مخاوف الترحيل من تركيا تحرّك سوق العقارات في رأس العين

عنب بلدي – رأس العين

بعد ركود منذ نحو أربع سنوات، تشهد مدينة رأس العين شمال غربي الحسكة نشاطًا في حركة بيع وشراء العقارات، مدفوعًا بإقبال لبعض السوريين من أبناء المنطقة والمقيمين في تركيا على شراء المنازل فيها.

وبحسب أصحاب مكاتب عقارية ومشترين قابلتهم عنب بلدي في رأس العين، فإن هذا التوجه سببه مخاوف من عمليات ترحيل متصاعدة في تركيا، ورغبة من البعض في وجود منزل يستقرون فيه بالمدينة.

هذا الإقبال رفع أسعار المنازل، وبحسب رصد عنب بلدي، فإن سعر المتر المربع ارتفع من 45 إلى 70 دولارًا أمريكيًا منذ منتصف عام 2023، حتى أيلول الحالي.

وتبدأ الأسعار من 15 ألف دولار أمريكي للمنازل ذات الغرفتين والمنافع، و25 ألف دولار أمريكي للمنازل ذات الثلاث غرف والمنافع، أما البيوت المبنية على قواعد متينة وقادرة على تحمل طابقين أو أكثر، فقد وصلت أسعارها إلى 50 ألف دولار أمريكي.

دوافع العودة والاستقرار بالمنطقة

وصل مالك القريط مع عائلته إلى مدينة رأس العين، منذ منتصف عام 2023، قادمًا من مدينة أضنة التركية، بعد أن كان يمتلك مكتبًا لبيع وشراء السيارات.

وقال لعنب بلدي، إنه بدأ فورًا بالبحث عن منزل يشتريه لضمان استقرار أسرته في مدينته، ومتابعة أعماله، مقررًا عدم العودة إلى تركيا، والتركيز على تأسيس حياة جديدة له ولعائلته.

أما علي الجاسم، من مدينة رأس العين، فقد تلقى طلبًا من ابنه المقيم في اسطنبول لشراء منزل له في المدينة، خشية عمليات الترحيل من تركيا، ورغبة في الاستقرار بالمنطقة.

وقال لعنب بلدي، إنه وجد منزلًا في المحطة الجنوبية، يلبي متطلبات ابنه بسعر “مقبول”، إذ إن الأوضاع في تركيا لم تعد كما كانت، والدخل فيها بات محدودًا، مضيفًا أنه اشترى المنزل ليكون جاهزًا في حال قدوم ولده إلى رأس العين.

أما الشاب سومر العمار فيخطط للعودة إلى رأس العين بنهاية عام 2024، معتبرًا أن الحياة هناك صارت أقل ملاءمة للبقاء مما كانت عليه في السابق.

وقال سومر لعنب بلدي، إنه اشترى منزلًا في رأس العين كخطوة تحضيرية لعودته، إذ يرى أن الأوضاع في المدينة قد لا تكون مثالية، لكنها تبقى أفضل من الظروف الحالية التي يعيشها السوريون في تركيا.

ويرى أن العودة إلى رأس العين تمنحه فرصة للحصول على موطئ قدم ثابت في مكان يعرفه، بعد أن غادرها عام 2014 واستقر في مدينة جيلان بنار التركية المجاورة، وذلك بعد بدء “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) بتطبيق التجنيد الإجباري في المدينة، حين كانت تسيطر عليها.

الأسعار ترتفع تبعًا للطلب

حركة السوق تلك رفعت أسعار العقارات، وصار شراء المنزل أكثر صعوبة على السكان المحليين، بسبب قلة المردود وعدم وجود مصادر دخل ثابتة لديهم، إذ يتقاضى عمال المياومة في رأس

العين بين 80 ألفًا و100 ألف ليرة سورية (الدولار يعادل 15000 ليرة سورية).
خالد العدواني، صاحب محل عقاري في رأس العين، قال لعنب بلدي، إن حركة بيع العقارات كانت شبه معدومة حتى منتصف عام 2023، لكن الوضع بدأ يتحسن تدريجيًا منذ ذلك الحين.

وأوضح أن أحد الأسباب الرئيسة لارتفاع الأسعار هو الطلب المتزايد من السوريين المقيمين في تركيا، وبيّن أن العديد من المشترين ليس لديهم اطلاع مباشر على الأسعار السابقة، حيث كان سعر المتر المربع يُباع بنحو 45 دولارًا أمريكيًا.

وأضاف أن أصحاب المنازل رفعوا الأسعار بشكل كبير، مستفيدين من نقص المعرفة حول الأسعار السابقة.

ولفت إلى أن مكتبه ينظم حاليًا أكثر من عشرة عقود بيع منازل شهريًا بشكل رسمي، وهو ارتفاع ملحوظ مقارنة بالفترات السابقة حيث لم تتجاوز المبيعات منزلًا واحدًا في الشهر.

ويصل عدد السكان في رأس العين نحو 115 ألف شخص، وعدد المهجرين منهم 6500 شخص، وفق إحصائيات حصلت عليها عنب بلدي من “مركز الخدمات الاجتماعية”، كما تشهد المدينة وصولًا لمئات العائدين من تركيا سواء طواعية أو من المرحلين قسرًا.

وبحسب إحصائية حصلت عليها عنب بلدي من مكتب السجل العقاري برأس العين، فإن عدد المنازل في المدينة يبلغ 11130 منزلًا.

وتعد الزراعة إلى جانب تربية المواشي من المهن الأساسية التي يعمل بها غالبية سكان منطقة رأس العين والمناطق الشمالية والشمال الشرقي في سوريا، وهي تشكّل مصدرًا رئيسًا للدخل في هذه المناطق.

وتقع رأس العين بمحاذاة الحدود التركية، ويسيطر عليها “الجيش الوطني السوري” المدعوم تركيًا، بينما تحيط بها جبهات القتال مع “قسد”، وتعتبر الحدود التركية منفذها الوحيد نحو الخارج.