حرب لبنان تهدد إمدادات سوريا الاقتصادية
أثرت معظم الأزمات الاقتصادية التي مرّ بها لبنان إما لأسباب سياسية وغيرها على الاقتصاد المحلي في سوريا، ما يفتح باب التساؤلات في الوقت الحالي على أثر التصعيد الإسرائيلي الحالي على لبنان على الاقتصاد السوري، وما قد ينتج عن ذلك في حال توسع رقعة الحرب وآثارها.
التصعيد الذي بدأ منذ حوالي أسبوع أدى، إلى جانب مقتل قيادات الصف الأول في “حزب الله”، لنزوح آلاف اللبنانيبن واللاجئين السوريين نحو سوريا، كما أثر بشكل مباشر على لبنان إذ ألغت عدد كبير من الدول رحلاتها الجوية نحو بيروت، ما أثر على حركة المرور إلى سوريا والتي كانت تجري بشكل معتاد عبر الأراضي اللبنانية.
صحيفة “ذا ناشيونال” نقلت عن المحللة البارزة لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في وحدة الاستخبارات الاقتصادية (EIU)، كيرين أوزييل، قولها إن لبنان الذي يعاني من عدة أزمات ناجمة عن سنوات من الجمود السياسي ونحو 12 شهرًا من القتال بين إسرائيل وحزب الله، قد يواجه تباطؤًا اقتصاديًا كبيرًا في أوائل عام 2025.
كما يعتقد خبراء اقتصاديون بأن الصراع المتصاعد قد يؤدي إلى انكماش اقتصادي يتراوح بين 10 و25% في لبنان هذا العام، مع تدمير قطاعات حيوية من الزراعة إلى السياحة وتضرر البنية التحتية الحيوية.
وقبل بدء التصعيد يعاني لبنان مما يصفه البنك الدولي واحدة من أسوأ الأزمات المالية العالمية منذ منتصف القرن التاسع عشر، إذ يواجه القطاع المصرفي خسائر تزيد عن 70 مليار دولار، وفقدت عملته أكثر من 90% من قيمتها منذ عام 2019، عندما تخلفت البلاد عن سداد ديونها لأول مرة في تاريخها.
بالنسبة لحكومة النظام السوري تعتبر الأراضي اللبنانية منفذًا رئيسيًا لعبور مستورداتها عبر المعابر البرية الرسمية أو الموانئ، فيما يعتمد عدد من التجار على لبنان في عدد من المسائل بشكل غير رسمي منها الحصول على أموالهم بالقطع الأجنبي ليدخلوها إلى سوريا عن طريق التهريب.
كما تعد حركة المعابر غير الشرعية بين البلدين نشطة جدًا في قضية البضائع المهربة، والتي تمتلأ بها الأسواق المحلية.
التأثر رهن توسع الحرب
لا يمكن فصل ما يحدث في لبنان وتبعاته على الاقتصاد السوري، والذي تأثر سابقًا بانفجار مرفأ بيروت وأزمة المصارف، وفق ما يرى الباحث السوري بمجال الإدارة المحلية والاقتصاد السياسي في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، أيمن الدسوقي.
وأضاف الدسوقي، في حديث لعنب بلدي، أن الأمر يرتبط اليوم بطول أمد المواجهات الدائرة وتوسعها وارتفاع أعداد اللاجئين الوافدين من لبنان إلى سوريا، علمًا أن الخدمات الأساسية غير كافية وجودتها متردية، والموارد الاقتصادية شحيحة، بالتالي ستسهم حركة اللجوء في الضغط على الخدمات الحكومية وارتفاع أسعار المواد والسلع الأساسية.
ستكون الآثار واضحة أكثر مع في حال تعطلت سلسلة إمداد السلع والمواد القادمة لسوريا عبر لبنان، بما يزيد من الضغوط الاقتصادية على الدولة، والسكان السوريين في مناطق سيطرة النظام.
في هذا السياق يعتقد الدسوقي أن هنالك بدائل متاحة للنظام، لكنها إما مكلفة اقتصاديًا ولا تخلو من مخاطر وتحديات لوجستية، أو تتطلب خطوات سياسية كالاعتماد على تركيا وما يتطلبه ذلك من دفع مسار التطبيع بين البلدين.
كما قد يكون لأحداث لبنان أثر على العملة السورية، بحسب الدسوقي، لكن حجمه ومستواه يتعلق بتأثير الأحداث على الوصول للعملة الصعبة وحجم الطلب على الليرة السورية.
وفق تقرير نشر في “معهد الشرق الأوسط” في آب 2020، يعد الاقتصاد السوري حساسًا للتطورات في لبنان نظرًا لاعتماده الكبير على القطاع المالي اللبناني، فمنذ بداية الحرب في سوريا، فقدت البنوك السورية معظم قدرتها على الوصول إلى الأسواق المالية الدولية وانخفضت أحجام المعاملات بشكل حاد، وكان الأفراد والمؤسسات السورية من أبرز المودعين في البنوك اللبنانية، على الرغم من أن الحجم الإجمالي للودائع السورية غير واضح حيث لا يقدم البنك المركزي اللبناني تفصيلًا للودائع غير المقيمة حسب الجنسية.
ومن المعروف أيضًا أن رجال الأعمال السوريين الرئيسيين كانوا يستخدمون أدوات لبنانية للتغلب على العقوبات الدولية والوصول إلى الدولارات في الأسواق العالمية، بحسب التقرير.
ارتباط الليرتين أضعف
مدير البرنامج السوري في “مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية”، والدكتور في الاقتصاد، كرم شعار، أشار إلى أن الارتباط بين الليرة السورية والليرة اللبنانية انخفض بعد الهزات التي تعرضت لها الأخيرة خلال السنوات الماضية، ما قد يشير إلى ضعف إمكانية تأثر العملات ببعضها وبالتالي قد لا تشهد العملة السورية أي تغيير نتيجة الحرب التي قد تتوسع في لبنان.
وأوضح شعار، في حديث إلى عنب بلدي، أنه بالنسبة للنشاط التجاري المرتبط بسوريا ولبنان، أدى رفع لبنان مؤخرًا الرسوم البينية للتجارة مع سوريا، بينما خفض النظام تلك الرسوم، وفي ظل غياب المعلومات الواضحة حول حجم الاستيراد والتصدير عبر لبنان إلى سوريا تكاد الحدود الرسمية غير نشطة أبدًا في هذا السياق.
يقتصر نشاط التجارة هنا على التهريب، حيث توجد مئات النقاط على الحدود التي يستخدمها التجار لتمرير بضائعهم نحو سوريا، وفق شعار، معتقدًا أن الحرب قد لا تترك أثرًا على هذا النشاط ما قد يعني عدم تؤثر البضائع الواصلة نحو دمشق عبر لبنان، بحسب رأيه.
تأثر حركة التجارة نحو سوريا عبر لبنان يرتبط بشكل رئيسي بمرفأي بيروت وطرابلس وعملهما من توقفهما وفق ما يرى الباحث كرم شعار.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :