لجنة الاتصال العربية بشأن سوريا.. مسار بطيء لا إلغاء

اجتماعات الدورة العادية الـ162 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري- 10 من أيلول 2024 (جامعة الدول العربية/ إكس)

camera iconاجتماعات الدورة العادية الـ162 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري- 10 من أيلول 2024 (جامعة الدول العربية/ إكس)

tag icon ع ع ع

في 10 من أيلول الحالي، عقدت لجنة الاتصال العربية بشأن سوريا، ثاني اجتماعاتها في العاصمة المصرية، القاهرة، بعد أكثر من عام على الاجتماع الأول.

الاجتماع الذي ضم وزراء خارجية كل من مصر والعراق والسعودية والأردن ولبنان وسوريا، وجاء بعد طول انتظار وتأجيل، لم يقدم خروجًا عن مسار الاجتماع السابق الوحيد الذي انعقد منتصف آب الماضي، وحمل تراجعًا شكليًا على الأقل على مستوى النتائج.

وذكرت “جامعة الدول العربية” عبر “إكس”، أن اللجنة الوزارية العربية المعنية بمتابعة الوضع في سوريا عقدت اجتماعًا على هامش اجتماعات المجلس الوزاري في مقر الجامعة العربية، وقررت تشكيل فريق من الخبراء لدراسة الموضوعات التي تتابعها اللجنة مع سوريا (في إشارة إلى النظام السوري)، وعقد اجتماعها المقبل في بغداد.

كما قالت الخارجية الأردنية عبر “إكس”، إن وزير الخارجية أيمن الصفدي، شارك في اجتماع اللجنة للتوصل لحل كامل لـ”الأزمة السورية”.

وذكرت صحيفة “سبق” السعودية، أن وزير الخارجية فيصل بن فرحان، شارك في الاجتماع الثاني للجنة الاتصال العربية الوزارية للحوار المباشر مع “الحكومة السورية”، إلى جانب عدد من الدول العربية الشقيقة والأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط.

وجرى خلال الاجتماع، نقاش تعزيز الدور العربي لتسوية “الأزمة السورية” ومعالجة تبعاتها السياسية والأمنية والإنسانية.

اجتماع اللجنة الذي جاء على هامش أعمال القمة العربية بالمستوى الوزاري، لم ينتج بيانًا ختاميًا كما جرى في الاجتماع الأول، وخلص إلى إنتاج اتفاق قديم أصلًا على عقد الجولة المقبلة من الاجتماعات في بغداد، مع تركها إلى أجل غير مسمى.

لجنة الاتصال العربية بشأن سوريا تجتمع في القاهرة

مساعدة من “الأشقاء”

خلال مقابلة أجراها مع قناة “صدى البلد” المصرية، في 13 من أيلول الحالي، قال وزير الخارجية السوري حينها (نائب رئيس النظام حاليًا)، فيصل المقداد، بعد سؤاله حول ما حققته هذه اللجنة المشكلة بناءً على مخرجات قمة جدة، في أيار 2023، “عقدنا اجتماع في القاهرة وآخر في القاهرة على هامش اجتماعات المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية، وقبلها اجتمعنا في جدة وعمان، وخرجنا بوثائق”.

المقداد طلب من “الأشقاء العرب” وهذه اللجنة، المساعدة في إعادة سوريا وإعادة الدعم العربي والدولي لإعادة الإعمار، معتبرًا ذلك من المهام الأساسية لهذه اللجنة، دون إشارة للمطالب العربية المناط بالنظام تحقيقها في هذا الإطار.

وكان مجلس التعاون الخليجي طالب النظام السوري، في حزيران الماضي، بتنفيذ المقررات الصادرة عن اجتماعي عمّان (لقاء عمان التشاوري)، والقاهرة (الاجتماع الأول للجنة الاتصال)، مؤكدًا دعمه التوصل لحل سياسي في سوريا.

ومن مطالب العرب في هذا الإطار، التعامل مع ملفات اللاجئين وتهريب المخدرات عبر الحدود، واستئناف عمل “اللجنة الدستورية”، وهي جزء من مطالب أخرى ما تزال عالقة عند النقطة التي انطلقت منها، مع سلوكها منحى عكسي في بعض الملفات، كتصاعد تهريب المخدرات مثلًا باتجاه الخليج عبر الحدود مع الأردن.

وأشار المقداد في لقائه إلى أنه كان يفترض عقد اجتماع في بغداد على مستوى الخبراء والوزراء قبل هذا الاجتماع، لكن هذا لم يحصل، موضحًا أنه جرى الاتفاق مجددًا على عقد اجتماع خلال فترة قصيرة من الأن لمستوى عالي من الخبراء في بغداد، قبل اجتماع الوزراء لدراسة كيفية العمل على التصدي للتحديات التي ما تزال سوريا تواجهها في هذه الفترة.

تأجيل متكرر.. ضغوط شديدة

وفي 7 من أيار الماضي، نقلت صحيفة ” الوطن” المقربة من النظام، أن الجهود الدبلوماسية المكثفة التي جرت مؤخرًا لعقد اجتماع لجنة الاتصال العربية بشأن سوريا، لم تتمكن من تحديد موعد لانعقادها.

وبعدما كان انعقاد اجتماعها مقررًا في 8 من أيار، في بغداد، جرى تأجيله إلى موعد آخر، رغم توجيه الدعوات للأطراف المشاركة، ومنها جامعة الدول العربية، وذلك بناءً على طلب أحد أعضاء اللجنة، على اعتبار أن الموضوع يتطلب المزيد من التشاور، وفق ما نقلته “الوطن” عن مصادر لم تسمِّها.

في الوقت نفسه، نقلت الصحيفة عن القائم بأعمال السفارة العراقية في دمشق، ياسين شريف الحجيمي، أن سبب التأجيل يعود لارتباط الدول المعنية بالتحضير لقمة المنامة (انعقدت في 16 من أيار).

انشغال وزاري.. تأجيل اجتماع “لجنة الاتصال العربية” بشأن سوريا

الحديث عن تأجيل اجتماع اللجنة لم يقترن فقط بالقمة العربية في دورتها السابقة، ففي 8 من تشرين الأول 2023، قال وزير الخارجية اللبناني، عبد الله بو حبيب، إن لجنة الاتصال العربية بدأت بحماسة، لكن ثمة ضغوطًا غربية شديدة على اللجنة حتى لا تعطي أي شيء قبل النظام السوري، من منطلق “يكفي أنكم أعدتم الحكومة السورية إلى الجامعة العربية”، وفق ما نقلته صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية.

وفي 9 من أيلول (قبل انعقادها بيوم)، أكد مجلس التعاون الخليجي دعمه لجهود لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن ما وصفها بـ”الأزمة السورية”، مع التأكيد على تنفيذ الالتزامات التي وردت في “بيان عمان” في 1 من أيار 2023، و”بيان القاهرة” في 15 من آب في العام نفسه.

أفضل من إلغائها

الخبير الاستراتيجي والباحث غير المقيم في معهد “ستيمسون” بواشنطن عامر السبايلة، أوضح لعنب بلدي، أن موضوع لجنة الاتصال العربية سيبقى مرتبطًا بالتجاذبات السياسية وما يجري في المنطقة، إذ لا يمكن رؤية واقع سوريا بمعزل عما يجري في الإقليم، فسوريا جبهة صراع محتملة، إلى جانب الدور الإيراني في هذا الصراع.

وبحسب الخبير، فهذه العوامل من شأنها إبقاء الأمور في مكانها وعدم تحقيق خطوات جدية على الأرض، مع الإشارة إلى موقف السعودية الرامي لاتخاذ خطوات مختلفة، منها فتح سفارة في سوريا، وهذا قد يوازي بأهميته مسار لجنة الاتصال العربية، فالرياض قد تكون اللاعب الأبرز والأهم في صياغة أي تقدم، دون إهمال بعض المحددات الكبرى، ومنها الموقف الأمريكي، والموقف الإقليمي من إيران وما يقدمه النظام السوري.

“من الصعب توقع أن تحظى العلاقة مع النظام بأخصية، إذ ستبقى في حيز هذه التجاذبات لفترة قادمة”، أضاف السبايلة.

حول الجدوى من عمل هذه اللجنة في إطار عدم تجاوب عملي من النظام السوري مع المطالب العربية، اعتبر الخبير الأردني أن الإبقاء على هذه اللجنة أفضل من إلغائها، فتبقى هناك فكرة المحاولة وخطوط التواصل والتعويل على تحقيق تغيير، خاصة إذا جرى استهداف الميليشيات المقربة من إيران في سوريا، وهو ما سيضع النظام أمام ضرورة اتخاذ خطوات أكبر.

وقال السبايلة، “بميزان الفائدة، الإلغاء قد لا يغير شيئًا لكن لا يفيد، والإبقاء لا يفيد لكن قد يغير شيئًا مستقبلًا”.

يتضح أن هناك رغبة عربية في التعامل مع الملف على أنه طويل الأمد ولا يمكن حصد نتائج سريعة، بحسب السبايلة، الذي أشار إلى ممارسة أنواع من الضغوط وحث النظام على خطوة ما، لكن المشهد المعقد دائمًا في سوريا يمنح دمشق أملًا على القدرة بالتحرك، مع إيمان جماعي بأن المنطقة في وضع غير واضح، وهناك تعويل على ما هو قادم.

كما أن الإبقاء على تشكل نواة عمل عربية يجب أن يستمر، فهناك من يعول على اصطدام محتمل بين إيران والنظام إذا أرادت طهران تحويل سوريا لجبهة، خاصة مع التصعيد الإسرائيلي على “حزب الله”، وقد تكون فرصة لدمشق لإحداث تغيير يتوافق مع تطلعات الدول العربية، وفق الخبير الأردني.

مخرجات الاجتماع الأول

جرى الاجتماع في 15 من آب 2023، وأكد المشاركون فيه أن الحل الوحيد لـ”الأزمة السورية” هو السياسي، معربين عن تطلعهم إلى استئناف العمل في المسار الدستوري السوري (أعمال اللجنة الدستورية متوقفة منذ حزيران 2022)، وعقد الاجتماع المقبل لـ”اللجنة الدستورية السورية” في سلطنة عمان، قبل نهاية العام نفسه (لم يحصل الاجتماع).

كما أشار البيان الختامي إلى توافق على أهمية استكمال المسار بجدية، باعتباره أحد المحاور الرئيسية على طريق إنهاء “الأزمة” وتحقيق التسوية و”المصالحة الوطنية” المنشودة.

أعضاء اللجنة أعربوا عن تطلعهم لاستمرار إيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين، وتشجيع النظام على النظر في تمديد السماح باستخدام هذه المعابر لفترات أخرى تحقيقًا لمصالح الشعب السوري.

وجرى التأكيد في البيان على أهمية توفير الحوافز والتسهيلات التي ستقدم للاجئين العائدين والإجراءات التنسيقية مع الدول المستضيفة لهم، إلى جانب العمل على إنشاء منصة تسجيل أسماء اللاجئين الراغبين بالعودة، بالتنسيق مع الدول المستضيفة وهيئات الأمم المتحدة ذات الصلة، على أن توفر حكومة النظام المعلومات عن احتياجات المناطق التي ستشهد عودة اللاجئين إليها.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة