سوريا في “محور المقاومة”.. ابتعاد لا انسلاخ

رئيس النظام السوري بشار الأسد والمرشد الأعلى الإيراني آية الله خامنئي (تعديل عنب بلدي)

camera iconرئيس النظام السوري بشار الأسد والمرشد الأعلى الإيراني آية الله خامنئي (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – خالد الجرعتلي

منذ أشهر، لا يمر يوم دون تطور ملموس على جبهات “محور المقاومة” مع إسرائيل، ما يعزز المؤشرات على أن حربًا إسرائيلية على لبنان تلوح في الأفق، تستهدف ميليشيا “حزب الله” اللبناني، وهو أحد الأركان الأساسية في “المحور” الذي رعته إيران على مدار عقود، وحليف النظام في سوريا الوثيق.

وفي وقت تتصاعد فيه حدة التوترات، وتختلف كل يوم عن سابقه، بقي موقف النظام ثابتًا رغم أنه طرف أساسي في “محور المقاومة”، ما يطرح تساؤلات عن استمرارية ارتباط النظام بـ”المحور”.

وبينما لا تزال التهديدات الإيرانية بالرد على إسرائيل منذ نحو شهر ونصف مستمرة بشكل متواتر، لا يبدو أن النظام مستعد للانخراط بالحرب القائمة، لكن مراقبين يرون أن إيران لا تبحث عن ارتباط وثيق للنظام بـ”المحور”، فهي تملك ما تحتاج إليه من سوريا.

ما شكل ارتباط النظام بـ”المحور”

يتضامن النظام عبر مؤسساته الحكومية، ووزاراته، ووسائل إعلامه، مع الأحداث الدائرة حوله، إذ تضامن مع إيران عندما قُتل رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” في طهران على يد إسرائيل، كما أبدى تعاطفه مع لبنان عندما انفجرت أجهزة اتصال بعناصر من “حزب الله” ما خلّف عشرات القتلى والجرحى على مدار يومين، لكن جبهته الجنوبية مع إسرائيل بدت هادئة، باستثناء بعض الخروقات المضبوطة التي تحصل هنا وهناك.

يعتقد الباحث المتخصص بالشأن العسكري في مركز “عمران للدراسات” نوار شعبان، أن الطريقة التي تعامل بها النظام السوري مع الأحداث العسكرية الدائرة حوله مختلفة عن بقية “محور المقاومة”، لكن لا يمكن اعتبار أن هذا التعاطي مرتبط بوضع النفوذ الإيراني في سوريا.

وقال الباحث لعنب بلدي، إن نفوذ طهران الاستخباراتي في سوريا تخطى العلاقة مع النظام السوري، وصار لا يأبه بمدى إيجابية العلاقة مع صنّاع القرار في سوريا.

وأضاف أن النظام نأى بنفسه عن الأحداث الدائرة من حرب غزة، وصولًا للتصعيد في لبنان، لكن لا يمكن اعتبار هذا النأي على أنه موقف رسمي ضد إيران، فالعديد من الهجمات باتجاه إسرائيل تشن من سوريا، والنظام هو السلطة الحاكمة فيها.

من جانبه، يرى المحلل السياسي المتخصص بالشأن الإيراني مروان فرزات، أن المعطيات الحالية قد تعكس رغبة النظام بعدم الانخراط في تصعيد، لكن لا يمكن اعتبارها انسلاخًا عن المحور ككل.

وقال فرزات لعنب بلدي، إنه حتى في حال وجود رغبة للخروج من “المحور” في دمشق، فلا أدوات لتلبيتها.

وأضاف أن النظام يستغل حالة الفوضى القائمة حاليًا لاستعادة السيطرة على بعض المفاصل التي سلبتها إيران منه، مثل استعادة السيطرة على المحافظات الجنوبية المحاذية لإسرائيل بدعم روسي.

وسبق أن أعلنت روسيا بشكل متكرر عن تثبيت نقاط عسكرية على الحدود مع الجولان السوري المحتل، تزامنًا مع تكرار عمليات القصف من سوريا باتجاه إسرائيل.

هل تصبر إيران؟

ترتبط أذرع إيران في كل من سوريا والعراق ولبنان واليمن بشكل معقد، ولطالما استخدمت طهران مصطلح “وحدة الجبهات” كتعبير عن استعداد “محور المقاومة” لفتح جبهات متعددة باتجاه إسرائيل، في حين بقيت الجبهة السورية باردة تزامنًا مع ارتفاع حدة العمليات العسكرية على الجبهات الأخرى.

ويعتقد مروان فرزات أنه يمكن للنظام الاستمرار بحالة النأي بالنفس القائمة حاليًا، ولا يمكن اعتبار أن الوضع الراهن مزعج لإيران، طالما أنه لا يعرقل خططها في إمداد “حزب الله” عبر سوريا.

الباحث نوار شعبان قال لعنب بلدي، إن الاجتماعات المهمة بين “الحرس الثوري الإيراني” وأذرعه في المنطقة تجري في سوريا، كما أن النقاط العسكرية المهمة موجودة في سوريا، من مراكز تصنيع وغيرها.

ويرى الباحث أن النقطة التي يلعب حولها النظام، هي أن كامل الإقليم منشغل بإيران، لكنه غير قادر على حجب الجغرافيا السورية عن طهران.

شعبان يرى أن سلوك النظام بالتأكيد مزعج لإيران، لكن الأخيرة قادرة على الضغط على النظام وبأساليب مختلفة، فأذرعها باتت ممتدة في عموم الداخل السوري.

وأضاف أن لا مساحة كبيرة للنظام ليستثمر فيها، باستثناء انشغال إيراني بالجبهات الساخنة، والإقليم بإيران.

هل ساوم النظام؟

مع بداية “طوفان الأقصى” انطلاقًا من غزة قبل نحو عام، كتب الباحث المتخصص في الشأن السوري والسياسة الأمريكية بمعهد “واشنطن للأبحاث” أندرو تابلر تحليلًا موجزًا قال فيه، إنه لتقييد خيارات إيران وتفادي اتساع نطاق الأزمة الناجمة عن الصراع عبر سوريا، يتعين على واشنطن أن توجه تحذيرًا مباشرًا لبشار الأسد، بعدم دخول الحرب وكبح جماح الميليشيات الإيرانية على طول حدود الجولان.

وتوقع تابلر أن يستغل النظام وساطة أبو ظبي في الأزمة التي يعيشها للمطالبة بمزيد من الأموال المسبقة من دول الخليج العربي، التي سبق وقدمت تنازلات للأسد دون مقابل.

ويرى الباحث أنه لا ينبغي تخفيف العقوبات عن النظام في سوريا بأي شكل من الأشكال، دون الحصول على دليل واضح على أنه يقيّد الخيارات المتاحة أمام إيران في مواجهة إسرائيل والأردن وغيرهما من حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.

وخلال الأيام الأولى للحرب الإسرائيلية على غزة، تحدث موقع “إكسيوس” الأمريكي عن أن الإمارات حذرت النظام في سوريا من التدخل في الحرب بين “حماس” وإسرائيل أو السماح بشن هجمات على إسرائيل من الأراضي السورية، بحسب مصدرين مطلعين على الجهود الدبلوماسية الإماراتية (لم يسمِّهما).

التصعيد.. قرار إيراني

في حديث سابق لعنب بلدي، قال المتخصص في السياسات الحكومية الأمنية مهند سلوم، إن قرار توسيع نطاق المواجهات في المنطقة، وامتدادها إلى دول مجاورة من ناحية الجهات الحكومية أو غير الحكومية التي تدعمها إيران، ومنها سوريا، هو “قرار إيراني بالكامل”.

وأضاف أن انهيار النظام، أو تهديد وجود ميليشيات كـ”حزب الله” اللبناني، أو أخرى في سوريا والعراق واليمن، لن يهدد كامل “محور المقاومة”، على اعتبار أن إيران تشكل مركز هذا المحور.

وبالمقابل، فإن انخراط إيران بمواجهة تهدد وجودها سيشكل خطرًا على المحور بشكل عام، للأسباب نفسها، وهو ما لا يمكن أن تسمح به طهران.

ويرى الباحث أن إيران تعتمد على استراتيجية “التلويح بالتصعيد”، لكن هذا التلويح يمكن أن يفسر أيضًا على أنه تصعيد مباشر، ويمكن التعامل معه على هذا الأساس.

وقال سلوم حينها، إن “طوفان الأقصى” سينعكس على التحالفات في المنطقة، لكنه لن يحدث تغييرًا جذريًا خصوصًا مع الخلفيات التاريخية التي أدت إلى تشكل هذه التحالفات.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة