جدل حول الأغذية المصنعة يدويًا في ريف حلب

تنتشر عمليات عصر العنب بشكلها التقليدي دون معامل في ريف حلب - أيلول 2024 (عنب بلدي/ ديان جنباز)

camera iconتنتشر عمليات عصر العنب بشكلها التقليدي دون معامل في ريف حلب - أيلول 2024 (عنب بلدي/ ديان جنباز)

tag icon ع ع ع

أثار تقرير أعدته عنب بلدي حول طريقة صناعة دبس العنب، في قرية دوديان شمالي حلب، العديد من الانتقادات المتعلقة بغياب معايير النظافة خلال عملية عصر العنب.

لا تقتصر الانتقادات على صناعة دبس العنب فقط، بل تشمل العديد من الصناعات اليدوية والتقليدية الأخرى مثل دبس الرمان والبندورة وغيرها.

ويُعتقد أن الطرق التقليدية في الإنتاج حافظت على جودة المنتج، ونكهته، لكن هذا الاعتقاد يقابل بانتقاد عما قد تشكله الطرق اليدوية من مخاطر صحية.

ويرجع ذلك إلى عدم التزام العاملين بمعايير النظافة المطلوبة، وإمكانية أن تسبب هذه المنتجات أمراضًا للمستهلكين.

“حرارة عالية تسهم في التعقيم”

داود محمد علي، صاحب معصرة في قرية دوديان، قال لعنب بلدي، إن الطرق المتبعة هي الطريقة الوحيدة للحصول على دبس العنب.

وأضاف أن عملية تحويل العنب إلى دبس تبدأ بغسله جيدًا من الأوساخ والشوائب، ثم تصفيته باستخدام مادة “النحاتة” التي تساعد في ترسيب الأوساخ والشوائب الثقيلة.

بعد ذلك، يعصر العنب ويصفى عبر أنابيب مخصصة، حيث يوجّه العصير إلى أوعية كبيرة للتحضير للمرحلة النهائية.

وأشار دادود إلى أن المرحلة الأخيرة في الإنتاج تتطلب غلي العصير على درجات حرارة عالية جدًا لمدة تتراوح بين ثلاث إلى أربع ساعات متواصلة.

ويرى أن هذه الحرارة العالية تلعب دورًا حاسمًا في تعقيم الدبس وتطهيره من أي شوائب أو جراثيم قد تكون عالقة، ما يضمن أن المنتج النهائي خالٍ من المخاطر الصحية.

خبرة دون آلات حديثة

إلى جانب صناعة دبس العنب، تعتمد صناعة دبس الرمان أيضًا على الطرق التقليدية واليدوية، ويواجه منتجوها تحديات وانتقادات في ظل غياب التكنولوجيا الحديثة، ما يضطرهم للاعتماد على المهارات اليدوية.

في هذا السياق، أوضح محمود خليل، ويعمل في صناعة دبس الرمان في قرية الباسوطة بريف حلب، لعنب بلدي، أن الطريقة اليدوية لصناعة دبس الرمان تُعد الطريقة الوحيدة المتاحة حاليًا، نظرًا لعدم توفر آلات مخصصة أو حديثة لهذه الصناعة.

وأضاف أن عملية التحضير التقليدية تعتمد على خبرة متوارثة ودقة في كل خطوة، بدءًا من اختيار الرمان وصولًا إلى الطهي البطيء على النار.

وأشار محمود إلى أن عميلة طهي الدبس قد تستمر لست ساعات متواصلة، وأن هذا يتيح له إنتاج دبس طبيعي وخالٍ تمامًا من أي مواد حافظة أو إضافات صناعية تلحق اضرار صحية.

تمر عملية عصر العنب في ريف حلب بمرحلة الغسيل ثم العصر ثم الغلي - أيلول 2024 (عنب بلدي/ ديان جنباز)

تمر عملية عصر العنب في ريف حلب بمرحلة الغسيل ثم العصر ثم الغلي – أيلول 2024 (عنب بلدي/ ديان جنباز)

غلي المنتج لا يكفي

الطبيب العام آدم أبو خرس، قال لعنب بلدي، إن الجراثيم قد تبقى موجودة بالدبس رغم غليانه على درجات حرارة عالية، وذلك بسبب تعرض المنتج لعوامل بيئية غير آمنة.

وأضاف الطبيب أن الجراثيم قد تأتي من مصادر مختلفة مثل التربة والغبار المحيط في الأماكن المفتوحة، وأن عملية الغليان وحدها لا تكفي لتعقيم المنتج بالكامل إذا لم تتم في بيئة معقمة وآمنة.

كما لفت إلى أن هناك احتمالية وجود فيروسات أو بكتيريا متعددة الأنماط، بالإضافة إلى كائنات دقيقة مثل الديدان، مشيرًا إلى أن انتشار هذه الملوثات يختلف من منطقة إلى أخرى حسب الظروف البيئية المحيطة بعملية التصنيع.

آراء مختلفة

قال محمد جمال من ريف حلب لعنب بلدي، إن مشاهدة طريقة صناعة دبس الرمان عبر مواقع التواصل الاجتماعي، دفعته للاستغناء عن هذا المنتج تمامًا، مرجعًا السبب إلى الأوساخ المتراكمة على الأدوات المستخدمة في العملية.

وأضاف أنه لا يرغب في تعريض أطفاله لأي مخاطر صحية قد تنتج عن تناولهم هذه المنتجات، معتبرها غير ملتزمة بالمعايير الصحية المطلوبة.

وقال زهير درويش، من سكان اعزاز لعنب بلدي، إنه يفضل شراء منتجات المصانع بدلًا من تلك المصنوعة يدويًا، مرجعًا السبب إلى عدم وجود رقابة فعالة على تلك المشاغل التي تعمل بطرق يدوية.

وأضاف أن التصنيع الآلي يوفر ضمانًا أفضل للتعقيم، حيث تستخدم أنظمة تعقيم عامة خلال العملية الإنتاجية، ما يضمن أن المنتج النهائي يكون نظيفًا وآمنًا للاستخدام، وهو ما يقلل من الأخطاء البشرية.

من جهة أخرى، تفضل السيدة حسناء شيخ يوسف، شراء الأغذية التي تحضر يدويًا وتحديدًا تلك المتعلقة بالمؤونة، وقالت لعنب بلدي إن المنتجات التقليدية أفضل من ناحية الجودة والمذاق.

أما عائلة إبراهيم المقيمة في مدينة الباب، فتحضّر بعض المنتجات في المنزل كـ”المكدوس” ودبس البندورة، لكنها تشتري المنتجات المصنعة يدويًا، خاصة الأجبان من سيدة تحضرها في المدينة، لأنها مصدر ثقة وجودتها عالية.

وتنشط في مناطق شمال غربي سوريا مشاريع تشرف عليها سيدات أو عائلات، وتشكل مصدر دخل لهن، خاصة بتحضير المؤونة أو الطعام.

ورصدت عنب بلدي في تقرير سابق وجود نساء في مدينة اعزاز اعتمدن على مهاراتهن في الطبخ لتحقيق مردود مالي وسد احتياجات عائلاتهن.

ويواجه كثير من سكان شمال غربي سوريا ظروفًا اقتصادية صعبة، مع تراجع في القدرة الشرائية ونقص في فرص العمل.

وبلغ حد الفقر المعترف به في مناطق شمال غربي سوريا 10791 ليرة تركية (الدولار يقابل 34.5 ليرة تركية)، وحد الفقر المدقع 9033 ليرة، وفق فريق “منسقو استجابة سوريا” العامل في المنطقة.

اقرأ أيضًا: مشاريع نسائية لتحضير الطعام تلقى رواجًا في اعزاز




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة