يعيش القطاع التعليمي في شمال غربي سوريا معاناة تشمل الكوادر والبنى التحتية، وتعاني المدارس العامة من أزمات متلاحقة ونقص في المستلزمات، وتخفيض في الدعم المقدم، ونقص بمادة مازوت للتدفئة والكتب المدرسية وقلة رواتب المعلمين.
تتجدد هذه المعاناة مع بداية كل عام دراسي، رغم محاولات لإنعاش القطاع التعليمي، من جهات مسؤولة أو منظمات مجتمع مدني، وتبقى جهودها وفق الإمكانيات المتاحة قاصرة أمام حجم الاحتياجات.
وانطلق العام الدراسي الجديد 2024-2025 لطلاب المدارس في سوريا، ضمن مختلف مناطق السيطرة، بينما ينطلق في إدلب حيث تسيطر حكومة “الإنقاذ” في 28 من أيلول الحالي.
قطاع متهالك تحت القصف
باليوم العالمي لحماية التعليم من الهجمات في 9 من أيلول الحالي، أحصى “الدفاع المدني السوري” تعرض 170 مدرسة للاستهداف من قبل النظام وروسيا على مدار السنوات الخمس الماضية، لافتًا إلى أن المدارس كانت لسنوات هدفًا للنظام وروسيا.
وكان لتراجع الدعم في الشمال السوري خلال 2024 تأثير على 700 مدرسة في إدلب تفتقر للدعم الأساسي، و100 مدرسة فقدت الدعم بحلول تموز الماضي، وهو ما أثر على 110 آلاف طالب، و6500 معلم ومعلمة، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
وذكر فريق “منسقو استجابة سوريا” العامل في المنطقة، أن أكثر من 891 مدرسة خرجت عن الخدمة، بينها 266 منشأة تعليمية في شمال غربي سوريا، خلال السنوات الثلاث الماضية، جراء هجمات النظام وروسيا.
كما تعاني أكثر من 77 مدرسة شمال غربي سوريا من الاستخدام الخارج عن العملية التعليمية، وإشغال تلك المدارس في مهمات غير مخصصة لها.
بحسب تقرير لـ”أوتشا” في تشرين الأول 2023، فإن التصعيد العسكري في مناطق شمال غربي سوريا أثّر بشكل كبير في إمكانية الوصول إلى خدمات التعليم، وأن 2.2 مليون طفل في سن المدرسة يقيمون شمال غربي سوريا، منهم مليون واحد على الأقل خارج المدرسة، لافتًا إلى أن الوضع مأساوي بشكل خاص في مخيمات النزوح.
أجهزة إنذار للمدارس
في 9 من أيلول الحالي، أعلن “الدفاع المدني السوري” عن تزويد 93 مدرسة في محافظة إدلب وريفها ومناطق بريف حلب الغربي بأجهزة إنذار ضوئية، للتحذير من هجمات محتملة تستهدف المدارس بشكل خاص.
وتعمل هذه الأجهزة وفقًا لنظام “الراصد” الذي أطلقه “الدفاع المدني” عام 2019، والذي بدوره يعمل (نظام الراصد) على إرسال تحذيرات متعلقة بحركة الطيران الحربي، التي تتابعها مراصد مدنية وتقوم بتحليلها للتنبؤ بمكان الاستهداف قبل وقوع الغارات، وتقدير الزمن المقدر لوصولها إلى الهدف.
وبعد عملية الرصد ترسل المنظمة تحذيرات عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي (إكس وتلجرام)، أو عبر صفارات الإنذار الموجودة لدى الفريق الإنساني، أو عبر خدمة التحذير الضوئي المنتشرة في المنشآت الصحية ومراكز “الدفاع المدني” وحاليًا في المنشآت التعليمية.
مشروع لمعالجة صعوبات التعلم
من بين المشاريع والمحاولات، افتتاح “جمعية عطاء للإغاثة الإنسانية” وحدة للدعم الطلابي في الشمال السوري، وعملت خلال 180 يومًا تدريبيًا على تأهيل 1053 معلمًا ومعلمة، في أكثر من 150 مدرسة توزعت على مناطق إدلب وريف حلب.
وفق توضيح الجمعية لعنب بلدي، فإنها عملت على افتتاح 21 مركزًا في مناطق إدلب وريف حلب عالجت من خلالها الصعوبات الأكاديمية والنمائية لـ1757 طالبًا وطالبة وذلك كمرحلة أولى، على أمل تعميم هذه المراكز لاحقًا لتستهدف عددًا أكبر من الطلاب.
وقال مدير وحدة معالجة صعوبات التعلم في جمعية “عطاء”، إبراهيم نداف، لعنب بلدي، إن المعلمين والمعلمات تلقوا تدريبًا على استخدام أدلة معالجة صعوبات التعلم والتي تمكنهم من:
- تشخيص الصعوبات التي يعاني منها طلابهم في جميع المواد.
- وضع خطة لمعالجة هذه الصعوبات.
- استخدام استراتيجيات وأنشطة مناسبة لمعالجة الصعوبات.
- استخدام أدوات التقييم للتأكد من تجاوز الطالب للصعوبة المعالجة
وذكر أن وحدة الدعم الطلابي المركزية لا تزال قائمة لتقديم الاستشارة والدعم الفني لمن يرغب من معلمي الشمال سواء في الجانب الأكاديمي أو النفسي ضمن اختصاص المشروع.
ولفت إلى أن مراكز المعالجة التي تم افتتاحها هي مراكز مؤقتة، لتؤدي نشاطًا محددًا، وقد أدت دورها، مضيفًا أن الهدف النهائي للمشروع هو تمكين المعلمين من التعامل مع الطلاب ذوي الصعوبات ضمن القاعة الصفية، وخلال الدوام الرسمي دون أن يضطر المعلم لعزلهم في مراكز خاصة .
رغم محاولات دعمه، تعكس الأرقام الدولية والمحلية معاناة قطاع التعليم، وحجم احتياجاته، والتي لا تنحصر أسبابها فقط في تعرض المدارس للقصف والهجمات، إذ ترك الزلزال، في شباط 2023، آثاره على القطاع التعليمي في مناطق سيطرة حكومة “الإنقاذ” بإدلب وغربي حلب.
وبلغ عدد ضحايا الزلزال 39 شخصًا من المدرسين والإداريين، و421 طالبًا وطالبة، وبلغ عدد الأبنية المدرسية المتضررة 250 بناء.