اللاذقية – عنب بلدي
بالقرب من شاطئ وادي قنديل الشعبي في اللاذقية، توجد عدة “شاليهات” تعود ملكيتها لأشخاص مغتربين أو من المنطقة، يطرحونها للاستثمار صيفًا، بعد توكيل المهمة لأحد المستثمرين، كما أخبرنا المسؤول عنها.
استفسرت مراسلة عنب بلدي بصفة زبونة عن الإيجارات التي تتراوح بين 500 ألف ليرة سورية ومليوني ليرة باليوم الواحد.
وقال المسؤول عن “الشاليهات”، ولقبه “أبو علي”، إن إيجار “شاليه” من غرفة واحدة مع حمام ومطبخ صغير يبلغ 500 ألف ليرة يومًا، وبحال كانت غرفتين يرتفع الإيجار إلى 1.5 مليون ليرة سورية، كما توجد “شاليهات” من ثلاث غرف، إيجار الليلة الواحدة فيها مليونا ليرة.
لا تتوفر الكهرباء في “الشاليهات”، لكن هناك بطارية ومراوح تعمل عليها، إضافة إلى أسطوانة غاز مع مستلزمات كاملة كتلك التي توجد في كل منزل.
وأضاف “أبو علي”، محاولًا الترغيب باستئجار إحداها، أن الموسم اليوم بات في أواخره، وبإمكانه التصرف قليلًا وتخفيض السعر، مكتفيًا بعبارة “ما منختلف لما بتقرروا تحجزوا”.
مع اقتراب الموسم السياحي من نهايته في اللاذقية، تشهد إيجارات بعض “الشاليهات” انخفاضًا من 30 إلى 50%، لكن تلك الأجور لا تزال تفوق قدرة الموظفين والناس العاديين، إذ يعيش السوريون واقعًا اقتصاديًا ومعيشيًا مترديًا، ويبلغ الحد الأدنى للرواتب الحكومية في مناطق سيطرة النظام نحو 279 ألف ليرة (18 دولارًا أمريكيًا).
حتى “الشعبية” مرتفعة
تشكل الشواطئ الشعبية فرصة لعامة الناس لزيارتها بعيدًا عن الأجور المرتفعة في المنتجعات السياحية بمحافظة اللاذقية، ويعتبر شاطئ وادي قنديل أحد الشواطئ القليلة في المحافظة، الذي لم يتم استثماره بالكامل بعد، تاركًا الفرصة لعامة الناس لزيارته.
ومع ذلك، تقتصر الزيارات على الأشخاص من المناطق القريبة منه، فلا سبيل لتحمل تكاليف النقل العالية، كما في حالة السيدة ابتسام (47 عامًا) من قرية السرسكية القريبة، التي حضرت مع عائلتها، في 13 من أيلول الحالي، مستخدمين “الباص” الذي يعمل عليه زوجها.
ورغم أن شاطئ وادي قنديل لا يبعد أكثر من ثمانية كيلومترات عن قريتهم، فإنهم لم يزوروه هذا العام سوى أربع أو خمس مرات، وهي زيارات تعد قليلة جدًا للأهالي القريبين من الساحل، ففي أيام العطل كان زوجها ينشغل مع الرحلات السياحية لتأمين احتياجات المنزل، فيما تبقى السياحة مجرد كماليات، حسب قول السيدة.
أحضرت ابتسام كل ما يلزم من طعام، “سندويشات الزعتر” وبعض الفواكه إضافة إلى علبة من الجبن وعدد من أرغفة الخبز، كي لا تتحمل العائلة مصاريف إضافية على الطعام خلال النزهة، وقالت إن الشواء في النزهات غير موجود، و”بات من الزمن الجميل”.
السباحة في بعض مناطق شاطئ قنديل مجانية، بينما تبلغ تكلفة استئجار طاولة مع أربعة كراسي 100 ألف ليرة في الأيام العادية، وترتفع إلى 150 ألف ليرة في أيام العطل، وبالإمكان “مفاصلة” المستثمر لتخفيض الأجرة نحو 25 ألف ليرة، إن كانت العائلة لا تريد تمضية الكثير من الوقت.
شهرة واسعة
اكتسب شاطئ وادي قنديل شعبية واسعة بين الكثير من السوريين، نتيجة عرض صور شاطئه الذي يجمع بين الجبل والبحر عبر “فيس بوك”، وبات وجهة مفضّلة لكثير من الرحلات السياحية من داخل البلاد، وحتى لبعض المغتربين القادمين من الخارج.
وبينما تختار الرحلات السياحية الداخلية الشواطئ الشعبية لانخفاض تكلفتها، فإن المغتربين يختارون الذهاب إلى المنتجعات الموجودة على الشاطئ التي تؤمّن الكهرباء وجميع الخدمات الأخرى على مدار الساعة، بخلاف الشواطئ الشعبية، التي لا توجد فيها حتى مناطق مخصصة للحمامات بمعظم الأحيان، وإن توفرت فإن قذارتها تدفع بالكثيرين للابتعاد عنها.
ويبعد شاطئ وادي قنديل نحو 25 كيلومترًا عن مدينة اللاذقية، ومن الصعب الوصول إليه بوسائل النقل العادية، فالسائح قد يضطر لتمضية نصف نهاره بانتظار باص يقله ويعيده.
كما أن مكان الشاطئ يبتعد عن الطريق العام مسافة 20 دقيقة مشيًا، ومعظم رواد البحر يحبون أن يسهروا إلى وقت متأخر، وبالتالي فإن العودة بوسائل النقل العادية مستحيلة، كونها تتوقف عن العمل بحدود السادسة مساء، وتتراوح أجرة “تاكسي” من اللاذقية إلى وادي قنديل بين 150 ألفًا و200 ألف ليرة، أي أن السائح سيدفع 400 ألف ليرة فقط أجور نقل.
واعتبر مدير السياحة في اللاذقية، فادي نظام، أن الموسم السياحي الحالي أعطى نكهة جميلة وغنية انعكست على جميع القطاعات في المحافظة بشكل إيجابي.
وقال نظام لصحيفة “تشرين” المحلية، إن نسبة الإشغالات خلال الموسم الحالي بلغت 100% في بعض المنشآت السياحية، الأمر الذي شجع على افتتاح منشآت جديدة.
وبحسب تقرير أعدته عنب بلدي في تموز الماضي، فإن تكاليف السياحة الشعبية في اللاذقية تعادل نحو ضعفي إلى ثلاثة أضعاف الراتب الحكومي بالنسبة للعائلة، بينما تبلغ 10 أضعاف في المنتجعات الأخرى.