توقف بحث حسين طالب الثانوية المهنية في مدينة اللاذقية، عن نسخة من الكتب المدرسية في مستودع الكتب الخاصة بها بساحة حلوم، بعد أن أخبرتهم إدارة المدرسة أنه لن يتم توزيعها حتى تصل إلى المستودع، ومن المتوقع وصولها بعد 20 من أيلول الحالي.
وبالتالي، فإن الشاب ومثله زملاؤه في الثانوية المهنية بجميع الاختصاصات، لن يستطيعوا الدراسة بشكل فعلي حتى يستلموا الكتب، التي إن صح الوعد ستصلهم بعد عدة أيام، بعد وعود سابقة بأن تصلهم في 10 من أيلول إلا أنها تأخرت.
لا يمتلك الطلاب أي بدائل أخرى سوى انتظار الكتب، وحضور الحصص المدرسية التي تبدو بلا جدوى بدون كتاب مرجعي يلجؤون إليه لترسيخ معلوماتهم بعد شرح المعلمة.
الكتب الجديدة لابنة المعلمة
خاب أمل سارة في الصف السابع، حين حصلت على نسخة كتب قديمة متهالكة، بينما حصلت زميلتها ابنة المعلمة في مدرسة بضاحية بسنادا على الكتب الجديدة.
ورغم شكوى الأهل، فإن إدارة المدرسة لم تستجب، وأخبرتهم أن المعلمة اشترت لابنتها نسخة الكتب من المستودع، ولا تتوافر كتب جديدة لتوزيعها على الطلاب والطالبات.
لا يمتلك أهل سارة أي وسيلة للتحقق من تبرير إدارة المدرسة، لكن زميلتها ابنة المعلمة، تباهت أمام زميلاتها بحصولها على كتب جديدة لأن أمها معلمة في المدرسة.
ويشكل هذا التصرف ضغطًا نفسيًا على الطلاب، الذين يشعرون بتمييز سلبي، قد يعيقهم عن دراستهم ويشعرهم بعدم جدواها، الأمر الذي لا تكترث له معظم إدارات المدارس، التي تسودها “المحسوبيات”.
ويبقى حظ طلاب المرحلة الإعدادية أفضل من حظ طلاب المرحلة الابتدائية، فطلاب الإعدادية لا يلجؤون لحل الأسئلة والمعادلات على الكتاب، إنما يستخدمون الدفاتر أكثر، بخلاف طلاب الابتدائية الذين يحتاجون إلى كتب جديدة للحل عليها والمتابعة مع المعلمة، لكن معظمهم حصل على كتب مدوّرة تحوي السؤال والحل معًا.
متوفرة لمن يدفع الثمن
ورغم مضي أكثر من عشرة أيام على افتتاح المدارس، فإن معظم الطلاب لم يحصلوا على كتب جديدة، معظمها ممزق وتالف لا يغري بالدراسة، ويشكل ضغطًا على الأهل الذين اضطر كثر منهم لشراء كتب جديدة لأطفالهم.
قالت السيدة لميس (36 عامًا) إن طفلها بالصف الرابع لم يحصل سوى على كتابين جديدين لللغة الإنجليزية الجزء الأول والعربي، وما تبقى كانت كتب مدوّرة متهالكة.
وذكرت الأم أنها اشترت لطفلها كتاب الإنجليزي الجزء الثاني، والرياضيات والعلوم من مستودع الكتب في الصليبة، وما أثار حيرتها أنها حين سألت إدارة المدرسة عن سبب التأخر بتوزيع الكتب الجديدة، أخبروها بأنها لم تصل بعد، لكنها حين توجهت لمستودع الكتب كانت الكتب متوافرة لمن يدفع ثمنها.
وتوزع الكتب بشكل مجاني على الطلاب في مرحلتي التعليم الابتدائي والإعدادي، ومن المفترض أن تقوم المدارس بمنحها للطلاب، لكن خلال السنوات الأربع الماضية، يتم التأخر بتوزيعها لنحو شهر من افتتاح العام الدراسي، ما يدفع كثير من الأهالي لشرائها، وهو ما يعتبرونه مقصودًا لإرغامهم على شرائها تحت ضغط حرصهم على تعليم أطفالهم.
التربية تبرئ نفسها
حمل المدير العام للمؤسسة العامة للطباعة في وزارة التربية، فهم الأكحل، المسؤولية في تأخر توزيع الكتب المدرسية على مطبعة وزارة السياحة، وقال لصحيفة “الوطن” المحلية، إن المطبعة لم تلتزم بالمدة الزمنية لإنجاز الكتاب، حيث بلغت الكتب المستلمة 100 ألف كتاب، وما زال هناك 400 ألف كتاب قيد الطباعة، وكان يفترض أن يتم تسليمها قبل الأول من آب الماضي.
وأضاف أن نسبة التوزيع حتى نهاية الأسبوع الماضي، وصلت إلى 95% للتعليم الأساسي، و90% للثانوي، وسط انتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي، مفادها أن شريحة واسعة من الطلاب لم يحصلوا على كتب جديدة، والحديث عن المشكلة حديث الناس اليوم.
وجاء العام الدراسي الجديد الذي بدأ في 8 من أيلول المقبل، خالقًا الهموم للأهالي من أجل تدبر تكاليف القرطاسية والملابس، وسط واقع اقتصادي ومعيشي متردٍ، في وقت لا تتجاوز فيه قيمة الحد الأدنى للرواتب في حكومة النظام 279 ألف ليرة (18 دولارًا أمريكيًا).
وارتفعت أسعار مستلزمات المدارس أكثر من 100%، مقارنة بعام 2023، فالحقيبة المدرسية التي كانت تباع بـ135 ألف ليرة سورية وتعتبر من نوعية متوسطة، وصل سعرها هذا العام إلى 310 آلاف ليرة.