رغم خطورتها.. لا خطة حكومية لردم الأنفاق في دوما

  • 2024/09/16
  • 2:07 م
عنصر من النظام السوري داخل أحد أنفاق دوما- 19 من نيسان 2018 (شبكة دمشق الاخبارية)

عنصر من النظام السوري داخل أحد أنفاق دوما- 19 من نيسان 2018 (شبكة دمشق الاخبارية)

أكد مجلس مدينة دوما بريف دمشق عدم وجود خطة حكومية لردم الأنفاق في الغوطة الشرقية، بعد مضي أكثر من ست سنوات على سيطرة النظام السوري عليها.

وقال رئيس مجلس مدينة دوما، هشام الممى، لصحيفة “الوطن” المحلية اليوم، الاثنين 16 من أيلول، إن من الإشكاليات في دوما، معاناة سكان المدينة من كثرة الأنفاق الممتدة على مساحة دوما بالكامل، والتي من الممكن أن تشكل خطورة على المباني السكنية المأهولة نظرًا إلى حجمها الكبير وأعماقها التي تتراوح بين 6 و15 مترًا، وأبعادها التي تتراوح بين 3 و5 أمتار، والتي يسمح معظمها بمرور السيارات مع وجود أنفاق فردية.

وأشار الممى إلى تفاقم الإشكالية لعدم وجود خطة حكومية لردم الأنفاق ومعالجتها، لتقتصر الأعمال على ما يقوم به المجتمع المحلي من أعمال الردم على نفقته الخاصة، والتي تقتصر حاليًا على ردم الأنفاق الموجودة أسفل المباني الحكومية، وهي أنفاق المستشفى الوطني ونفق قصر العدل ونفق قصر الثقافة والنفق المقابل لمركز البحوث العلمية.

وأوضح أن جميع أعمال الردم تتم بمادة “البيتون” بعد التأكد من السلامة الإنشائية للبناء، وتحت إشراف مجلس مدينة دوما والجهات المعنية أبرزها وزارة الدفاع.

رئيس مجلس دوما تحدث عن عدة مشاريع يتم تنفيذها عن طريق المنظمات الدولية، منها مشروع المستشفى الوطني الذي يتم العمل عليه من قبل منظمة الصحة العالمية التي تعمل على إعادة تأهيل وتجهيز جزء من المستشفى بتكلفة نحو 70 مليار ليرة سورية، قائلًا إنه سيدخل الخدمة قبل نهاية العام الحالي، بعدما رُدمت الأنفاق الموجودة أسفل المستشفى من قبل المجتمع المحلي.

تخبط ومماطلة

رغم مضي أكثر من ست سنوات على سيطرة النظام على الغوطة الشرقية، لا تزال حكومة النظام تتخبط حول كيفية التعامل مع الأنفاق التي حفرتها فصائل المعارضة خلال سيطرتها على المنطقة.

عقب سيطرة النظام على الغوطة بعدة أيام، عقدت حكومته اجتماعًا مخصصًا بشأن إعادة إعمار الغوطة الشرقية، وقررت وضع رؤية لمعالجة واقع كل نفق لجهة استثماره بالشكل الأمثل.

لكن بعد أكثر من عام، وتحديدًا في تموز 2019، تراجعت حكومة النظام عن استثمار أنفاق الغوطة، إذ قال وزير الأشغال العامة والإسكان، سهيل عبد اللطيف، إنه تم تنظيم جملة من الأعمال لردم هذه الأنفاق.

حكومة النظام استمرت في تخبطها حول كيفية التعامل مع الأنفاق، ففي شباط 2024، ذكر رئيس مجلس مدينة دوما، لموقع “أثر برس” المحلي، أن ردم جميع الأنفاق الموجودة في المدينة يحتاج إلى وقت طويل، وميزانية أكبر من ميزانية محافظة ريف دمشق، موضحًا أنه تم ردم النفق الموجود في منطقة الحميرة في دوما بشكل جزئي، وبعدها سيتم استكمال الردم بشكل كامل، على أن يكون العمل بشكل مرحلي حسب الإمكانات المتاحة.

وكان رئيس النظام، بشار الأسد، وزوجته قاما بزيارة أحد الأنفاق التي حفرتها فصائل المعارضة بحي جوبر، في منتصف آب 2018، أي بعد أربعة أشهر على سيطرة قوات النظام على كامل الغوطة.

لكن الصور التي نشرتها صفحة رئاسة الجمهورية على “فيس بوك”، أظهرت حينها أن بعض الرسامين الموالين قاموا بنحت أشكال على جدران أحد الأنفاق العسكرية في جوبر، ما يُظهر أن النظام لم تكن لديه نية لهدم تلك الأنفاق، بل يفكر في الاستفادة منها.

خطة لنهب الأهالي

حاول النظام استغلال وجود الأنفاق في الغوطة الشرقية وما حولها لنهب أملاك السوريين، وهو ما أكده تحقيق أجراه موقع “صوت العاصمة“ في آذار 2022، الذي تحدث عن قيام حكومة النظام بهدم عشرات المنازل التي تقع ضمن منطقة حيوية في القابون، تطل على الأوتوستراد الدولي، وتحيط بها ثكنات عسكرية، بحجة إزالة الأنفاق والذخائر غير المنفجرة التي خلفتها فصائل المعارضة.

وذكر “صوت العاصمة” أن نصف حي القابون تقريبًا تعرّض للهدم بعد انتهاء المعارك في عام 2017، بما في ذلك مبانٍ شاهقة، مثل مبنى العبود ومبنى الأوقاف، اللذين يعتبران من العلامات العمرانية المميزة والتي يعرفها سكان الحي.

النظام حاول شرعنة عمليات الهدم التي قام بها في القابون وحرستا بحجة وجود الأنفاق، عبر إصدار المرسوم رقم “237“ في 14 من أيلول 2021، الذي نصّ على إحداث “مناطق تنظيمية” في مدخل دمشق الشمالي (القابون وحرستا).

وقال المهندس الاستشاري مظهر شربجي، في حديث سابق لعنب بلدي، إن النظام يتذرع بأن الأنفاق تشكل خطرًا على المدنيين كي يقوم بهدم منازلهم، رغم أنه ليس بالضرورة أن تؤثر كل الأنفاق على المنازل التي فوقها، فهناك معايير يستند إليها المهندسون لتحديد إلى أي مدى تأثرت الأبنية بوجود تلك الأنفاق، وهل ظهرت تشققات فيها.

المهندس شربجي تحدث عن عدة عوامل يمكن الاستناد إليها للتأكد مما إذا كانت الأنفاق تشكل خطرًا على المباني أم لا، وأبرزها نوع التربة، فإذا كانت طبيعة التربة صخرية أو غضارية متماسكة لا يمكن أن تؤثر على الأبنية فوقها، وهنا يمكن إجراء تحليل للتربة للتأكد من مدى متانتها وتماسكها.

العامل الثاني هو عمق النفق، فهناك بعض الأنفاق يمكن أن تكون على عمق كبير تحت الأرض، وبالتالي لا يمكن أن تلحق أي ضرر بالأبنية، أما العامل الثالث فهو شكل النفق، فإذا كان بشكل قوسي فهنا تتوزع الحمولة على طرفي النفق، وبالتالي يكون أكثر متانة من النفق على شكل مستطيل، الذي يمكن أن ينهار ويؤثر على الأبنية التي فوقه، في حال لم يكن قد تم تدعيمه بجسور حديدية متينة عند بنائه من قبل الفصائل.

وأضاف شربجي أنه في حال تبين أن الأنفاق يمكن أن تشكل خطرًا، فليست هناك حاجة لهدم الأبنية فوقها كما فعل النظام في بعض المناطق، بل يمكن معالجة تلك الأنفاق والحد من خطرها من خلال ردمها بمواد حجرية مع خلطات “بيتونية”، وليس بالضرورة أن يتم هدم كامل النفق، لافتًا إلى أن هذا الإجراء يجب أن يتم بإشراف نقابة المهندسين وليس عن طريق جهات عسكرية وأمنية.

خمسة أنفاق تربط الغوطة بدمشق

بدأت تجربة حفر الأنفاق منذ نهاية عام 2013، إذ قام حينها لواء “فجر الأمة” بحفر نفق طوله نحو 750 مترًا، يصل بين مدينة حرستا وبساتين القابون، ويمر من أسفل أوتوستراد دمشق- حمص الدولي، وانتهى الفصيل من حفر النفق في منتصف 2014، ليكون أول أنفاق الغوطة، الذي أسهم بإمداد المنطقة المحاصرة بالسلاح والغذاء والبضائع.

ثاني أنفاق الغوطة بدأ بحفره فصيل آخر يدعى “جيش الأمة” وذلك في مطلع عام 2015، وكان هذا النفق يوازي النفق الأول، ويصل بين مدينة حرستا ومنطقة غربي الأوتوستراد، وحين شارف النفق على الانتهاء حاول “جيش الإسلام” الموجود في دوما السيطرة عليه، لكن إدارة النفق ذهبت لاحقًا لفصيل “فجر الأمة”، كون النفق يقع بمناطق سيطرته في حرستا، وبالتالي أصبح الفصيل يملك نفقين في الغوطة.

أمام هذا الواقع، بدأت بقية الفصائل البارزة في الغوطة بحفر أنفاق خاصة بها، ففي أيار 2015، حفر “فيلق الرحمن” نققًا يبدأ من عربين ويصل إلى شركة الكهرباء في القابون ويمر من أسفل مبنى “المخابرات الجوية”، ويبلغ طوله نحو 2.5 كيلومتر، وكان النفق مخصصًا لمرور السيارات والمشاة، وتديره مؤسسة “الرحمة”، واستخدم “الفيلق” النفق لإدخال المواد الغذائية من دمشق، بينما كان يتم تهريب الأسلحة من درعا إلى برزة ومن ثم إلى الغوطة.

“جبهة النصرة” قامت بدورها بحفر نفق خاص بها، يصل بين عربين وحي البعلة في القابون بطول 1800 متر، وافتتحته في أيلول 2015، وأطلقت عليه اسم “نفق النور”، وكان مخصصًا للمشاة، كما استفاد “فيلق الرحمن” لاحقًا من هذا النفق.

“جيش الإسلام” حفر كذلك نفقًا كبيرًا خاصًا به، إذ بدأت عمليات الحفر في حزيران 2015، وكان النفق يصل بين زملكا والقابون، وله تفرّع آخر يصل بين عربين والقابون، ويبلغ طوله 3 كيلومترات، ويمكن أن تمر داخله شاحنات وعربات “بي إم بي”.

حركة “أحرار الشام” حاولت كذلك حفر نفق للسيارات، واستمرت بحفره حتى مطلع 2017، لكن توتر الأوضاع في القابون تسبب في عدم إكمال الحفر.

وإلى جانب تلك الأنفاق الرئيسة، توجد أنفاق صغيرة فرعية، بعضها عسكرية على خطوط الجبهات، كالأنفاق الموجودة في عين ترما وزملكا وجوبر، وبعضها الآخر مخصص كملاجئ للمدنيين وتربط بين الأقبية، وتنتشر في الأماكن البعيدة عن خطوط الجبهات، كالأنفاق في سقبا وحمورية وكفربطنا.

مقالات متعلقة

  1. حكومة النظام تتراجع عن استثمار أنفاق الغوطة الشرقية
  2. الأنفاق.. ذريعة النظام للإغلاق والهدم في الغوطة الشرقية
  3. النظام السوري يدرس استثمار أنفاق الغوطة الشرقية
  4. عمولات التحويلات المالية ترتفع أربعة أضعاف في الغوطة

خدمات محلية

المزيد من خدمات محلية