منعت السلطات التركية مسافرين سوريين قادمين من بيروت من عبور أراضيها وإكمال رحلتهم إلى فنزويلا، الأربعاء 18 من أيلول، رغم حيازتهم أوراق نظامية، ما اضطر بعضهم للعودة إلى لبنان، بينما مازال آخرون عالقين في مطار إسطنبول، على أمل السماح لهم بإكمال طريقهم إلى فنزويلا.
وقالت مراسلة عنب بلدي في السويداء، جنوبي سوريا، إن السلطات التركية منعت 18 شخصًا، بينهم 16 من محافظة السويداء، من إكمال طريقهم عبر رحلة “ترانزيت” إلى فنزويلا، رغم امتلاكهم تأشيرة “فيزا” صادرة من السفارة الفنزويلية بدمشق وتذاكر سفر نظامية.
وأشارت المراسلة إلى أن هناك مسافرين مازالوا عالقين ضمن مطار إسطنبول، ويمكن ترحيلهم إلى لبنان، موضحة أن المسافرين استفسروا عن سبب الرفض، وأخبرهم أمن المطار في إسطنبول، أن المنع كان من الحكومة الفنزويلية التي ترفض دخول المسافرين من الشرق الأوسط، كونهم يتخذون فنزويلا نقطة عبور نحو أمريكا الشمالية وأوروبا.
رشى لدخول فنزويلا
بدورها نقلت شبكة “الراصد” المحلية، عن أحد المسافرين من أبناء محافظة السويداء الذي تمت إعادته برفقة ابنه، أنه تسلّم دعوة من أحد أقاربه في فنزويلا، وتم إجراء المعاملة بشكل قانوني عن طريق محامٍ مختص، وبلغت التكلفة 100 دولار، بينما بلغ حجز بطاقة السفر ما يقارب ألفي دولار للشخص الواحد.
وأضاف المسافر أنه حصل على تأشيرة من السفارة الفنزويلية بدمشق، وكل شيء سار على ما يرام، وعند وصوله إلى تركيا تمهيدًا لذهابه إلى فنزويلا أوقفت سلطات المطار إجراءات السفر، وطلبت منه ومن ابنه مغادرة الأراضي التركية فورًا دون تقديم أي مبررات.
قتيبة أبو عساف، من أهالي السويداء، حاول قبل شهر كذلك السفر إلى فنزويلا لكنه واجه عدة عقبات قبل الوصول أبرزها في مطار اسطنبول.
وحول تفاصيل ما جرى قال شقيقه سامر لعنب بلدي، إنه حصل مع عائلته على فيزا من السفارة الفنزويلية في دمشق، حيث حجز تذكرة سفر ترانزيت عبر تركيا ومنها إلى فنزويلا.
وأضاف سامر أنه سُمح لشقيقه بالمرور من مطار “اسطنبول” بعد دفع رشوة في المطار، لكنه واجه المشكلة ذاتها حينما وصل إلى مطار “كاراكاس” في فنزويلا، حيث طلب منه موظف المطار رشوة قدرها 1500 دولار عن كل شخص للسماح له بالدخول، وأخبره أنه في حال عدم دفع المبلغ ستتم إعادته، ما اضطره لدفع ثلاثة آلاف دولار عنه وعن زوجته لأنه سيتكبد ذات التكلفة لحجز تذاكر العودة.
ولفت سامر إلى أنه قبل أربعة أيام أعاد مطار “اسطنبول” ثلاثة أشخاص من السويداء كانوا قادمين من لبنان.
“فنزويلا لا تريد سوريين”
حول أسباب منع سوريين من العبور من تركيا إلى فنزويلا، قال سامر أبو عساف إن شقيقه تواصل مع مكتب سياحي في السويداء للاستفسار عن سبب منعهم من مغادرة مطار “اسطنبول” إلى فنزويلا.
وقال أبو عساف، إن المكتب السياحي أخبر شقيقه إن المشكلة ليست من السلطات التركية، بل من الحكومة الفنزويلية، التي لم تعمم على بقية المطارات أسماء الأشخاص الذين حصلوا على تأشيرات دخول من سفارتها في دمشق وبقية الدول، بغية منع السوريين من الوصول إلى أراضيها، ما اضطره لدفع رشوة للعبور.
بدورها، نقلت شبكة “الراصد” عن مدير أحد المكاتب السياحية في محافظة السويداء، أن السلطات التركية سمحت للمسافرين عبر أراضيها والحاملين للجنسية الفنزويلية أو المولودين داخل الدولة الفنزويلية بالعبور دون مشكلات، أما من تبقى فتمت إعادتهم باتجاه لبنان.
ويعزو مدير المكتب السياحي ذلك إلى طلب السلطات في فنزويلا من السلطات التركية عدم السماح للسوريين بالمغادرة إليها، وذلك بسبب الهجرة غير الشرعية التي يقوم بها السوريون عبر الأراضي الفنزويلية باتجاه جزيرة غويانا في أمريكا الجنوبية، أو دولة الإكوادور تمهيدًا لذهابهم باتجاه المكسيك ومنها إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
وأكدت شبكات محلية في السويداء أن السوريين الذين احتجزتهم السلطات التركية في مطار “اسطنبول”، بينهم نساء وأطفال، كانت وجهتهم فنزويلا، ويحملون “فيزا” صادرة عن السفارة الفنزويلية في دمشق.
وأشارت شبكة “السويداء 24” إلى أن السلطات الفنزويلية هي المسؤولة عن هذه الفوضى المكلفة والمرهقة لمئات السوريين خلال الأسابيع الماضية، إذ تواصل السفارات الفنزويلية منح تأشيرات الدخول لمواطني دول الشرق الأوسط، ثم تمنعهم من دخول أراضيها، لأن نسبة كبيرة منهم تتخذ من فنزويلا محطة مؤقتة في درب الهجرة إلى أمريكا وأوروبا.
وذكر أحد المسافرين لـ”السويداء 24″، أن العائلات خسرت حقائبها التي غادرت بالشحن من مطار اسطنبول إلى مطار “كاراكاس”، إضافة إلى الخسائر المالية الكبيرة التي تكبدوها في حجوزات الطيران وتكاليف السفر، مشيرًا إلى أن بعض المسافرين باعوا أملاكهم في سوريا قبل سلك هذا الدرب بحثًا عن مستقبل أفضل لهم ولأولادهم.
تعد الآثار الاجتماعية والاقتصادية للصراع في سوريا كبيرة ومتنامية، بحسب “البنك الدولي“، فالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية تشهد تدهورًا سريعًا في سوريا، متأثرة بمجموعة متنوعة من الصدمات، بما في ذلك الصراع المسلح الذي طال أمده، والعقوبات الاقتصادية، وجائحة “كورونا”، والجفاف الشديد، وتعمق الأزمة الاقتصادية في لبنان وتركيا المجاورتين.
وأدى استمرار انخفاض قيمة العملة المحلية إلى تفشي التضخم، مما أدى إلى تآكل الأجور الحقيقية ودفع المزيد من الناس إلى براثن الفقر، بحسب “البنك الدولي”، وهو ما يدفع الكثير من السوريين إلى محاولات اللجوء إلى دولٍ أخرى إلى اليوم، رغم الحديث عن رغبة دولي بإعادة اللاجئين.
وفي محافظة السويداء جنوبي سوريا، يعيش المواطنون على وقع احتجاجات شعبية متواصلة منذ أكثر من عام، بدأت بدوافع اقتصادية ثم علا سقفها إلى مطالب سياسية برحيل النظام السوري وتحقيق الانتقال السياسي.
ويحظى كثيرون من أهالي المحافظة بعلاقات قرابة مع سوريين ومهاجرين قدامى في فنزويلا، وهو ما يفسر الرغبة بالسفر إليها.