انتخب “حزب الاتحاد الديمقراطي” (PYD)، وهو أكبر أحزاب “الإدارة الذاتية” شمال شرقي سوريا، رئيسين مشتركين هما بروين يوسف وغريب حسو، بحسب البيان الختامي لمؤتمره العاشر.
وقال “PYD” عبر موقعه الرسمي اليوم، الاثنين 23 من أيلول، إن مؤتمره العاشر حمل شعار “معًا من أجل تحقيق الحرية الجسدية للقائد آبو (عبد الله أوجلان)، وترسيخ الإدارة الذاتية وبناء سوريا ديمقراطية”.
انتخابات “الاتحاد الديمقراطي” حملت معها وجوهًا جديدة يراها مراقبون أكثر تشددًا من سابقاتها، فالتيارات التي تهيمن على مفاصل صنع القرار في “الإدارة الذاتية” وجناحها العسكري “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، تقسم إلى قسمين، يعرف الأول بكونه معتدل، والثاني متشدد.
ويطلق على القسم الأول “الحمائم” وهم الجزء الذي لقي قبولًا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، والغرب، في حين لا يزال القسم الثاني مرتبطًا بـ”حزب العمال الكردستاني” المدرج على “لوائح إرهاب” دولية.
من الرئيسان الجديدان؟
غريب حسو، الرئيس المشترك الجديد لـ”PYD”، من الوجوه البارزة على الصعيد المحلي في حزبه، ويحمل توجهًا قوميًا مؤيدًا لـ”العمال الكردستاني” وهو ما يمكن لمسه عبر مقالاته المنشورة في الموقع الرسمي للحزب.
ووفق ما جاء في الموقع الرسمي لـ”الاتحاد الديمقراطي” ينحدر حسو من قرية قسطل جندو في مدينة عفرين شمالي محافظة حلب، وهو من مواليد عام 1967.
واعتقل ثلاث مرات من قبل قوات النظام السوري أحدثها كان في عام 2011، عند اندلاع الثورة السورية، وفق “PYD”.
وسبق لحسو أن عمل ممثلًا لـ”الاتحاد الديمقراطي” وحركة “المجتمع الديمقراطي” في باشور في كردستان العراق، كما تولى مهام الرئاسة المشتركة لـ”حركة المجتمع الديمقراطي” لدورتين.
الرئيسة المشتركة الجديدة لـ”PYD” بروين يوسف، عرفت خلال السنوات الماضية بأنه وجه بارز في “الإدارة الذاتية”، وسبق أن شغلت مناصب عديدة في “الإدارة” منها الرئيسة المشتركة لـ”مجلس مقاطعة قامشلو” (القامشلي)، وعضو منسقية المرأة في “إقليم الجزيرة”، والناطقة باسم “المبادرة الشعبية لشمال وشرقي سوريا” للمطالبة بإطلاق سراح زعيم “PKK” عبد الله أوجلان.
ووفق الموقع الرسمي لـ”PYD” تنحدر يوسف من مدينة ديريك شرقي محافظة الحسكة، وولدت عام 1986، وحاصلة على شهادة المعهد العالي للمحاسبة والتمويل من جامعة “دمشق”.
وذكر موقع “الاتحاد الديمقراطي”، أن بروين شغلت منصب الرئيسة المشتركة لـ”مجلس إيالة ديريك”، وكانت من المؤسسين في “الإدارة الذاتية”، كما ساهمت في صياغة “العقد الاجتماعي” عام 2013، وتولت عضوية “ديوان رئاسة المجلس التشريعي في مقاطعة الجزيرة” حتى نهاية 2016.
وشغلت بروين يوسف منصب الرئيسة المشتركة في “هيئة العمل والشؤون الاجتماعية” لدى “الإدارة” في 2017، ثم الرئيسة المشتركة لـ”مقاطعة قامشلو” من 2018 حتى 2022.
ما الأثر؟
على هامش مؤتمر “PYD”، قال الرئيس المشارك لمكتب العلاقات في “الاتحاد الديمقراطي” سيهانوك ديبو، لوكالة “نورث برس” إن الحوار الكردي- الكردي في شمال شرقي سوريا، سيكون “نقطة أساسية في أجندته بالمرحلة المقبلة”.
وأعرب ديبو عن استعداد “الاتحاد الديمقراطي” لاستئناف الحوار الكردي دون وضع أي عراقيل.
حديث ديبو جاء بعد مدة من تكرار نفي “المجلس الوطني الكردي في سوريا”، لوجود أي بوادر إيجابية تشير إلى استئناف الحوار الكردي قريبًا، مشككًا في رغبة “الاتحاد الديمقراطي” بالحوار، رغم دعوة قائد قوات “قسد” الكردية مظلوم عبدي، قبل نحو شهرين إلى استئنافه.
ويرى الباحث المتخصص في شؤون شمال شرقي سوريا بمركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” سامر الأحمد، أن الانتخابات الأحدث لا تحمل تغييرًا جذريًا باستثناء أن الحزب اختار التشدد، وإزاحة “الحمائم” الذين يعتبرون أقرب للأمريكان، ويتحدثون دائمًا عن “الأخوة بين الشعوب”.
توقع الأحمد، خلال حديثه لعنب بلدي، أن تنعكس الانتخابات بخطاب أكثر تشددًا لـ”الاتحاد الديمقراطي” في المستقبل، كون الشخصيات الجديدة تحمل فكرًا قوميًا أكثر تشددًا من سابقيه، آسيا عبد الله، وصالح مسلم.
لـ”PYD” توجه واحد
يعتبر “الاتحاد الديمقراطي” (PYD) تكتلًا سياسيًا كرديًا يشكل عماد “الإدارة الذاتية” ويسيطر على مفاصل صنع القرار فيها، وتعتبره تركيا امتدادًا لحزب “العمال الكردستاني” (PKK) المدرج على “لوائح الإرهاب” لديها.
ويرى مدير مركز “رامان للدراسات” بدر ملا رشيد، أنه بعد تشكيل “الإدارة الذاتية” في شمال شرقي سوريا عام 2013، ثم المفاوضات التي تبعتها في إطار “الحوار الكردي- الكردي”، لم يعد يملك “الاتحاد الديمقراطي” أي خطط مستقبلية خارج إطار “الحفاظ على الكتلة الأيدولوجية التي يحملها”.
وأضاف ملا رشيد، لعنب بلدي، أن تغيير قادة الحزب ليس بتلك الأهمية، خصوصًا أن لا تغيير سياسي قد يفتح احتمالًا أمام إعطاء دور حقيقي للأحزاب النشطة في سوريا، وبالذات حزب “الاتحاد الديمقراطي”، وفق الباحث.
كما أن ارتباط “الاتحاد الديمقراطي” بـ”العامل الكردستاني” دائمًا ما يشكل عائقًا أمام أي تغيير، وبالتالي دائمًا ما يكون حضور الحزب، ودوره، ضعيف على الساحة السورية، وأمام توجهات “العمال”.
أُسس حزب “العمال الكردستاني” (PKK) في تركيا خلال سبعينيات القرن الماضي، كجماعة يسارية مسلحة، وصبغت نفسها كحركة انفصالية بمزيج فكري بين القومية الكردية والثورية الاشتراكية.وفي ثمانينيات القرن الماضي، دخلت بمواجهات عسكرية مع الجيش التركي، بغية نيل حقوق سياسية وثقافية، وتحقيق مصير كرد تركيا.
وفي التسعينيات، اعتقلت السلطات التركية مؤسس الحزب، عبد الله أوجلان، الذي كان مقيمًا في سوريا، ويُعتقد أن النظام السوري سلّمه في صفقة سياسية، وأودعته تركيا أحد سجونها الذي لا يزال يمكث فيه حتى اليوم.
ويرتبط “العمال الكردستاني” بمجموعة أحزاب كردية تشبهه من حيث المبادئ والعقيدة القومية، مثل حزب “الاتحاد الديمقراطي” في سوريا، وحزب “الحياة الحرة” في إيران.