمريكي، حسب الطرق التي يسلكها “المهربون” ومدى خطورة المناطق التي يعبرونها.

وتعد المبالغ مرتفعة مقارنة بالوضع المعيشي والاقتصادي، إذ يتقاضى عمال المياومة في رأس العين بين 80 و100 ألف ليرة سورية (الدولار يعادل 15000 ليرة سورية)، ويقطن في المنطقة 115 ألف شخص.

ورغم التكاليف المرتفعة، فإن نسبة كبيرة من هذه الرحلات تفشل، إما بسبب القبض على الأشخاص من قبل حرس الحدود التركي وإما بسبب وقوع الأشخاص ضحية بيد “مهربين”.

ضحايا النصب والاحتيال

يقع العديد من الأشخاص في رأس العين ضحايا لأساليب “النصب” التي يمارسها “المهربون”، حيث يطلقون وعودًا بطرق آمنة مقابل مبالغ كبيرة، ثم يختفون بعد تسلم الأموال، أو يتركونهم في منتصف الطريق وسط مخاطر الإصابة والموت خلال محاولات العبور التي تنتهي بالفشل.

تعرّض مروان، وهو مهجر من حمص إلى رأس العين، لعملية “نصب” من قبل “مهربين” خلال محاولته العبور إلى تركيا، وقال إن “المهرب” أقنعه بأن الطريق سيكون سهلًا وآمنًا، ما دفعه لدفع 4500 دولار لتأمين الرحلة.

وأضاف أن “المهرب” تخلى عنه بعد تسلم الأموال، وتركه في منطقة نائية تبعد حوالي كيلومترين بعد الجدار الحدودي، بخلاف الاتفاق، مشيرًا إلى أن عناصر أمن الحدود التركية ألقوا القبض عليه بعد ساعات انتظار طويلة، وأعادوه إلى رأس العين للمرة الخامسة.

من جانبه، قال عدنان، إنه دفع 3800 دولار لـ”المهرب” الذي أكد له أن العبور سيكون خاليًا من المشكلات، وعندما وصلوا إلى الجدار الحدودي، أخبره “المهرب” أنه سيعبر ويجد سيارة بانتظاره إلى جانب ركاب آخرين، لكنهم عبروا ولم يجدوا أي شيء.

وأضاف عدنان أنهم واجهوا إطلاق نار من حرس الحدود التركي، وتعرض بعضهم للضرب، مشيرًا إلى أنه تم تسليمهم لشرطة رأس العين، التي فرضت على كل شخص غرامة قدرها 5000 ليرة تركية (نحو 150 دولارًا).

أما فاطمة الحسن من رأس العين، فقالت إن زوجها الموجود في النرويج أرسل إليها أوراق لمّ الشمل عبر السفارة في أنقرة، وبسبب عدم وجود طريقة رسمية لدخول تركيا، وجدت نفسها مضطرة للبحث عن طرق التهريب.

وأوضحت أنه بعد اتخاذ قرارها، انهالت عليها العروض من المهربين، حيث عرض بعضهم إدخالها إلى تركيا عبر البوابة الرسمية وآخرون عبر طرق أخرى، وأضافت أنها دفعت مبلغ 3500 دولار لأحد المهربين ثم اختفى فجأة.

وأشارت إلى أن زوجها قرر نقل طلب لمّ الشمل إلى لبنان لاستكمال الإجراءات، بعد التجارب الفاشلة وعمليات النصب التي تعرضوا لها.

بعض محاولات الدخول إلى تركيا أودت بحياة الأشخاص، منها مقتل الشاب معيدي جاسم البراغش برصاص حرس الحدود التركي، في كانون الأول 2023، خلال محاولته الدخول “تهريبًا”.

قوانين لمكافحة التهريب

تراجعت عمليات التهريب خلال العامين الماضيين نتيجة تشديد أمني فرضه الجانب التركي، وشملت التدابير تركيب كاميرات حرارية متقدمة، ونشر عدد كبير من الجنود الأتراك على طول الحدود.

من جهته، أصدر المجلس المحلي في رأس العين سلسلة من القوانين بالتعاون مع “الشرطة العسكرية والمدنية” لمكافحة عمليات التهريب، وتشمل فرض غرامات مالية على الأفراد المقبوض عليهم من قبل “الشرطة العسكرية” أو “المدنية” أو “الجندرما التركية”، بالإضافة إلى عقوبات بالسجن على المتورطين في أنشطة التهريب.

المتحدث باسم المجلس المحلي في رأس العين، زياد ملكي، قال لعنب بلدي، إن المجلس بالتعاون مع المؤسسات العسكرية في رأس العين، أصدر عدة قوانين لمكافحة تهريب البشر عبر الطرق غير النظامية.

وأوضح أن من بين هذه القوانين فرض عقوبات صارمة على الأفراد المتورطين في التهريب، تتضمن السجن لفترات تصل إلى خمس سنوات أو أكثر.
وأضاف ملكي أن المجلس المحلي قرر فرض غرامات مالية على الأشخاص الذين يُقبض عليهم خلال محاولة دخول تركيا بطرق غير شرعية، حيث تكون الغرامة 5000 ليرة تركية للمرة الأولى، و7000 ليرة تركية للمرة الثانية، و10000 ليرة تركية مع السجن لثلاثة أشهر للمرة الثالثة.

وأشار إلى أن المجلس المحلي يعمل قدر الإمكان على توفير فرص عمل ودعم المشاريع الصغيرة وتسهيل إجراءات بدء الأعمال، لتشجيع الأفراد على البقاء وعدم اللجوء إلى طرق التهريب.

وتعتبر رأس العين منطقة أساسية لعبور الأشخاص الى تركيا عبر طرق التهريب على الرغم من خطورتها، ويلجأ الكثير من الأشخاص القادمين من محافظة الحسكة والرقة ودير الزور للقدوم إلى رأس العين للعبور إلى تركيا عبر طرق التهريب.

واستقر عدد كبير من الأشخاص القادمين من المحافظات الأخرى في رأس العين بسبب محاولاتهم العديدة والفاشلة للعبور إلى تركيا، وقد أسس بعضهم أعمالًا خاصة نتيجة لصعوبة العبور أو استحالته، بينما عاد الباقون إلى مناطقهم بعد فقدان الأمل في العبور.

تقع رأس العين بمحاذاة الحدود التركية، ويسيطر عليها “الجيش الوطني السوري”، وتحيط بها جبهات القتال مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وتعتبر الحدود التركية منفذها الوحيد نحو الخارج.

مقالات متعلقة

  1. "الوطني": إمكانية إخلاء سبيل موقوفين حاولوا دخول تركيا
  2. المؤقتة تنشئ منطقة عسكرية "محظورة" على خط التماس مع "قسد"
  3. يديره مهرّبون.. 150 دولارًا للسفر من رأس العين إلى الحسكة
  4. رأس العين.. عودة الهدوء بعد توقف حفر خندق تركي قرب الحدود

مجتمع

المزيد من مجتمع